الأمم المتحدة تعتمد قراراً يدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان

البرلمان الأوروبي يطالب بتحقيق دولي شامل حول إطلاق النار على المحتجين

الأمم المتحدة تعتمد قراراً يدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان
TT

الأمم المتحدة تعتمد قراراً يدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان

الأمم المتحدة تعتمد قراراً يدين انتهاكات إيران لحقوق الإنسان

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا أول من أمس يدين انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، على ضوء آخر تقرير الصادر من المقرر الخاص بحقوق الإنسان في إيران جاويد رحمان قبل شهرين.
وحصل القرار الذي اقترحته كندا في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) في سياق الدورة السنوية الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة على موافقة 81 دولة مقابل رفض 30 وامتناع 70 دولة من التصويت.
ويطالب القرار إيران بإطلاق سراح المعتقلين المشاركين في الاحتجاجات السلمية. ويعرب قرار الجمعية العامة عن قلقه البالغ من الاضطهاد والاعتقالات التعسفية والتمييز ضد القوميات غير الفارسية والأقليات الدينية والنساء.
ورفعت منظمة العفو الدولية في وقت سابق حصيلة قتلى الاحتجاجات بنيران قوات الأمن الإيرانية، وقالت في بيان: «قتل 304 على الأقل وأصيب الآلاف بين يومي 15 و18 نوفمبر عندما سحقت السلطات الإيرانية الاحتجاجات باستخدام القوة المميتة». وقالت الأمم المتحدة إن لديها معلومات تشير إلى أن من بين القتلى 12 طفلاً على الأقل.
واندلعت الاحتجاجات في 29 محافظة إيرانية بعد قرار مفاجئ للحكومة برفع أسعار البنزين إلى ثلاثة أضعاف.
في طهران، أدان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي القرار ووصفه بـ«الانتقائي» و«يهدف لأغراض سياسية».
وفي 23 نوفمبر الماضي عبر خبراء مستقلين من الأمم المتحدة عن قلقهم البالغ من قتل المتظاهرين في إيران، إضافة إلى إغلاق شبكات التواصل.
ودعت العفو الدولية، المجتمع الدولي ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لعقد جلسة خاصة بشأن إيران «للتفويض بالتحقيق في عمليات القتل غير القانونية ضد المتظاهرين، والحملة المروعة من الاعتقالات والاختفاء القسري وتعذيب المعتقلين».
في بروكسل، أصدر البرلمان الأوروبي أمس قرارا يطالب إيران بإعلان عدد قتلى والمعتقلين في الاحتجاجات الأخيرة. وأدان في الوقت نفسه لجوء السلطات الإيرانية للعنف وغير اللائق للعنف ضد المتظاهرين السلميين.
ويطالب القرار غير الملزم طهران بإجراء «تحقيق سريع ومستقل وحيادي وشفاف بشأن التهم الموجهة لقوات الأمن في إطلاق النار على المتظاهرين»، مطالبا بمحاكمة المسؤولين عن أعمال العنف.
كما يطالب القرار السلطات الإيرانية بإطلاق جميع المحتجين ومدافعي حقوق الإنسان والصحافيين الذين تحتجزهم بسبب ممارسة حقوقهم القانونية في حرية التعبير والاحتجاج في إيران والكشف عن أماكن احتجازهم.
ودعا القرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق شامل في أسرع وقت بشأن الأحداث التي شهدتها إيران في الأسابيع الأخيرة.
في شأن متصل، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار أول من أمس الولايات المتحدة التي تستضيف مقرّ المنظمة الأممية إلى رفع القيود التي تفرضها على الدبلوماسيين الإيرانيين، مندّدة أيضاً بعدم منح واشنطن تأشيرات إلى دبلوماسيين روس.
ويخضع الدبلوماسيون الإيرانيون إلى قيود أميركية منذ الصيف الماضي على تحركاتهم عند زيارتهم الولايات المتحدة، وهم ملزمون إلى حد بعيد بالبقاء في المنطقة التي تحيط بمقر الأمم المتحدة في نيويورك أو مقر البعثة الإيرانية أو بيت السفير.
وجاء القرار بعدما أدرجت الولايات المتحدة في نهاية يوليو (تموز) وزير الخارجية محمد جواد ظريف على قائمة العقوبات وفرضت قيودا على تحركاته عندما يزور الولايات المتحدة.
وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران بعد اقتحام متشددين من أنصار المرشد الإيراني الأول (الخميني) مقر السفارة الأميركية في طهران وبداية أزمة الدبلوماسيين التي امتدت لمدة 444 يوما.
وازداد التوتر بين واشنطن وطهران منذ مايو (أيار) العام الماضي عندما انسحب الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي اشتكى ظريف أثناء مشاركته في أعمال الجمعية العامة من عدم قدرته على عيادة سفير بلاده لدى الأمم المتحدة في مستشفى أميركي.
واقترحت القرار قبرص بالنيابة عن بلغاريا وكندا وكوستاريكا وساحل العاج وأُقرّ بالإجماع دون الحاجة لطرحه للتصويت.
وبعكس قرارات مجلس الأمن، فإن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة لكن لها تأثير سياسي.
وأفاد دبلوماسيون أنّ القرار لا يذكر دولا محددة بالاسم، لكنه يشير بشكل أساسي إلى القيود المفروضة على إيران إضافة إلى رفض منح تأشيرات لوفد روسيا خلال اجتماع الجمعية العامة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال القرار إن الأمم المتحدة «تحضّ الدولة المضيفة على إزالة جميع قيود السفر المتبقية التي فرضتها على موظفي بعض البعثات». وأضاف أن الأمم المتحدة «تأخذ على محمل الجدّ» قيود السفر وشكاوى «البعثتين» اللتين تقولان بأنه تتم إعاقتهما عن القيام بعملهما.
وأعربت الأمم المتحدة عن «قلقها العميق بشأن عدم إصدار تأشيرات دخول لممثلي بعض الدول الأعضاء»، في إشارة إلى 18 دبلوماسيا روسياً رفضت الولايات المتحدة منحهم تأشيرات في سبتمبر (أيلول).
وكان من المفترض أن يشارك هؤلاء الدبلوماسيون في نشاطات لجان متعدّدة حتى ديسمبر (كانون الأول) .
وخلال مناسبة في البيت الأبيض أوائل ديسمبر (كانون الأول)، أبلغ سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزا ترمب أن رفض منح التأشيرات للدبلوماسيين الروس قد أضرّ بصورة الولايات المتحدة كدولة مضيفة، بحسب دبلوماسيين.
وأضاف الدبلوماسيون أن الرئيس الأميركي نفى علمه بالقضية وطلب من إدارته النظر في الأمر.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».