«العفو الدولية» ترفع حصيلة قتلى احتجاجات إيران إلى 304 أشخاص

«العفو الدولية» ترفع حصيلة قتلى  احتجاجات إيران إلى 304 أشخاص
TT

«العفو الدولية» ترفع حصيلة قتلى احتجاجات إيران إلى 304 أشخاص

«العفو الدولية» ترفع حصيلة قتلى  احتجاجات إيران إلى 304 أشخاص

أعلنت منظمة «العفو الدولية»، أمس، في حصيلة جديدة أن 304 إيرانيين على الأقل قُتلوا في الحملة التي شنتها السلطات الإيرانية على مدى 72 ساعة لقمع الاحتجاجات التي اندلعت عقب زيادة أسعار الوقود منتصف الشهر الماضي.
وأفادت «رويترز» نقلاً عن بيان «العفو الدولية» بأن الآلاف اعتُقلوا من بينهم أطفال سنهم لا تتجاوز الخامسة عشرة خلال الحملة الأمنية التي أعقبت الاحتجاجات.
وحسب المنظمة التي توثق عدد القتلى بناءً على شهادة أسر الضحايا ومعلومات موثوقة من ناشطين، فإن «304 أشخاص قُتلوا على الأقل وأُصيب الآلاف بين يومي 15 و18 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما سحقت السلطات الإيرانية الاحتجاجات باستخدام القوة المميتة».
ونزل مئات من الشبان وأفراد الطبقة العاملة في جميع أنحاء إيران للاحتجاج في الشوارع في 15 نوفمبر بعد القرار الذي جاء صادماً برفع أسعار الوقود. وتحولت الاحتجاجات على الفور إلى منحى سياسي، وأحرق المتظاهرون صوراً لمسؤولين كبار، وطالبوا الحكام من المؤسسة الدينية بالتنحي. واعترفت السلطات الإيرانية هذا الشهر بأن بعض من وصفتهم بـ«مثيري الشغب» قتلتهم قوات الأمن. وأدان المرشد الإيراني علي خامنئي، الاحتجاجات ووصفها بأنها «مؤامرة خطرة للغاية» من أعداء إيران.
وكانت «العفو الدولية» قد قالت في رابع تقرير عن حصيلة القتلى هذا الشهر إن 208 على الأقل قُتلوا في الاحتجاجات. ورفضت السلطات الإيرانية الأرقام التي تصدرها «العفو الدولية» لكنها لم تصدر بعد عدداً إجمالياً رسمياً لقتلى الاحتجاجات الأعنف في البلاد منذ عقود.
كانت السلطات قد قطعت خدمة الإنترنت على مدى أسبوعين بعد الاحتجاجات، بهدف منع نشر المعلومات والسيطرة على نطاق الاحتجاجات.
وقالت منظمة العفو إنها جمعت «شهادات مروعة» تشير إلى أنه بعد ارتكاب السلطات «مجزرة» بحق المتظاهرين، قامت بتنظيم «حملة واسعة النطاق» للتغطية على عدد القتلى.
وأضافت المنظمة التي تراقب حقوق الإنسان ومقرها لندن، في بيان، إن «السلطات الإيرانية تقوم بحملة أمنية شرسة واسعة النطاق في أعقاب اندلاع الاحتجاجات على مستوى البلاد بهدف نشر الخوف ومنع أي شخص من التحدث عما جرى». وأضافت: «السلطات الإيرانية... تعتقل الآلاف من المحتجين إضافة لصحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وطلبة، لمنعهم من التحدث عن القمع الوحشي في إيران».
وقالت «مصادر مستقلة» لمنظمة «العفو الدولية» إنه بعد شهر من الاضطرابات، «ما زالت قوات الأمن تقوم بمداهمات في جميع أنحاء البلاد لاعتقال أشخاص من منازلهم وأماكن عملهم».
ومع وجود العشرات في «السجون الانفرادية» وغيرهم في «ظروف ترقى إلى حد الإخفاء القسري»، فإن بعض مراكز الاحتجاز تواجه حالة من «الاكتظاظ الشديد»، وفق ما زعمت منظمة «العفو الدولية».
ودعت المنظمة طهران إلى «الإفراج العاجل وغير المشروط عن جميع المعتقلين بشكل تعسفي». ودعت المجتمع الدولي إلى ممارسة الضغوط على إيران بشكل عاجل، والتي من دونها «سيظل الآلاف عرضة لخطر التعذيب وأساليب أخرى من سوء المعاملة».
وفي السادس من ديسمبر (كانون الأول) قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن 208 أشخاص على الأقل قُتلوا لكن العدد الإجمالي الحقيقي قد يزيد على ذلك بمثلين تقريباً. وأضاف أن سبعة آلاف على الأقل اعتُقلوا.
وقال أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، الخميس الماضي، إن 85% من المقتولين لم يشاركوا في أي احتجاجات. مشيراً إلى أن هؤلاء قُتلوا بـ«طريقة مريبة وبأسلحة باردة أو سلاح حربي غير حكومي».
وفي الرابع من ديسمبر، وافق المرشد علي خامئني على مقترح شمخاني بتسمية القتلى «الأبرياء»، «شهداء»، إضافة إلى «دفع دية ومواساة أسر القتلى في الاحتجاجات».
ويتوقع أن تصدر حصيلة رسمية بعدد القتلى عن المعهد الوطني للطب الشرعي في إيران، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.



إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».