«المواجهة» الأميركية ـ الإيرانية تتصاعد... وطهران تتوعد بـ«ثأر قاس» لمقتل سليماني

قائد «فليق القدس» ونائب قائد «الحشد الشعبي» قضيا في ضربة استهدفت موكبهما في مطار بغداد

قاسم سليماني في حديث مع نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس (تسنيم)
قاسم سليماني في حديث مع نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس (تسنيم)
TT

«المواجهة» الأميركية ـ الإيرانية تتصاعد... وطهران تتوعد بـ«ثأر قاس» لمقتل سليماني

قاسم سليماني في حديث مع نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس (تسنيم)
قاسم سليماني في حديث مع نائب قائد الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس (تسنيم)

عاشت منطقة الشرق الأوسط في الساعات الماضية على وقع مخاوف من تصاعد المواجهة الأميركية - الإيرانية، بعد تهديد إيران بـ«ثأر قاس» لقتل الولايات المتحدة قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني ومستشاره في العراق نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، بضربة استهدفت موكباً كان يقلهما داخل مطار بغداد، فجر اليوم (الجمعة).
وكانت «خلية الإعلام الأمني» التابعة لمكتب رئيس الوزراء العراقي أوضحت أن ثلاثة صواريخ سقطت على مطار بغداد الدولي «قرب صالة الشحن الجوي»؛ ما أدى إلى احتراق سيارتين «وإصابة عدد من المواطنين»، قبل أن يتضح أن السيارتين كانتا ضمن موكب سليماني الذي وصل إلى المطار سراً بطائرة قبل قتله، قالت وكالة «أسوشييتد برس» إنها وصلت من لبنان، في حين قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إنها جاءت من سوريا.
وقبل إعلان مقتل سليماني والمهندس في الهجوم، أعلن «الحشد» مقتل مدير العلاقات العامة فيه محمد الجابري. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر في «الحشد»، أن خمسة أعضاء و«ضيفين» قتلوا في «غارة جوية» استهدفت سيارتين تقلانهم داخل مطار بغداد. وأضاف المصدر، أن أعضاء «الحشد» القتلى كانوا يرافقون «ضيوفاً مهمين» في المطار.
وغرّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعلم بلاده على «تويتر»، قبل دقائق من إعلان وزارة الدفاع الأميركية في بيان، أنها نفذت الهجوم بتوجيه من الرئيس، رداً على استهداف قوات أميركا ومصالحها في العراق والمنطقة، و«لردع خطط إيران» لتنفيذ هجمات جديدة.
وأكد التلفزيون الرسمي الإيراني مقتل المسؤول الأول عن العمليات الخارجية لـ«الحرس»، في حين اتهم الناطق باسم «الحشد الشعبي» أحمد الأسدي «العدو الأميركي والإسرائيلي» بالمسؤولية عن قتل المهندس وسليماني.
وقالت «هيئة الحشد الشعبي» في بيان اليوم، إن جنازات رسمية ستقام السبت لقتلى الضربة الأميركية.
ويأتي مقتل سليماني والمهندس، بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنّه مناصرون لإيران على السفارة الأميركية في بغداد.
والمهندس هو رسمياً نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي»، لكنه يعتبر على نطاق واسع قائد «الحشد» الفعلي، وأدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمتها السوداء. أما سليماني، الجنرال الإيراني واسع النفوذ، فهو قائد «فيلق القدس» المسؤول عن العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، وهو أيضاً رجل إيران الأول في العراق.
وانسحب مناصرو إيران من محيط السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء الأربعاء الماضي، لكن هجومهم غير المسبوق الذي تخلّله رشق السفارة بالحجارة وكتابة عبارات على جدرانها وإضرام النيران حولها، أثار مخاوف من أن يتحول العراق إلى ساحة لتسوية الخلافات بين إيران والولايات المتحدة.
وكان وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، أعلن الخميس أنه يتوقع أن تقوم الفصائل الموالية لإيران في العراق بشن هجمات جديدة على القوات الأميركية، متوعداً بأن الولايات المتحدة «ستجعلهم يندمون» عليها. وقال إسبر: «نشهد استفزازات منذ أشهر. هل أعتقد أنهم يمكن أن يقدِموا على فعل شيء؟ نعم. وسيندمون على ذلك على الأرجح... نحن جاهزون للدفاع عن أنفسنا، ومستعدون لصد أي تصرفات سيئة أخرى من هذه الجماعات التي ترعاها وتوجهها وتموّلها جميعاً إيران».
وحذر من أنه «إذا علمت واشنطن بهجمات جديدة قيد التحضير فسنتخذ إجراءات وقائية لحماية القوات الأميركية ولحماية أرواح أميركية».
وقال قائد الأركان الأميركي الجنرال مارك، ميلي، إن هجوم «كتائب حزب الله» على قاعدة كركوك كان هدفه «قتل أميركيين»، مضيفاً أن «إطلاق 31 قذيفة ليس إطلاق نار تحذيرياً، بل هدفه التسبب في أضرار والقتل». وأشار إسبر إلى أن كل ذلك «غيَر المعطيات... ونحن على استعداد لفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن موظفينا ومصالحنا وشركائنا في المنطقة».

