«الوفاق» تعلن إسقاط طائرة لـ«الجيش الوطني» وسط انحسار معارك طرابلس

«مرتزقة تركيا» يحتفلون في العاصمة بتلقي رواتبهم مقابل القتال في صفوف الميليشيات

سيارة لشرطة النجدة وسط دمار في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس (أ.ب)
سيارة لشرطة النجدة وسط دمار في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس (أ.ب)
TT

«الوفاق» تعلن إسقاط طائرة لـ«الجيش الوطني» وسط انحسار معارك طرابلس

سيارة لشرطة النجدة وسط دمار في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس (أ.ب)
سيارة لشرطة النجدة وسط دمار في منطقة تاجوراء شرق العاصمة طرابلس (أ.ب)

خفتت حدة المعارك بين «الجيش الوطني» الليبي وقوات حكومة «الوفاق» في طرابلس، أمس، بينما احتفل «مرتزقة موالون لتركيا» في العاصمة الليبية بتلقي رواتبهم مقابل قتالهم في صفوف حكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج.
وانتشر على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقطع «فيديو»، أعادت بثه وسائل إعلام محلية يُظهر على ما يبدو مرتزقة، قيل إنهم من ميليشيات (فيلق الرحمن) الموالية لـتركيا، وهم يحتفلون بحصولهم على رواتبهم بالدولار الأميركي والدينار الليبي، مكافأةً لهم على قتالهم لصالح حكومة السراج، وفقاً لتلك الوسائل.
ويقضي قرار بثته وسائل إعلام محلية، لكن لم تنشره الحكومة، بتخصيص مليار دينار ليبي لوزارة الدفاع بحكومة السراج، يتم خصمه من الترتيبات المالية الاستثنائية لسنة 2020، وسيتم توزيعه على أوجه صرف، من بينها 300 مليون دينار لدعم العمليات العسكرية والأمنية.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية للجيش الوطني، عن سكان في العاصمة طرابلس استمرار توافد المرتزقة الموالين لتركيا، رغم الهدنة المعلنة، حيث رأى هؤلاء أن الوضع يوشك على الانفجار في المدينة، وسط ما وصفوه باستفزازات المرتزقة، وانتشارهم في شوارع العاصمة ليلاً ونهاراً.
كان تقرير مقتضب منسوب إلى استخبارات «الجيش الوطني» قد تحدث عن وجود جثث عشرات المسلحين السوريين داخل أكياس في ثلاجة المستشفى المركزي في العاصمة طرابلس، مبرزاً أن «الميليشيات تمنع الأطباء الشرعيين من تشريح الجثامين»، لكنه لم يوضح عدد القتلى، أو مكان وزمان مقتلهم.
إلى ذلك، قالت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها القوات المسلحة الموالية لحكومة السراج، إن دفاعاتها الجوية نجحت في إسقاط طائرة مسيّرة للجيش الوطني شرق مدينة مصراتة، ونشرت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لقطات فيديو وصوراً فوتوغرافية تُظهر حطام الطائرة. لكن الجيش نفى هذه المعلومات، وقال في بيان مقتضب للمركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع له، إن ميليشيات مصراتة أسقطت طائرة تركية بالخطأ، وتدّعي أنها طائرة مسيّرة لقوات الجيش.
ميدانياً، خفت حدة المعارك في العاصمة طرابلس بين قوات الطرفين، أمس، لكنّ وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج نقلت عن مسؤول بوزارة الصحة مقتل طفلين وإصابة 2 آخرين جراء سقوط قذيفة هاون، اتهم قوات الجيش بإطلاقها على منطقة الهضبة.
كانت عملية «بركان الغضب» قد أعلنت عما وصفتها بفاجعة في طرابلس، بعد قذائف عشوائية سقطت إحداها في ساحة خلف مدرسة بهذه المنطقة، مشيرةً إلى تقارير أولية بوقوع وفيات وإصابات لعدد غير محدد من الأطفال. لكن «الجيش الوطني» نفى مجدداً هذه الاتهامات، وقال في المقابل إن ميليشيات المرتزقة السوريين هي المسؤولة عن الرماية العشوائية التي تخرج من قاعدة ومطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، وتحاول إلصاق الاتهامات بشأنها بقوات الجيش.
بدوره، أكد خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة الموالي لحكومة السراج، خلال اجتماعه مساء أول من أمس، في طرابلس، مع القائم بأعمال السفارة البريطانية نيكولاس هوبتون، أن الخرق المستمر للهدنة، ومهاجمة منطقة أبو قرين والاعتداءات المستمرة على مطار طرابلس، وإقفال الحقول النفطة، «تدل بوضوح على عدم جدية الأطراف المعتدية في احترام أي التزام».
وعد هوبتون في بيان له «أنه لا وجود لشريك حقيقي من الطرف الآخر، يسعى لإنهاء الأزمة الليبية، وهذه النقاط من محددات الاشتراك في لقاءات جنيف». ونقل عن المسؤول البريطاني أن بلاده بصدد «إعداد مشروع قرار من مجلس الأمن الدولي يجعل الحل في ليبيا حقيقياً، بما يحث الأمم المتحدة والمجتمع الدولي على اتخاذ التدابير كافة لتحقيق وقف إطلاق النار، من خلال بعثة مراقبة وسبل أخرى».
في غضون ذلك، فجّر مصطفى صنع الله، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط الموالية لحكومة السراج، مفاجأة كبيرة بكشفه النقاب عن أن أحداً لم يستشر المؤسسة في الاتفاق البحري المثير للجدل الذي وقّعته حكومة السراج مع تركيا خلال الشهر الماضي، ويستهدف إقامة منطقة اقتصادية خالصة تمتد من الساحل التركي الجنوبي على البحر المتوسط إلى سواحل شمال شرقي ليبيا.
وأكد صنع الله مساء أول من أمس، في كلمة ألقاها في ندوة بلندن، ونشرها أمس الموقع الإلكتروني الرسمي للمؤسسة، أنه «يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أنه إذا غضّ النظر، أو حتى كافأ أولئك الذين ينتهكون القانون في ليبيا، فسيكون بذلك متساهلاً، وسيساعد على تقويض سيادة القانون في بلدنا، وهذا يعني المزيد من الفساد، والمزيد من الجريمة، والمزيد من الظلم والمزيد من الفقر».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.