التدخين يؤدي إلى الموت المبكّر

ليس لي لا في العير ولا النفير، ورغم أنني لست من المدخنين لا ماضياً ولا حاضراً ولا مستقبلاً بإذن الله، ومع ذلك سوف أحشر نفسي حشراً مع أصوات المدخنين، ورغم أنني كذلك أتمنى أن أغمض عيني وأفتحهما ولا أجد مدخناً ولا سيجارة واحدة في هذا العالم، الذي ابتلي عبر قرون مضت بهذا الاكتشاف أو الاختراع السيئ، ولكن ما هكذا تورد الإبل، الأسلوب الذي اتبعته الهيئة العامة للغذاء والدواء متسرع، وكان أسهل عليها أن تقصرها من أولها وتمنع دخول السجائر نهائياً، بدلاً من هذه الطريقة العشوائية، وذلك عندما وضعت عليها ضريبة خيالية جعلتها أغلى من أي مكان في العالم، ووحدت شكل عبوتها ولونها، بصور تقشعر منها الأبدان، بدون أي ذكر لا لنسبة النيكوتين، ولا للمصدر، ولا حتى لتاريخ الصلاحية.
وهي بهذه الطريقة أفسحت المجال للتهريب، ومما ذكره الأستاذ عبد الله مزهر في جريدة «مكة» عندما قال: لا أجد فرقاً كبيراً بين من يغش تصنيعاً أو استيراداً في سلع استهلاكية تعرّض حياة الناس للخطر وبين إرهابي يحمل حزاماً ناسفاً. ومما قاله تندراً: إن شعار المدخنين الذي رفعوه في مواجهة الهجمة الشرسة التي تطالهم هو: أعطني منتجاً يستحق السعر والضريبة التي أدفعها، ودعني أمت بمزاج – انتهى.
وأعرف بعض المدخنين المهابيل أنهم بعد هذا الذي حصل، أخذ كل واحد منهم يخاطب الآخر قائلاً له: ما دامت أنها مطيّنة مطيّنة (دخّن عليها تنجّلِ).
عموماً إليكم هذه المعلومة التاريخية عن هذه البلوى:
فمن المؤكد أن التبغ مصدره الأساسي جزر الأنتي، وقد لاحظ رفاق البحّار كولومبوس أن السكان هناك كانوا يشربون الدخان، بواسطة أنبوب ذي رأسين يضعون طرفيه في مناخيرهم، وكان يدعى ذلك الأنبوب (تباكو)، ولكن الإسبان ظنوا أن هذا الاسم يطلق على الغرسة نفسها، ومنذ ذلك الوقت تعرف هذه الغرسة بـ(التبغ).
وتحضرني الآن واقعة خيالية فيقال: إن هناك رجلاً مدخناً في الرابعة والتسعين من عمره، عبر الشارع دون أن ينتبه لإشارة المرور الحمراء، وعندما توسط الشارع خطر على باله أن يولع سيجارة، فأخرج «البَكِت» والولاعة وما أن أشعلها، وإذا بسيارة مسرعة تهفه فسقط وليس (في عينه قطرة) – يعني اتكل على الله ومات - وعندما انتشلوه وجدوا سيجارته بجانبه ويخرج منها (خيط دخان) - مثلما قال: نزار قباني - وكتبت الصحف في اليوم الثاني عن الحادث: لقد ثبت بالدليل القاطع بعد حادثة الأمس: أن التدخين مضر بالصحة ويؤدي إلى تقصير العمر والموت المبكر.