حسين شبكشي
رجل أعمال سعودي، ومستشار اقتصادي لعدد من الشركات الخليجية الكبرى، وعضو مجلس إدارة ورئيس مجلس إدارة في عدد من الشركات السعودية والأجنبية. نشر العديد من المقالات في مجالات مختصة، وفي صحف ومجلات عامة في العالم العربي. اختير عام 1995 «أحد قادة الغد» من قبل «المنتدى الاقتصادي العالمي» في دافوس. أول رجل أعمال سعودي وخليجي ينضم إلى «منتدى أمير ويلز لقادة الأعمال».
TT

ترمب والحجاج وسليماني!

العالم بأسره بات مكاناً أفضل بعد الخلاص من أحد أخطر وجوه الشر والإرهاب وأكثرهم دموية. موت قاسم سليماني ومن معه هو تحقيق لعدالة طال انتظارها في مشهد يليق بشكسبير ومسرحياته.
قدم الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقوبة فورية لذراع إيران الإرهابي قاسم سليماني كعقوبة مباشرة لقتله المقاول المدني المواطن الأميركي في العراق. ولكنه بهذا العقاب يسدد فواتير دماء العشرات من الأبرياء الذين سقطوا على يديه في دول مختلفة.
أشعل الطائفية بحروب مجنونة في اليمن وسوريا والعراق ولبنان. كان إرهابياً بامتياز. وظفه النظام الإيراني جيداً ونسج حوله سلسلة من الأساطير لتكريس صورة البطل الذي لا يقهر، وكان ينشر صوراً وأخباراً عن وجوده في أكثر من بلد في الوقت نفسه حتى ترسخ في أذهان المؤيدين الصورة الخارقة المراد توصيلها. ولعقود من الزمن وظف سليماني حياته لهذا الغرض.
قاد «الحرس الثوري»، وأوجد ميليشيات إرهابية باسم جذاب وعاطفي؛ باسم «فيلق القدس». قاتل في كل العواصم العربية إلا القدس، وصل في قبوله الشعبي بالداخل الإيراني إلى موقع أهم من الرئيس حسن روحاني وثانياً فقط بعد المرشد علي خامنئي.
يبدو دور دونالد ترمب الأخير أقرب إلى الحجاج بن يوسف، وكأنه يردد مجدداً مقولة الأخير الشهيرة: «أرى رؤوساً قد أينعت وحان وقت قطافها». يبدو جلياً أن هناك شخصيات انتهت صلاحياتها وباتت هدفاً للخلاص منها، وهذا الحدث هو رسالة مدوية لحسن نصر الله والحوثي ومن هم على شاكلته، أن «الوضع الجديد» لن يسمح بوجودهم.
السؤال المحوري والمهم الذي سيكون مفتاحاً أساسياً لفهم ما يحصل، وهو من الذي سرب المعلومات الاستخباراتية الدقيقة عن تحركات قاسم سليماني من دمشق إلى بغداد... هل هم الروس أم اختراق للمخابرات السورية بشكل عميق؟ إذا كانت المعلومة رد جميل للأميركان مقابل هدية ترمب لبوتين منذ أسبوعين، التي تم بموجبها إيقاف عمل إرهابي كبير في روسيا، فذلك يعني أن هناك غطاء دولياً لهذه العملية وهذا هو الأرجح.
مقتل قاسم سليماني وسقوط الأسطورة التي صنعها النظام الإيراني هما خسارة كبرى لإيران مهما حاولوا استغلالها عاطفياً لإثارة عواطف الناس وتوظيفها لا يوجد قاسم سليماني آخر عند إيران. إيران فقدت مصداقيتها بعد تعاونها مع الشيطان الأكبر وإدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في غزو العراق، واتفاقها بعد ذلك مع الشيطان الأكبر وإدارة الرئيس السابق باراك أوباما ومباركة دورها الأكبر في المنطقة مع إدارة دونالد ترمب... لقد تغير الوضع لأن إيران لم تعرف حدودها.