القضاء يمهّد الطريق لنتنياهو للمنافسة على رئاسة الحكومة مجدداً

في جلسة للمحكمة عقدت في ظل مظاهرات لليمين

TT

القضاء يمهّد الطريق لنتنياهو للمنافسة على رئاسة الحكومة مجدداً

في ظل مظاهرات لليمين أضفت أجواء تخويف وترهيب، وارتفعت فيها شعارات تقول «المحكمة العليا ضد إسرائيل»، عُقدت هيئة من 3 قضاة في المحكمة العليا، أمس (الثلاثاء)، للبحث في دعاوى تطلب منع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من الترشح لرئاسة الحكومة من جديد، وتمنع رئيس الدولة، رؤوبين رفلين، من تكليف نتنياهو، وذلك بسبب وجود 3 لوائح اتهام ضده بالفساد. وقررت المحكمة تأجيل البت في الموضوع، مما يفسر على أنه تمهيد لقرار يقضي بعدم التدخل.
وقالت رئيسة المحكمة العليا التي ترأست الجلسة، القاضية إستير حيوت، إن المسألة مركبة، وليس بالضرورة البت فيها فوراً، كما يطلب المدعون. وعبرت، خلال الجلسة، عن حيرتها في الموضوع، وتحسبها من الدخول في مناقشة معمقة للالتماس، وقالت: «اليوم، لا يوجد نص قانوني يمنع المدعى عليه رقم 2 (أي نتنياهو) من المنافسة في الانتخابات، ونحن لا نعرف بعد كيف ستكون نتائج هذه الانتخابات (البرلمانية)، حيث إنها ستجرى في 2 مارس (آذار) 2020. وبعد انتهاء الانتخابات، وفي ضوء نتائجها، ستنتقل الكرة إلى رئيس الدولة الذي يملك كامل الصلاحيات لمنح كتاب التكليف لمن يراه مناسباً، بموجب مشاورات مع رؤساء الكتل، فلماذا نستبق الحوادث ونقرر الآن وليس في المرحلة المقبلة؟».
وقد تذمر مقدمو الالتماس من هذا التوجه، وقال أحد ممثلي المدعين، وهم 67 شخصية عامة، ومعهم حركة «نقاوة الحكم»، إن المحكمة لم تأخذ بالاعتبار أن المسألة ملحة، لأن الحديث يجري عن حالة فريدة في التاريخ الإسرائيلي، يتقدم فيها قائد متهم بالفساد الخطير لأخذ صلاحية الحكم وهو يدوس على القانون وعلى تقاليد الحكم السليم.
لكن أوساطاً سياسية كثيرة، بمن في ذلك قادة في المعارضة، أبدوا تفهماً لقرار المحكمة. وقال أحد قادة «كحول لفان»، النائب يوعز هندل، إن حزبه يريد أن يسقط نتنياهو بقرار من الشعب، وليس من المحكمة. وأضاف: «هذه مسؤولية كبرى أعتقد أن الجمهور سيؤديها على نحو رائع، فشعبنا لن يسامح نتنياهو على الفساد. وإذا كانوا قد صوتوا له في الانتخابات الأخيرة، فالصورة لم تكن واضحة، وكانت هناك رسالة من المستشار القضائي يقول فيها إنه ينوي تقديم لوائح اتهام، أما الآن فتوجد لوائح اتهام. والليكود الذي خسر في حينه 300 ألف صوت، سيخسر اليوم أكثر من ذلك بكثير».
وقال الرئيس رفلين إن «الديمقراطية هي إرادة الشعب، لكن يتعين على الشعب أن تكون لديه مشيئة صحيحة. وينبغي الدفاع عن منتخبي الشعب من إمكانية الإطاحة بهم خلافاً لمشيئة الشعب». وقال مندوب المستشار القضائي للحكومة إنه «لا ينبغي أن يسقط المستشار في أي حفرة يحفرونها أمامه. إنهم يحاولون إدخال المؤسسة القضائية إلى المؤسسة السياسية، وهذا حقل ألغام يمكن الدخول إليه فقط عندما لا يكون هناك من مفر».
وأما نتنياهو، فصرح بأن «هناك من يحاول جرّ المحكمة العليا إلى داخل الحلبة السياسية لكي يشوّه صورتي، ويمنع ترشيحي لرئاسة الحكومة عبر القضاء، وهي أسهل الطرق. ولكنني لا أتصور أن المحكمة العليا لدولة إسرائيل ستقع في هذه المصيدة. ففي النظام الديمقراطي، الشعب يقرر من يقوده، وليس أي أحد غيره. ولا يقبل العقل ولا المنطق أن يقرر القضاة، أو المستشار القضائي للحكومة، بدلاً من الجمهور الواسع ومندوبيه، من يمكنه إدارة الدولة ومن لا يمكنه. فهذه ليست قضية قانون أبداً، وجدير أن يتم رد الالتماس».
وكان أنصار نتنياهو قد دعوا إلى مظاهرات ضد المحكمة، بغية الضغط على القضاة، استهلوها مساء أول من أمس (الاثنين) في تل أبيب، واستمرت أمس (الثلاثاء) أمام مقر المحكمة العليا في القدس، ومظاهرات أخرى في عدة مواقع في القدس. ومن بين الشعارات التي حملوها: «لا ثقة بالنيابة العامة ولا القضاء» و«المحكمة العليا ضد شعب إسرائيل» و«فقط الشعب يقرر»، إلخ.
يذكر أن نتنياهو الذي تتهمه النيابة بتلقي رشى، وبالاحتيال وخيانة الأمانة، توجه إلى رئيس الكنيست (البرلمان)، يولي أدلشتاين، يبلغه بأنه قرر تقديم طلب الحصول على حصانة برلمانية تمنع محاكمته. وعندما يتقدم رسمياً بهذا الطلب، فإن المحاكمة ستؤجّل بشكل تلقائي، لأنه يحتاج إلى قرار من لجنة الكنيست، وهذه اللجنة لم تقم ولم تعمل منذ نحو السنة، لأن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) حل نفسه 3 مرات في السنة الأخيرة.
وبحسب القانون الإسرائيلي، فإنه إذا تقدم نتنياهو بطلب الحصانة -علماً بأن المهلة التي منحه إياها مندلبليت في هذا الخصوص (30 يوماً) تنتهي خلال 3 أيام- سيتعين على لجنة الكنيست مناقشتها. وحتى ذلك الحين، لن يتم تقديم لائحة الاتهام ضده إلى المحكمة المركزية في القدس.
وبما أن اللجنة لم تشكل منذ الانتخابات العامة الإسرائيلية التي أجريت في أبريل (نيسان) الماضي، ولن يتم تشكيلها إلا بعد الانتخابات المقررة في الثاني من مارس (آذار) المقبل على أقرب تقدير، فلن تشرع لجنة الكنيست بمناقشة منح الحصانة لنتنياهو قبل عدة أشهر في جميع الأحوال. وإذا فشلت الكتل البرلمانية في تشكيل حكومة بعد الانتخابات المقبلة، كما كان الحال بعد انتخابات أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، فمن المرجح أن يتم تأجيل النقاش إلى فترة أبعد من ذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.