اتفاق على توسيع الحكومة اللبنانية

بعد لقاء جمع دياب مع فرنجية وممثلي «حزب الله» و«أمل»

TT

اتفاق على توسيع الحكومة اللبنانية

استمرت الجهود والاتصالات لتذليل العُقد التي تعطل إعلان الحكومة اللبنانية الجديدة، خصوصاً الخلاف بين الحلفاء حول توزيع الحصص الوزارية، إذ اتفق أمس على توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً، ما يعني إرضاء القوى المعترضة على حجمها، ما من شأنه أن يؤدي إلى الإعلان عن التشكيلة في أي وقت خلال الساعات المقبلة إذا لم يطرأ أمر غير متوقع.
وبعد اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المكلف حسان دياب برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، أول من أمس، عقد دياب أمس لقاء على مائدة الغداء مع رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية وممثل «حزب الله» المساعد السياسي لأمين عام الحزب حسين الخليل وممثل «حركة أمل» وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل.
وتركز البحث في اجتماع، أمس، على آخر العقد العالقة، وتلك المرتبطة بمطالبة فرنجية بوزيرين ورفضه أن يحصل وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل على الثلث المعطل في الحكومة، عبر حصته وحصة رئاسة الجمهورية، وهو ما لا يقبل باسيل التنازل عنه، إذ كان اقتراح الحل القديم الجديد بتشكيل حكومة من 20 وزيراً بدل 18 لإرضاء كل القوى المعترضة على حصتها.
وقالت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إن دياب لم يرفض الطرح على الإطلاق، إنما طلب وقتاً قصيراً للبحث به، مرجحة أن تكون النتيجة إيجابية وتؤدي إلى «الإعلان عن الحكومة في الساعات القريبة»، فيما أكدت مصادر أخرى مطلعة على الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» أن الغداء شهد تواصلاً مع باسيل واتفاقا على حكومة من 20 وزيراً، وهو ما قبل به دياب، على أن يكون الوزيران الإضافيان لـ«المردة» و«الحزب القومي» ويكون ممثلاً بوزير درزي، ما سيرضي أيضاً الدروز الذين كانوا يطالبون بوزيرين بدل وزير واحد. وأشارت المصادر إلى أن هذا الاتفاق «عبّد الطريق أمام الحكومة التي بات من المتوقع أن يعلن عنها قريباً ما لم يطرأ أي أمر غير متوقع».
أتى ذلك في وقت جدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري دعوته إلى الإسراع بتشكيل الحكومة. وقال في سلسلة تغريدات عبر «تويتر» إن «الجيش والقوى الأمنية كافة تتولى مسؤولياتها في تطبيق القوانين ومنع الإخلال بالسلم الأهلي، وهي تتحمل يومياً نتائج المواجهات مع التحركات الشعبية»، لافتاً إلى أن «الاستمرار في دوامة الأمن بمواجهة الناس يعني المراوحة في الأزمة وإصراراً على إنكار الواقع السياسي المستجد».
وقال إن «حكومتنا استقالت في سبيل الانتقال إلى حكومة جديدة تتعامل مع المتغيرات الشعبية لكن التعطيل مستمر منذ 90 يوماً فيما البلاد تتحرك نحو المجهول والفريق المعني بتشكيل حكومة يأخذ وقته في البحث عن جنس الوزارة». وشدّد على أن «المطلوب حكومة جديدة على وجه السرعة تحقق في الحد الأدنى ثغرة في الجدار المسدود وتوقف مسلسل الانهيار والتداعيات الاقتصادية والأمنية الذي يتفاقم يوماً بعد يوم»، لافتاً إلى أن «استمرار تصريف الأعمال ليس هو الحل، فليتوقّف هدر الوقت ولتكن حكومة تتحمل المسؤولية».
من جهته، انتقد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي طريقة التعامل مع تأليف الحكومة، داعياً الرئيس المكلف إلى القبول بحكومة من 20 وزيراً «لحل الخلاف السخيف». وقال في تصريح: «أستطيع أن أقول إنه في تاريخ العمل السياسي وفي تاريخ لبنان السياسي لم تتعرض الشرعية السياسية في البلد للإهانة التي تتعرض لها اليوم، ليس في الشتائم التي يطل بها هذا أو ذاك من المحتجين، بل في الأسلوب الذي يتم التعامل به مع تأليف الحكومة، في هذا الاستخفاف بالرأي العام النيابي، هذا التصرف الذي لا علاقة له بمحاصصات وموازين بل بشراهة ونوع من الأمية السياسية».
وأضاف «هناك كلمة أريد أن أتوجه بها إلى الرئيس المكلف، ولا أحمله وحده مسؤولية هذا العمل، بل أقول له إن شعار 18 وزيراً أنا ممن دعموه على قاعدة مجرد القول إن 18 وزيرا تؤدي إلى ردة فعل إيجابية وانطباع إيجابي لدى الرأي العام. أما إذا كان حل هذا الإشكال السخيف الدائر حول الحقائب والوزارات والمحاصصة، أكرر السخيف، يحل بـ20 وزيراً، فأعتقد أنه لا يجوز أيضاً أن نتمسمر بـ18 وزيرا لمجرد التمسك بهم. هذا أمر ألفت دولة الرئيس إليه، مع كل الاحترام والتقدير له».
ومع دخول «حزب الله» على خط الخلاف بين حلفائه، بشكل مباشر، دعا أمين عام الحزب نعيم قاسم المعنيين بتشكيل الحكومة إلى «بذل التضحيات بعيداً من الحصص والتوزير». وقال: «نعرف أن آمال الناس بـ(حزب الله) كبيرة ونسمع البعض يقول أنتم كحزب تستطيعون تشكيل الحكومة. نشكر هذه الثقة لكن في الحقيقة لا نستطيع أن نشكلها وحدنا، فنحن جزء، ولا بد من إقناع الأجزاء الأخرى والتعاون مع الكتل».
ووعد بـ«استمرار الحزب في بذل كل الجهود لتكون ولادة الحكومة قريبة قدر الإمكان حتى لا نصل إلى المزيد من التدهور المالي والاقتصادي والاجتماعي». وشدّد على «ضرورة أن يضغط الجميع والمساهمة في إخراج الحكومة من القمقم وتكون بعد ذلك حكومة كل لبنان لأن طريقة اختيارها حصلت وفق الآليات الدستورية، منهم من وافق ومنهم من لم يوافق، لكن في النهاية عندما تتشكل ستكون حكومة لبنان لأنها تشكلت وفق القواعد المعتمدة بطريقة قانونية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.