سعي انقلابي للسيطرة على جامعات صنعاء الأهلية ومناطق نفوذ «الجماعة»

مراقبون يتحدثون عن ضغوط تتعرض لها المنشآت التعليمية الخاصة

يمنيان في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيان في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

سعي انقلابي للسيطرة على جامعات صنعاء الأهلية ومناطق نفوذ «الجماعة»

يمنيان في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
يمنيان في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

كثف الميليشيات الحوثية من اعتداءاتها وفرض قيودها على العشرات من الجامعات الخاصة في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها ضمن توجه حوثي يسعى لتضييق الخناق ثم فرض السيطرة الكاملة على ما تبقى من القطاع الخاص، ولا سيما فيما يتعلق بمجال التعليم العالي.
وتنوعت طرق وأساليب الميليشيات الحوثية في استهدافها المتكرر للجامعات الخاصة في صنعاء ومدن يمنية أخرى لتشمل الإغلاق والاعتداء والاعتقال، فضلا عن فرض إتاوات والتهديد والوعيد بالنفي، والتصفية الجسدية لكل من يخالف قرارات الميليشيات المتخذة حيال أي جامعة أهلية.
وفي هذا الصدد، استكملت الميليشيات الأحد الماضي السيطرة على جامعة العلوم والتكنولوجيا بصنعاء التي تعد كبرى الجامعات الأهلية في اليمن. وأكدت مصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين وعقب اقتحام عناصرها حرم الجامعة نصبت رئيساً جديداً من أتباعها الطائفيين على جامعة العلوم والتكنولوجيا، مستغلة في الوقت نفسه حيلة ما يعرف بـ«الحارس القضائي» في عزل واختطاف رئيس الجامعة وفرض السيطرة الكاملة عليها.
وتحدثت المصادر عن اختطاف الميليشيات لرئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور حميد عقلان، ونقله إلى أحد السجون السرية الخاضعة لسيطرتها، وفرضت أحد اتباعها ويدعى «عادل المتوكل» رئيسا لها. وطبقا لأكاديميين وعاملين في جامعة العلوم والتكنولوجيا، فقد عممت الميليشيات الحوثية على موظفي الجامعة قرارا يقضي بالإحاطة علما بأنه تم تعيين رئيس للجامعة يدعى عادل المتوكل وهو أحد أبناء السلالة الهاشمية، وسبق أن تم تعيينه رئيساً لجامعة آزال قبل نحو شهر كما تم تعيينه العام الماضي كعميد لكلية الطب جامعة عمران.
وأشار الأكاديميون والعاملون إلى استمرار الميليشيات في إخفاء رئيس الجامعة المختطف من قبلها، ومنع أسرته وزملائه من التواصل معه أو التعرف على مكانه.
وبحسب الأكاديميين، تعد جامعة العلوم والتكنولوجيا، ومقرها الرئيسي صنعاء، أكبر وأقدم الجامعات الخاصة في اليمن، والتي تعود ملكيتها لمستثمرين ومؤسسات يمنية، وتعمل منذ عام 1992، وتخرج فيها آلاف الطلبة اليمنيين والعرب في مختلف التخصصات العلمية. وأوضحوا أن جامعة العلوم خضعت على مدى سنوات الانقلاب، لعمليات ابتزاز ونهب واستيلاء واسعة طالت كثيرا من مواردها وأرصدتها على يد الميليشيات الحوثية.
ومنذ انقلابها على السلطة الشرعية، أجبرت جماعة الحوثي جامعة العلوم، ومعظم الجامعات الخاصة على دفع إتاوات ومبالغ مالية كبيرة كمجهود حربي وتحت أسماء غير قانونية أخرى.
وباستخدام حيلة «الحارس القضائي» استولت الجماعة الحوثية في السابق، على العشرات من المؤسسات الأهلية والخاصة في العاصمة صنعاء، حيث تقدم الميليشيات من خلالها وعبر عناصرها وأتباعها على احتلال المؤسسات الخاصة، والعبث بمحتوياتها والتحكم بمواردها المالية والإدارية وتحويلها لخدمة الميليشيات وأجندتها الطائفية.
ولم تكن جامعة العلوم والتكنولوجيا هي الأولى وليست الأخيرة، التي طالتها استهدافات وعبث ونهب ومصادرة الميليشيات الحوثية، حيث تعرض كل من رئيس وأمين عام جامعة آزال للتنمية البشرية في صنعاء، أواخر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، للتهديد بالاعتقال والحبس أو النفي خارج البلاد، من قبل عناصر تابعة للميليشيات الحوثية.
