6 فنانين ألمان يبحثون عن «الفردوس المفقود» في معرض بالقاهرة

جمع بين التصوير الفوتوغرافي والزيتي

الفنان أحمد الجنايني مع الفنان هانز أوهل  -  لوحة للفنانة بريجيت ستينزل
الفنان أحمد الجنايني مع الفنان هانز أوهل - لوحة للفنانة بريجيت ستينزل
TT

6 فنانين ألمان يبحثون عن «الفردوس المفقود» في معرض بالقاهرة

الفنان أحمد الجنايني مع الفنان هانز أوهل  -  لوحة للفنانة بريجيت ستينزل
الفنان أحمد الجنايني مع الفنان هانز أوهل - لوحة للفنانة بريجيت ستينزل

«البحث عن الفردوس المفقود»، مظلة فنية اجتمع تحتها ستة فنانين ألمان، في معرض مشترك بالقاهرة، يستضيفه حالياً «أتيليه القاهرة للفنانين»، وتتنوع فيه هواجسهم ورؤاهم الخاصة حول فكرة «الفردوس»... كما تثير اللوحات عدة تساؤلات فلسفية حول مفهوم الجنة.
ففي أعماله، يقدم المصور الفوتوغرافي هانز أوهل، وهو فنان بصري، لوحاته مستخدماً التصوير كمادة للرسم، متلاعباً بالضوء، بتقنية تركز على تراكم الصور الفوتوغرافية، ثم تمرير الفرشاة الإلكترونية على هذا التراكم البصري، لينتج عملاً تجريدياً له لغته البصرية الخاصة وجمالياته الفريدة.
بينما تتلاعب كريستين سكرينغر، في لوحاتها بضربات الفرشاة المحسوبة بدقة، متلاعبة بسحر الألوان الزيتية، مقدمةً للمتلقي خيالات مموهة، فتأخذك اللوحة بعوالمها وطقوسها إلى فضاءات من الضوء والظلام، وكأنها ترى العالم بضبابيته باعثاً على التأمل والتفكير.
أما الفنان ماكس أوت، وهو مصور فوتوغرافي، فقدم تصويراً مع رسم، مختزلاً قوة الصحراء وروعتها في إطار اللوحة، معبراً عن وجود الجنة في كل مكان في الأرض، حتى إذا كان في الصحراء، مقدماً لوحة بعنوان «ليلة في الجنة» تخيل فيها شكل الجنة، وما تحمله من سلام نفسي وروحاني. ويقول أوت: «أترك للمتلقي الخيار لدخول الجنة أو أن يظل خارجها!».
بينما تنبهنا إيمان محمود، وهي فنانة ألمانية، من أصول عراقية، إلى المتاهة الدنيوية والصعوبات التي تواجهها الأمة العربية. تتسم لوحات بريجيت ستينزل، بنزعة كلاسيكية، وهي تعمل على التصوير الزيتي بتقنية الزيت الكلاسيكي على القماش، مستلهمة روائع الأعمال من تاريخ الفن الأوروبي، بلغة جديدة عصرية يمكن تفسيرها في إطار الحياة المعاصرة بتحولاتها وتناقضاتها. ففي لوحتها «ترانسميتر» رسمت هيكلاً عظمياً يبدو في طور التحول من جسد إلى روح مرتدياً وشاحاً يطارد فقاعة ملونة بألوان قزحية في ظلام حالك. وفي لوحتها الأخرى رسمت وشاحاً أبيض يبدو عالقاً بين السماء والأرض، كأنه يعكس أطياف الشمس وأضواء القمر.
أما الفنانة سوزان جورث، فلم تتعامل مع مسطح الكانفاس؛ بل تعاملت مع مفهوم الجنة بالتشكيل في الفراغ، عبر مجموعة زهور من مخيلتها، وهي تستخدم في عملها مواد من التي يتعامل معها الإنسان بشكل يومي، لذا استخدمت الإسفنج، والخيوط، والأقمشة، مبرزة القيمة الفنية للمادة الخام.
وحول المعرض، قال الفنان أحمد الجنايني، رئيس «أتيليه القاهرة للفنانين والكتاب»، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن سعداء بوجود هذا المعرض المميز في (أتيليه القاهرة)، فهو يسلط الضوء على مستجدات الفن التشكيلي الألماني، والتقنيات الحديثة والمغايرة للفنانين في التعامل مع فكرة كلاسيكية، وكيف تمت بلورتها برؤى مختلفة عن المدارس الفنية الكلاسيكية». لافتاً إلى أن «هذه هي الزيارة الأولى لهؤلاء الفنانين للقاهرة ماعدا الفنانة إيمان محمود، التي جاءت من قبل للمشاركة في معرض خاص بنقابة الفنانين التشكيليين».
وعن المفهوم الخاص بالمعرض، قال الجنايني: «كل فنان عبّر عن الجنة بمنظور خاص، يعكس ثقافته ورؤيته؛ يعدّ الفنانون هذا المعرض عبوراً لفكرة الحواجز بين الأديان والثقافات، وقد جاءتهم الفكرة بعد إقامتهم بالإمارات لمدة شهر حول شكل الجنة ماذا سيكون».
ويلفت الجنايني إلى أن «الفنانة بريجيت تتلخص دراستها لفلسفة الفن في ميونيخ في لوحات بمستوى عالٍ جداً، تدل على فهمها لطبيعة اللون والرسم والتعامل معهما بتقنيات عالية ولها صوت خاص، بينما الفنانة كريستين تتعامل مع مفهوم الجنة بمفهومها عن العالم كأنه عالم ضبابي من خلف نافذة، تطل على حركة شخوص وعوالم، تتشكل من وحي الذاكرة البصرية للمتلقي وثقافته، فهي تترك للمتلقي تفسير العالم عبر مسطح اللوحة، وهي تجربة مفيدة للفنانين المصريين ليتعرفوا على تكنيك جديد».
وعن أعمال الفنانة إيمان محمود، يقول الجنايني: «تعاملت مع مفهوم الجنة من منطلقات تراثية عربية، فتعكس الفنانة إرثها الثقافي مستمدةً الفكرة الرئيسية لتصورها من مصباح علاء الدين بألوان تدل على جنة عدن، الأخضر أو الأحمر القاني». وحول عملها قالت إيمان: «اللوحات الزيتية هي شهادة على تاريخ شخصي، كما أنها تجسيد لواقع الأمة العربية المأزوم وحالتها وواقع المرأة وحالتها السيئة».
من جهته، الفنان أحمد الجنايني إلى أن «أعمال الفنانة سوزان ترصد فكرتها عن (الجنة المفقودة) عبر مجموعة زهور من الإسفنج بشكل مغاير للورود الطبيعية».
وتخاطب الأعمال المتلقي وتستعين بذاكرته البصرية والسمعية التي غذّتها حكايات الأجداد والآباء عن الجنة ومفهومها، وتخاطب الأمنيات ومفهوم الحياة والموت، كما أنها تقدم لغة بصرية تشتبك مع المفاهيم التراثية والشعبية للمتلقي، وذلك عبر تقنيات وأساليب فنية طوّعت الكاميرا والفرشاة والأقمشة، لترسل رسالة مهمة مفادها أن الجنة هي ما يوجد بداخلنا.



أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)
صورة تعبيرية لديناصورين في بداية العصر الجوراسي (أ.ب)
TT

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)
صورة تعبيرية لديناصورين في بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات قبل أكثر من 200 مليون سنة.

تُعرف معلومات كثيرة عن وجود الديناصورات وانقراضها قبل 66 مليون سنة. لكن «لا نعرف سوى القليل عن كيفية هيمنتها» على العالم قبل نحو ثلاثين مليون سنة، وفق ما يقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مارتن كفارنستروم من جامعة أوبسالا السويدية، وهو عالم متحجرات والمعد الرئيس للدراسة التي نشرت نتائجها مجلة «نيتشر».

وقدّم فريق الباحثين الذي أشرف عليه عالم المتحجرات غجيغوج نيدفيدسكي الموجود أيضاً في جامعة أوبسالا، مراجعة شاملة لأكثر من 500 بروماليت، وهي بقايا متحجرة لما هضمته ديناصورات الحوض البولندي وتقيأته وأفرغته كبراز.

ومن خلال تحديد محتواها وربطه بمنتجيها، تمكّن الباحثون من «تحديد أي ديناصور تناول أي حيوان أو أغذية»، بحسب كفارنستروم، و«إظهار تالياً كيف تغيّر الدور البيئي للديناصورات مع مرور الوقت».