الموقف الإيراني
وفي إيران، توعد المرشد الإيراني علي خامنئي بـ«ثأر قاسٍ» رداً على مقتل سليماني ونائب رئيس «الحشد الشعبي» العراقي. ونعى خامنئي، في بيان عبر موقعه الإلكتروني، سليماني. وأعلن الحداد الرسمي 3 أيام. وتوعد بـ«الثأر»، قائلاً: «ينتظر ثأر قاسٍ المجرمين».
وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن خامنئي ترأس اجتماعاً طارئاً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لبحث تداعيات مقتل قاسم سليماني.
قال خامنئي في بيان نقله التلفزيون: «فليعلم جميع الأصدقاء والأعداء أيضاً أن نهج الجهاد في المقاومة سيستمر بدوافع مضاعفة، وأن النّصر الحاسم سيكون حليف مجاهدي هذا المسار المبارك».
أما الرئيس الإيراني حسن روحاني فقال: إن مقتل سليماني «سيجعل إيران أكثر حزماً في مقاومة التوسع الأميركي والدفاع عن قيمنا الإسلامية». وتابع قائلاً بحسب «رويترز»: «بلا شك، ستثأر له إيران وغيرها من الدول التي تسعى إلى الحرية في المنطقة».

ردود عراقية
وأصدر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي بياناً أدان فيه الضربة الأميركية. وقال: «إن اغتيال قائد عسكري عراقي (أبو مهدي المهندس) يشغل منصباً رسمياً (في الحشد الشعبي) يعد عدواناً على العراق دولة وحكومة وشعباً. وإن القيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية يعد خرقاً سافراً للسيادة العراقية واعتداءً صارخاً على كرامة الوطن». ودعا مجلس النواب العراقي إلى الاجتماع لاتخاذ قرار في شأن طريقة الرد على قتل الرجلين.
كما وصف المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، الجمعة، الضربة الجوية الأميركية بـ«الاعتداء الغاشم». واعتبر السيستاني في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله عبد المهدي الكربلائي في مدينة كربلاء جنوب بغداد: «الاعتداء الغاشم بالقرب من مطار بغداد الدولي الليلة الماضي يمثّل «خرقاً سافراً للسيادة العراقية وانتهاكاً للمواثيق الدولية». وهتف الكربلائي مع المصلين «كلا كلا أميركا».
كذلك، أصدر الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، أمراً، اليوم (الجمعة)، باستئناف نشاطات «جيش المهدي» أبرز قوة مسلحة شيعية قاتلت القوات الأميركية في العراق، بعد مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. وقال الصدر، في تغريدة على موقع «تويتر»: «كمسؤول المقاومة العراقية الوطنية أعطي أمراً بجهوزية المجاهدين، ولا سيما (جيش الإمام المهدي) و(لواء اليوم الموعود) ومن يأتمر بأمرنا من الفصائل الوطنية المنضبطة، لنكون على استعداد تام لحماية العراق»، ودعا الصدر الجميع للتحلي بـ«الحكمة والحنكة».
ودعا حزب الدعوة الإسلامية في العراق بزعامة نوري المالكي، الجمعة، الحكومة العراقية إلى إعادة النظر بالعلاقات مع الإدارة الأميركية. ووصف حزب الدعوة الإسلامية في بيان عملية مقتل سليماني والمهندس بأنها «عمل مشين يكشف بوضوح العنجهية الاستكبارية التي تنتهجها السياسة الأميركية في تنفيذ طموحاتها ومشروعها الرامي إلى السيطرة على المنطقة».