واعتبر حينها مصدر أكاديمي في الجامعة أن تلك التهديدات تأتي تواصلا لتهديدات سابقة ومماثلة تلقتها جامعة آزال وقيادتها، وضمن صراع مع نافذين حوثيين منذ عام 2015. وأشار المصدر الأكاديمي بجامعة آزال، خلال تصريحات له، إلى اعتقال الميليشيات الحوثية للأمين العام للجامعة الدكتور حميد العمراني والمدير المالي للجامعة جلال الفقيه خلال عام 2018، وإيداعهما السجن، بهدف تضييق الخناق والضغط على قيادة الجامعة لترضخ لأوامر الجماعة الحوثية التي تقضي بتسليم الجامعة دون قيد أو شرط لأتباعها. وعلى صلة بالموضوع، أكد مسؤولون وموظفون بجامعات أهلية في صنعاء تعرضت جامعاتهم للإجراءات والتعسفات نفسها التي ما زالت تتعرض لها جامعات أخرى من بينها «العلوم والتكنولوجيا».
وأفاد المسؤولون والموظفون في جامعات «تونتك واللبنانية والمستقبل والناصر والوطنية والحكمة وغيرها» بأن جامعاتهم تعرضت وما تزال للمزيد من القيود وكل أشكال التضييق والابتزاز والتهديد وغيرها.
وبدورهم، تحدث مراقبون ومهتمون محليون عن حجم الضغوط والابتزازات التي تواجهها الجامعات الأهلية في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى. وأكد الأكاديميون أن الجامعات الخاصة الواقعة تحت قبضة الميليشيات تعاني اليوم أكثر من أي يوم مضى من عمليات اعتداء وابتزاز ونهب منظمة.
ولفت المراقبون إلى تحكم الميليشيات الانقلابية بكل قرارات وخطط وتوجهات أغلب الجامعات الخاصة في صنعاء. وقالوا إن «الجماعة باتت اليوم وعبر الحارس القضائي ووزارة التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات» تتحكم بعملية التسجيل وإقرار المساقات الدراسية والإشراف على الأنشطة والفعاليات لمختلف الجامعات الخاصة والأهلية في مناطق سيطرتها.
وطبقا للمراقبين والمهتمين، أوجدت هيمنة الميليشيات وسطوتها على الجامعات حالة من التلاعب التي ساهمت في انتشار الوساطات والمحسوبيات وزيادة الضغوط الاجتماعية، ونهب المال العام وابتزاز الجامعات الخاصة بإتاوات دون وجه حق واستغلال العملية التعليمية برمتها لخدمة الميليشيات.
ومنذ اجتياح الميليشيات الحوثية العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى، سعت الجماعة وبكل ما أوتيت من جهد وطاقة، لارتكاب أبشع الممارسات بحق المؤسسات التعليمية العليا بمناطق سيطرتها، وعملت أكثر من مرة على انتهاك حرم جامعة صنعاء وجامعات يمنية أخرى، بغية حرفها عن مسارها الأكاديمي، وتحويلها إلى ثكنات لمسلحيها من جهة، وإلى مسرح مفتوح لممارسة الطائفية والعبث والنهب والسرقة من جهة أخرى.
وفي وقت سابق، أشار مسؤولون في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الميليشيات عمدت منذ انقلابها، على تحويل جامعتهم من صرح أكاديمي علمي بارز إلى ساحة لتنفيذ نشاطاتها وأهدافها وبرامجها الطائفية السلالية.
وأكدوا أن الميليشيات الطائفية من خلال جرائمها بحق هذا الصرح وسعيها لملشنة كل من ينتمي إليها، تسببت في إلغاء تصنيف الجامعة التي تعد الجامعة الحكومية الأولى في اليمن وجامعات يمنية أخرى، من معهد التصنيف العالمي في الصين. وهو المعهد الذي يُعتمد عليه عالمياً، بحسب الأكاديميين، في تقييم جامعات العالم سنويا.
وأضاف المسؤولون أن الجماعة كثفت انتهاكاتها بحق قطاع التعليم بمناطق سيطرتها وأوصلته إلى المرحلة التي بات اليوم غير معترف به، ولم يعد موجودا حتى ضمن قائمة التعليم الدولي.
واعتبروا أن استمرار الميليشيات في استهدافها لقطاع التعليم العالي في مناطق سيطرتها، سيضع سمعة ومكانة ومستقبل جامعة صنعاء والجامعات اليمنية الأخرى على المحك.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.