أزمة التحويلات المالية تطال العمال الأجانب في لبنان

TT

أزمة التحويلات المالية تطال العمال الأجانب في لبنان

لم تتمكن بوزي، العاملة الإثيوبية، قبل أيام من إرسال 300 دولار فقط من راتبها الشهري إلى عائلتها في إثيوبيا، وقد علل لها صاحب مكتب تحويل الأموال في بيروت، بأنّ هناك سقفاً لا يمكن تخطيه في تحويل الأموال حددته شركة «OMT» وهو 300 دولار في اليوم الواحد. لذا عادت في اليوم التالي وأرسلت إلى عائلتها 200 دولار، وفق ما أكدته لـ«الشرق الأوسط».
وبوزي واحدة من عاملات المنازل الأجنبيات اللواتي ما زلن يحصلن على رواتبهن بالدولار، ونسبتهن قليلة جداً. وهذا ما تؤكده زينة عمار من حركة مناهضة العنصرية في لبنان لـ«الشرق الأوسط»، قائلة إن «غالبية عاملات المنازل الأجنبيات بتن يقبضن رواتبهن، بحسب ما أُخبرنا، بالليرة اللبنانية، فيما قلة قليلة ما تزال تدفع لهن بالدولار. ونحن نشجع على دفع جميع رواتبهن بالدولار كي لا يواجهن أي مشاكل في التحويل».
وتضيف عمار: «قبل أسبوع تقريباً كانت مكاتب التحويل تقبل بتحويل أموالهن بالليرة اللبنانية عبر سعر صرف 1520، لكنها توقفت في الوقت الراهن، بحسب ما قالته العاملات، ما منع جزءاً كبيراً منهن من إرسال الأموال إلى عائلاتهن التي تعتاش من هذه الأموال، فيما اضطر بعضهن للتوجه إلى الصرافين وتكبد فرق سعر الصرف الّذي وصل إلى 2000 ليرة في الأيام القليلة الماضية»، علما بأن سعر الصرف الرسمي ما زال 1507.5 ليرة. في المقابل، هناك بعض أصحاب مكاتب التحويل، الذين عمدوا إلى لعب دور الصرافين، وهذا أمر مخالف للقانون، إذ تقول ملاك لـ«الشرق الأوسط»: «دفعت لأحد مكاتب التحويل في صيدا 120 ألف ليرة (80 دولارا) إضافية على تحويل مبلغ 450 ألف ليرة (300 دولار)، وهو راتب العاملة الإثيوبية التي تساعدها في الأعمال المنزلية، لأنني اضطررتُ إلى دفع فرق سعر الصرف؛ لأنّني لم أتمكن من تأمين المبلغ بالدولار، وبالطبع لن أدعها تتحمل هذه الكلفة الكبيرة. تُضاف إلى ذلك قيمة عمولة التحويل».
وما يحصل مع عاملات المنازل الأجنبيات ينسحب على باقي العمال الأجانب، فبحسب رئيس الاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبد الله، فإنّ أزمة النقد في لبنان يدفع ثمنها العمال الأجانب المهاجرون والفقراء، وهم فئتان، العاملات في الخدمة المنزلية، والعمال في المعامل والشركات الذين يفترض أنّ تدفع رواتبهم بالدولار، لكنهم بسبب الأزمة باتوا يحصلون على رواتبهم بالعملة اللبنانية، ما جعلهم يخسرون جزءاً كبيراً من قيمة الراتب تأرجحت بين 30 و40 في المائة عند تحويل أموالهم إلى عائلاتهم. ويلفت عبد الله إلى المشكلة التي تواجه العمال اللبنانيين المهاجرين أيضاً، الذين يرسلون أموالهم إلى لبنان بالعملة الأجنبية ولكن عائلاتهم تحصل عليها بالعملة اللبنانية، وبالتالي تخسر جزءاً كبيراً من قيمتها.
من جهتها، تؤكد نائب رئيس جمعية المستهلك ندى نعمة لـ«الشرق الأوسط» إنّ «أزمة الدولار ساهمت في خفض الأجور بنحو أكثر من 30 في المائة على المقيمين في لبنان، ما سينعكس حتماً على القدرة الشرائية وسيخلق اضطرابات في الاقتصاد اللبناني كله».
وبدأ بعض اللبنانيين يواجهون صعوبات في تحويل وتسلم الأموال من وإلى لبنان. إذ لم يتمكن أحد اللبنانيين المقيمين في الخارج، من إرسال دفعة لقرض سيارته الأسبوع الماضي، إلى والدته في لبنان، ما اضطره لإرسال الأموال نقداً عبر صديق للعائلة، من أجل تسديد دفعة القرض، حسب ما قالته شقيقته لـ«الشرق الأوسط».
من جهتها، تنفي مسؤولة العلاقات العامة في شركة OMT، جويس معوض في حديث مع «الشرق الأوسط» وضع أي إجراءات أو قيود جديدة على التحويلات، علما بأن «تحويلات الشركة إلى خارج لبنان والتي تمرّ عبر شبكة «ويسترن يونيون» العالمية تخضع لشروط وأحكام دولية من ضمنها أن سقف التحويل لا يتعدّى 7500 دولار أميركي. وتضيف: «تقدّم الشركة أكثر من 100 خدمة مالية وحكومية، وهي تشكّل عبر شبكة وكلائها صلة وصل بين القطاعين العام والخاص من جهة والمواطنين من جهة أخرى. لذا لا يعود قرار اختيار الخدمة إلى OMT بل إنها ملزمة بالعملة المحدّدة بحسب الخدمة»، وتلفت معوض إلى أنّ الشركة «سعت للتواصل مع المؤسسات والشركات التابعة للقطاع الخاص لتحديد المبالغ المستحقّة بالليرة اللبنانية فقط».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».