حادث سير يحرم رمسيس الثاني من احتفاله العالمي السنوي

المهرجان سيقتصر فقط على حفل فني في ساحة معبده بأبو سمبل

تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبده جنوب مصر.. فبراير الماضي
تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبده جنوب مصر.. فبراير الماضي
TT

حادث سير يحرم رمسيس الثاني من احتفاله العالمي السنوي

تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبده جنوب مصر.. فبراير الماضي
تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبده جنوب مصر.. فبراير الماضي

في لافتة إنسانية، ألغت السلطات المحلية جنوب مصر، الاحتفال بتعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني في معبده الكبير بمدينة أبو سمبل قرب مدينة أسوان بجنوب البلاد، وهي الظاهرة التي لا تتكرر إلا مرتين في العام. وقال محافظ أسوان مصطفى يسري، إن «الاحتفال هذا العام ستقتصر فعالياته على مدينة أبو سمبل فقط، في إطار حرص المحافظة على مراعاة حالة الحزن لأسر ضحايا حادث سير وقع على الطريق الصحراوي الغربي الأسبوع الماضي».
واعتادت السلطات المصرية ممثلة في وزارتي السياحة والآثار ومحافظة أسوان، إقامة مهرجان عالمي كل عام لنقل تعامد الشمس، مباشرة إلى دول العالم، وكذا الاحتفال بالتعامد في مدينة أسوان السياحية، لكن هذا العام سيقتصر الاحتفال في أبو سمبل فقط.
وقال الأثري أحمد سعد بآثار أسوان، إن «الظاهرة تحدث سنويا يومي 22 فبراير (شباط) و22 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، تقطع خلالها أشعة الشمس مسافة قدرها 60 مترا لتصل إلى داخل المعبد، وتحديدا في صالة قدس الأقداس».
وأكملت محافظة أسوان أمس، استعداداها للاحتفال، حيث ستتضمن فاعليات الاحتفال عروضا فنية متنوعة من فرق الفنون الشعبية والموسيقى العربية، بجانب تقديم عروض ديفيليه لفرق الفنون الشعبية داخل مدينة أبو سمبل السياحية، يشارك فيها 6 فرق هي أسيوط والشرقية والمنوفية وملوي، بالإضافة إلى فرقتي أسوان وتوشكى للفنون الشعبية.
وقال محافظ أسوان اللواء يسري، إن «التعامد معجزة فلكية فريدة من نوعها ولا تتكرر في أي موقع أثري في العالم، كما أنه يعتبر نقطة انطلاق للموسم السياحي ليعكس مكانة السياحة الثقافية والأثرية على أجندة السياحة العالمية، خصوصا وأن أسوان تضم الكثير من المعابد والمزارات والمعالم الأثرية والسياحية، علاوة على تنوع المنتج السياحي بها من سياحات أخرى».
من جهته، قال محمد مصطفى السكرتير العام لمحافظة أسوان، المشرف العام على المهرجان، إن «أجندة الاحتفالات ستقتصر فقط على الحفل الفني في ساحة معبد أبو سمبل، بجانب العروض الفنية التي ستقدم على مسرح قصور الثقافة بسوق مدينة أبو سمبل في 21 أكتوبر، وهما اللذان سيتم نقلهما على الهواء مباشرة في بث مشترك لقنوات التلفزيون المصري والقنوات المصرية»، لافتا إلى أن برنامج الاحتفالات لتعامد الشمس سيتضمن أيضا عرض ديفيليه عقب حفلة المعبد وعروض الصوت والضوء، حيث ستجوب الفرق شارع المعبد بدءا من المدخل الرئيس للمعبد وحتى ميدان السوق وهو الذي يحضره المئات من أهالي أسوان وأبو سمبل، علاوة على الأفواج السياحية وضيوف المهرجان والذي يأتي على رأسهم بعض سفراء الدول العربية والأجنبية.
وعن الظاهرة قال الأثري سعد، إن «مراحل تعامد أشعة الشمس على معبد أبو سمبل الكبير تبدأ بتعانق أشعة الشمس في البداية مع القرود التي تعلو واجهة المعبد الكبير، ثم تهبط لتركز على إله الشمس المشرقة، رع حور أختي، الذي نحت داخل مستطيل بهيئة آدمية ورأس صقر وعلى رأسه قرص الشمس، ويقف على الجانبين الملك رمسيس الثاني ويقدم قربان الماعت (التي ترمز للعدل)».
مضيفا: «اللافت في الظاهرة أن الشمس تتعامد على 3 تماثيل، أحدهما لـ(رمسيس الثاني) والآخران يجاورانه، فيما لا تتعامد على الرابع وهو (بتاح) الذي كان يعتبره الفراعنة داعية (الظلمة)».
والمعروف أن عددا من الأثريين قد كشفوا عن مفاجأة أثرية قبل عدة أعوام، حول الظاهرة الفلكية ذاتها، مؤكدين أنها ليست مرتبطة بذكرى مولد «رمسيس الثاني» أو تتويجه للعرش عكس ما ظل شائعا، مرجعين ذلك إلى أن الظاهرة الفلكية التي ابتكرها «الفراعنة» ترتبط ببداية فصلي الصيف والشتاء من كل عام، وتعد بمثابة تحفيز للمصريين على زراعة الأرض والحصاد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».