الجزائريون ينتخبون اليوم خليفة بوتفليقة وسط انقسام حاد

توقعات بمقاطعة كبيرة لسادس استحقاق تعددي في تاريخ البلاد

الجزائريون ينتخبون اليوم خليفة بوتفليقة وسط انقسام حاد
TT

الجزائريون ينتخبون اليوم خليفة بوتفليقة وسط انقسام حاد

الجزائريون ينتخبون اليوم خليفة بوتفليقة وسط انقسام حاد

تشهد الجزائر اليوم سادس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخها، وسط انقسام حاد وسط الجزائريين بين رافض ومؤيد لإجرائها، حيث تسبب هذا الانقسام في وقوع مواجهات محدودة بين أفراد الجالية المهاجرة في فرنسا، عند بدء التصويت السبت الماضي.
ونشرت قوات الشرطة والدرك منذ أمس رجالها بأعداد كبيرة في مكاتب الاقتراع، التي تبلغ 55 ألف مكتب، موزعة على 48 ولاية، فيما يبلغ عدد الناخبين 24.5 مليون (سكان الجزائر 43 مليونا).

ويتنافس على خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي أجبره الحراك على التنحي في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي، خمسة مترشحين، اثنان منهم كانا رئيسين للوزراء في عهده، أحدهما في بداية فترة حكمه هو علي بن فليس (74 سنة)، الذي اختلف معه وتحول إلى خصمه. والثاني في نهاية فترة حكمه، هو عبد المجيد تبون (72 سنة)، الذي ساند ترشحه لولاية خامسة. بينما كان المترشح عز الدين ميهوبي (60 سنة) وزيرا للثقافة في حكومته. أما عبد القادر بن قرينة (61 سنة) فقد اشتغل بجنبه كوزير للسياحة لمدة ستة أشهر، إذ وجده بوتفليقة في الحكومة عندما تسلم السلطة عام 1999، ويبقى المترشح بلعيد عبد العزيز (56 سنة) الوحيد الذي ليس له انتماء في نظام بوتفليقة، بل عارض ترشحه لولاية ثانية في انتخابات 2004، وكان أحد أبرز رجال بن فليس، عندما نافس بوتفليقة في هذه الانتخابات.
وتجري الانتخابات في دورين، علما بأنه في المواعيد الانتخابية السابقة كان مرشح النظام يحسم النتيجة لصالحه من الجولة الأولى.
وأعلنت قيادة حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، أمس، أنها تدعم ترشح ميهوبي. وفي الغالب يقف الحزب الواحد في السابق مع المترشح الفائز. وتملك «جبهة التحرير» مئات الآلاف من المناضلين، تفرقت مواقفهم بين المترشحين، باستثناء بن قرينة ذي التوجه الإسلامي، الذي يوجد أنصاره في وعاء انتخابي خاص بهم.
ويجمع المراقبون للشأن السياسي المحلي أن العملية الانتخابية تجري في أجواء احتقان لم يعرفها أي استحقاق من قبل، حتى في فترة الاقتتال مع الإرهاب، عندما كانت الجماعات الإسلامية المسلحة تهدد الجزائريين بالقتل إن أدلوا بأصواتهم.
وعاشت العاصمة، والمدن ذات الكثافة السكانية العالية، كسطيف (شرق) ووهران (غرب)، أمس مظاهرات واحتجاجات كبيرة معادية لتنظيم الانتخابات، شارك فيها عشرات الآلاف، المنخرطين في حراك الجمعة، ومظاهرات طلاب الجامعات التي تتم يوم الثلاثاء، منذ قرابة 10 أشهر.
في المقابل، نظم موالون لمسعى الانتخاب مظاهرات بدت أقل عددا قياسا إلى الرافضين، وكانت بإيعاز من الحكومة، بالنظر إلى أسماء التنظيمات والجمعيات التي نظمتها، وهي كلها موالية للسلطة، وكانت حتى وقت قريب تحشد التأييد لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وتجمع المتظاهرون في ساحة «11 ديسمبر 1960» في حي بلوزداد (بلكور سابقاً) في العاصمة، تزامناً مع ذكرى انطلاقة المظاهرات الحاشدة في ديسمبر (كانون الأول) 1960 ضد السلطة الاستعمارية الفرنسية، والتي انطلقت من هذا الحي نفسه، وانتشرت خلال أسبوع في كافة أنحاء الجزائر. وتوجهوا بعد ذلك نحو متحف البريد المركزي، الواقع على بعد 4 كلم من الساحة، وهو مركز تجمع تقليدي في العاصمة للحراك الشعبي، غير المسبوق الذي تشهده البلاد منذ 22 من فبراير (شباط) الماضي.