دمشق و«حزب الله»
وفي دمشق، أدانت السلطات السورية، الجمعة، «العدوان الأميركي الجبان» الذي أدى إلى مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس في بغداد، معتبرة أنه «تصعيد خطير للأوضاع في المنطقة»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا). ونقلت الوكالة عن مصدر في وزارة الخارجية السورية في دمشق قوله، إن سوريا «واثقة بأن هذا العدوان الأميركي الجبان الذي أدى إلى ارتقاء كوكبة استثنائية من قادة المقاومة لن يؤدي إلا إلى المزيد من الإصرار». وأشار المصدر، بحسب البيان، إلى أن الضربة الأميركية «تؤكد مجدداً مسؤولية الولايات المتحدة عن حالة عدم الاستقرار التي يشهدها العراق الشقيق وذلك في سياق سياساتها الرامية إلى خلق التوترات وتأجيج الصراعات في دول المنطقة».
وفي بيروت، دعا الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، الجمعة، إلى «القصاص العادل» من قتلة قاسم سليماني. وقال نصر الله في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «القصاص العادل من قتلته المجرمين الذين هم أسوأ أشرار هذا العالم سيكون مسؤولية وأمانة وفعل كل المقاومين والمجاهدين على امتداد العالم». وأضاف: «أما نحن الذين بقينا بعده، فسنكمل طريقه وسنعمل في الليل والنهار لنحقق أهدافه». وتابع: «سنحمل رايته في كل الساحات والميادين والجبهات، وستتعاظم انتصارات محور المقاومة» نتيجة مقتله، في إشارة إلى التحالف بين إيران وسوريا و«حزب الله».
وفي تل أبيب، أفيد بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قطع، الجمعة، زيارته الرسمية لليونان ليعود إلى إسرائيل بعد مقتل القائد قاسم سليماني، وسط استنفار إسرائيلي على الحدود خشية هجمات تقوم بها جماعات موالية لإيران، سواء في قطاع غزة أو على الحدود مع لبنان وسوريا. ووصل نتنياهو إلى أثينا الخميس، حيث وقّع اتفاقاً مع قبرص واليونان يتعلق بمشروع أنبوب للغاز، وكان يفترض أن يبقى في اليونان حتى السبت. لكنه قرر اختصار زيارته بعد إعلان مقتل قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري.



إسرائيل ترفض اتهامات إيران حول مسؤوليتها عن سقوط الأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
TT

إسرائيل ترفض اتهامات إيران حول مسؤوليتها عن سقوط الأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع يسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة في مرتفعات الجولان (د.ب.أ)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم (الأربعاء)، رفض الدولة العبرية الاتهامات الإيرانية بوجود «مؤامرة أميركية - إسرائيلية مشتركة» للإطاحة بنظام الأسد في سوريا، متهماً إيران بمحاولة إقامة «جبهة شرقية» على الحدود مع الأردن، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال كاتس خلال جولة مع قادة عسكريين على الحدود الأردنية، إن المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، «اتهم اليوم إسرائيل بسقوط الأسد... على خامنئي أن يلوم نفسه» بدلاً من ذلك، ويكف عن تمويل المجموعات المسلحة «في سوريا ولبنان وغزة لبناء الأذرع التي يوجهها في محاولة لهزيمة دولة إسرائيل».

وأضاف وزير الدفاع: «جئت اليوم إلى هنا لأضمن أن إيران لن تنجح في بناء ذراع الأخطبوط التي تخطط لها، وتعمل على إنشائها هنا من أجل إقامة جبهة شرقية ضد دولة إسرائيل».

وأشار كاتس إلى أن إيران تقف وراء «محاولات تهريب الأسلحة وتمويل وتعزيز الإرهاب (في الضفة الغربية المحتلة) عبر الأردن».

وقال إنه أصدر تعليمات للجيش «بزيادة العمليات الهجومية ضد أي نشاط إرهابي» في الضفة الغربية و«تسريع بناء السياج على الحدود الإسرائيلية - الأردنية».

في خطابه الأول منذ سقوط نظام الأسد، الأحد، اتهم خامنئي الولايات المتحدة و«الكيان الصهيوني» بالتخطيط للإطاحة بالأسد.

وأوضح: «لا يجب أن يشكك أحد في أن ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط أميركي صهيوني مشترك».

وكان للأسد دور استراتيجي في «محور المقاومة» الإيراني المناهض لإسرائيل.