مطالب برلمانية ونقابية في مصر بمحاسبة مسؤولي وزارة الصحة

بعد حادث «طبيبات المنيا» الذي خلف 4 قتلى

TT

مطالب برلمانية ونقابية في مصر بمحاسبة مسؤولي وزارة الصحة

تصاعدت حالة الغضب في مصر ضد وزارة الصحة، بعد حادث سير «طبيبات المنيا» على طريق «الكريمات» (جنوب القاهرة)، الذي أودى بحياة أربعة أشخاص، بينهم طبيبتان وسائق وعامل، وإصابة 17 آخرين من الأطباء والطبيبات، وطالب برلمانيون وأطباء بمعاقبة المتسببين في الحادث من مسؤولي مديرية الطب بالمنيا، ووزارة الصحة لإجبار الأطباء على السفر إلى القاهرة لحضور دورة تدريبية.
وقال أقارب الضحايا وأعضاء بنقابة أطباء المنيا إنه «تم إصدار أوامر إدارية متعسفة من قبل مديرية الطب بالمنيا (جنوب القاهرة)، تلزم الأطباء من خريجي دفعة عام 2017 للسفر إلى القاهرة في وقت غير كاف، ما دفعهم إلى الركوب في ميكروباص في ساعات الصباح الأولى، وبسبب كثافة الشبورة المائية على الطريق تعرض الميكروباص لحادث مروع، وتوفي بعضهم في الحال».
وشن عدد كبير من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي حملة ضد وزيرة الصحة، وأطلقوا «هاشتاغا» يطالب بإقالتها. وتسبب بيان وزارة الصحة، الذي أعقب الحادث، في سخرية واستياء عدد كبير من المتابعين والأطباء لأن أحد القرارات، التي صدرت لامتصاص غضب الأهالي، كانت غريبة، حيث أعلنت الوزارة عن ضم والدي الطبيبتين المتوفيتين للبعثة الطبية للحج هذا العام، وإطلاق اسمي الضحيتين على الوحدتين الطبيتين، اللتين كانتا تعملان بهما تكريما لهما، دون الانتباه إلى أن إحدى الضحيتين، وتدعى سماح نبيل مسيحية الديانة، وقد شيعت جنازتها صباح أمس من كنيسة السيدة العذراء للأقباط الكاثوليك بمدينة المنيا.
وتصاعدت حدة الغضب أيضاً بعد كتابة الطبيبة الشابة فاطمة موسى، التي لم تلحق بزملائها في «ميكروباص الموت»، منشوراً على موقع «فيسبوك» قالت فيه إن «الإدارة الطبية اتصلت بها صباحاً، ليس بغرض الاطمئنان عليها، ولكن لإخبارها بتحويلها للتحقيق لعدم حضور الدورة التدريبية بالقاهرة»، وقالت فاطمة متهكمة: «(يا نموت يايحولونا شؤون قانونية)، وقد لاقى منشورها تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ساهم في زيادة الغضب من الوزارة».
وفي البرلمان تقدم عدد من النواب ببيانات عاجلة إلى وزيرة الصحة حول الحادث، من بينهم النائبة إليزابيث شاكر، التي قالت إنها «علمت من بعض الشبان الأطباء أن الضحايا أرغموا على الحضور للتدريب ضمن برنامج مبادرة (صحة المرأة) بالقاهرة، وهو تدريب نظري كان يمكن أن يتم داخل المحافظة أو على الإنترنت»، مشيرة إلى أنه «إذا ثبت تعرضهم للضغط والترهيب، عبر نقل من لم يشارك منهم من مكانه، فسيحاسب هذا المسؤول».
وأضافت شاكر موضحة: «ما حدث خلل إداري، وكان يجب إخطارهم بموعد التدريب قبلها بفترة كافية ليتمكنوا من إعداد أنفسهم... هذا الخلل الإداري يجب أن أسأل عنه وزيرة الصحة».
جدير بالذكر أن مجلس النواب المصري فشل قبل يومين في سحب الثقة من وزيرة الصحة هالة زايد، بعد جلسة عامة استمرت خمس ساعات، وقال رئيس المجلس علي عبد العال إن «ملف الصحة تعتريه كثير من المشاكل والتحديات، ويحتاج لمعالجة وإمكانيات»، مشيراً إلى أن 60 نائبا قدموا طلبا للمجلس لسحب الثقة من وزيرة الصحة، لكن بسبب غياب بعض النواب المطالبين بسحب الثقة منها «سقط الطلب».
وعبّر عدد كبير من المتابعين عن صدمتهم من القصص الموجعة، التي تضمنها الحادث، كما تقدمت أمس نقابة الأطباء بالمنيا ببلاغ للنائب العام للتحقيق مع كل المتسببين في هذه «المأساة»، وتكليف المستشار القانوني للنقابة باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة.
وقالت النقابة في بيان صحافي، أمس، إنها طلبت من نواب البرلمان تقديم استجوابات عاجلة لوزيرة الصحة حول الحادث، بجانب المطالبة بإنهاء المركزية لهذه الدورات، وإقامة مركز تدريب بالمحافظة، مع ضرورة التواصل والتنسيق مع النقابة في كل ما يتعلق بأنشطة المديرية، التي تخص الأطباء، ومطالبة وزارة الصحة بإجراء تعاقدات مع هيئة السكة الحديد، على غرار الهيئات الأخرى.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.