وخلال مسيرات أمس ردد المتظاهرون بقوة الشعار المعروف «لا انتخابات مع العصابات»، وارتدى الكثير منهم العلم الوطني، تعبيرا عن التمسك بالوحدة الوطنية. وكان ذلك بمثابة رسالة منهم إلى قائد الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، الذي اتهم رافضي الانتخابات بأنهم «أعداء الوحدة الوطنية»، وقال عنهم في أحد خطاباته إنهم «خدام الاستعمار». كما رفع المتظاهرون لافتات معادية للسلطة وللمترشحين، ورفعوا صور شهداء ثورة التحرير، ومن بينهم أيقونة «معركة الجزائر العاصمة» إبان الاستعمار علي لابوانت، وصاحوا باسمه «يا علي يا علي»، في مشهد رمزي قوي يفهم منه الاستنجاد بالرموز الثوريين، على أساس أن البلاد بحاجة إليهم اليوم أكثر من أي وقت مضى.
وانتشر المتظاهرون بين شوارع العاصمة وأزقتها، وتعقب أثرهم رجال الأمن بالهراوات لمنعهم من التوجه إلى المواقع الحساسة، كقصر الرئاسة ومبنى رئاسة الوزراء. وأحاطت السلطات المقار الحكومية بتعزيزات كبيرة، استعدادا لصد المتظاهرين إن وصلوا إليها. كما تم اعتقال العشرات من الأشخاص، أغلبهم من طلاب «الجامعة المركزية»، فيما سمعت زغاريد النساء تنطلق من شرفات العمارات بشوارع ديدوش مراد، وحسيبة بن بوعلي وعسلة حسين، التي يعود بناؤها إلى فترة الاستعمار.
في غضون ذلك، عاشت بجاية وتيزي وزو، كبرى مدن منطقة القبائل (شرق)، مظاهرات واحتجاجات كبيرة، وشن التجار والموظفون في الإدارات والشركات الحكومية، إضرابا تعبيرا عن رفضهم للانتخابات.
وكانت هذه المنطقة الوحيدة التي لم يزرها المترشحون خلال حملة الانتخابات، التي دامت 21 يوما، بسبب المعارضة الشديدة لهم وللانتخابات بها. ويتوقع بأن تكون نسبة المقاطعة قياسية وسط سكان القبائل، الساخطين على نظام الحكم منذ سنوات طويلة لأسباب سياسية، ترتبط بالثقافة والهوية المحلية. وقد استهدفهم قائد الجيش عدة مرات، من خلال اعتقال وسجن متظاهرين بسبب حمل الراية الأمازيغية، فيما دان القضاء بعضهم بالسجن، وهو ما زاد في حالة الاحتقان بالمنطقة.
وقال علاوة محمد حاجي، المدون والصحافي المعروف بنقده اللاذع للمسؤولين ورجال السياسة، عشية الانتخابات: «الانتخابات هي أفضل حلٍّ لأي أزمة سياسية يعيشها أي بلد، لكن شريطة أن يُهيَّأ لها جوّ حقيقي من الديمقراطية، ويترشّحَ لها الأفضل لا الأسوأ، وتجري بشكل نزيه وشفّاف فعلاً، وأن تحترَم نتائجها أخيراً. وفي الحالة الجزائرية، لا يبدو أن أيا من تلك الشروط متوافرة، بعد أن مضت تسعة أشهر على دفع بوتفليقة إلى الاستقالة، فيما بدا للبعض لحظة انتصار شعبي على منظومة حكم فاسدة، أتت على الأخضر واليابس، بينما سيثبت مع مرور الأيام أنه لم يكن سوى حلّ تكتيكي لاستمرار المنظومة نفسها في البقاء».
وتابع حاجي: «لم يكن الوضع يحتاج إلى دلائل للتأكيد على أن جميع شروط إجراء انتخابات ديمقراطية، تُفرز حُلولا للأزمة، كانت غائبة ونحن على بعد أيّام قلائل من موعد الرئاسيات المقبلة. لكن ربّما يجدر التذكير مجدداً بأنها جرت تحت إشراف تام من منظومة بوتفليقة نفسها، حتّى وإن حاولت السلطة تغليفها بلجنة صورية، وأنّ من ترشح لها هم (أبناء) بوتفليقة أنفسهم، حتّى وإن حاول بعضهم التنصل من ماضيه، أو الادعاء بأنه كان معارضا لـ(العصابة) أو ضحيّة لها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».