وفُحص الكوبروليت، وهو براز متحجر، باستخدام تقنيات متطورة مثل التصوير المقطعي السنكروتروني الدقيق؛ مما كشف عن خنافس سليمة تقريباً وفقرات أو أسنان أسماك وقطع نباتات وعظام مطحونة.

ومن خلال تقاطع هذه البيانات مع تلك الخاصة بعلم المتحجرات وتطور المناخ والغطاء النباتي، وضع الباحثون نموذجاً للهيمنة التدريجية للديناصورات على الطبيعة.

صورة تظهر براز ديناصورات آكلة للنباتات متحجرة تم العثور عليها في سولتيكوف - بولندا (أ.ب)

«أسلاف»

تتضح هذه السيطرة من خلال متوسط قطر وطول البروماليت الفقارية الذي زاد بنحو ثلاث مرات لدى الديناصورات الموجودة في الحوض البولندي على مدى 30 مليون سنة.

وزاد أيضاً حجم الديناصورات صاحبة البقايا المتحجرة، خلال هذه المرحلة الممتدة من نهاية العصر الترياسي إلى بداية العصر الجوراسي.

وكان «سلف» هذه السلالة من الديناصورات، وهو السيليصور، «صغيراً نوعاً ما»؛ إذ بلغ طوله متراً تقريباً عند الرقبة ووصل وزنه في أفضل الأحوال إلى 15 كيلوغراماً.

وفي حين أنّ الحيوان المهيمن آنذاك وهو ديسينودونتس الذي يزن بضعة أطنان، كان يتغذى حصراً على الأشجار الصنوبرية، كان السيليصور آكلاً للحوم.

ويقول كفارنستروم: «من خلال دراسة فضلاتها، نرى أنها كانت تأكل مختلف الأشياء والكثير من الحشرات والأسماك والنباتات».

وهذه الحيوانات الانتهازية وآكلة اللحوم، تكيّفت بسرعة مع التغيرات الجذرية في البيئة، مثل حلقة أمطار كارنيان. وبما أنها حاملة للرطوبة؛ تسببت بتنوع كبير في النباتات، وهو ما فاجأ الحيوانات العاشبة الكبيرة آنذاك، والتي كانت عاجزة عن التكيف مع هذا التغيير في النظام الغذائي.

وأصبحت السيليصورات ولاحقاً الديناصورات العاشبة طويلة العنق - أسلاف الدبلومودوكس - «تتغذى على هذه النباتات الجديدة». وحفَّزت هذه الحيوانات التي تزايد حجمها، نمو الثيروبودات، وهي ديناصورات تقف على قدمين وتأكل اللحوم.

وفي بداية العصر الجوراسي، كانت الحيوانات العاشبة وآكلة اللحوم الشرسة تهيمن على المشهد الطبيعي.

صورة تظهر براز ديناصورات آكلة للنباتات متحجرة تم العثور عليها في سولتيكوف - بولندا (أ.ب)

«نظريتان»

يقول كفارنستروم: «لقد كانت الديناصورات محظوظة بعض الشيء، لكنها كانت أيضاً تتكيف بشكل جيد مع البيئة المتغيرة». وقد حرصت الدراسة على عدم حسم الجدل القائم بشأن أسباب هذا التفوق.

وثمة نظريتان رئيستان لهيمنة الديناصروات، تشير الأولى إلى أنّ الديناصورات المبكرة استخدمت المزايا الفسيولوجية الرئيسة للتغلب على الحيوانات المنافسة لها، بينما تلفت الثانية إلى أن الاضطرابات البيئية، مثل الانفجارات البركانية أو تغير المناخ، قتلت حيوانات كثيرة كانت مهيمنة سابقاً؛ مما أدى إلى فجوة في رأس الهرم.

ويرى فريق أوبسالا أن النظريتين مجتمعتين أدتا إلى سيطرة الديناصورات، مع تغيرات بيئية تزامنت مع التكيف الغذائي.

ويرى الباحث في كلية لو موين في نيويورك، لورانس تانر، أنّه ينبغي النظر إلى هذه الدراسة بوصفها «نقطة انطلاق لأعمال بحثية مستقبلية».

فحتى لو كانت الدراسة تستند إلى «منهجية إبداعية بشكل خاص»، مستخدمة مجموعة من الوسائل التقنية المذهلة، تبقى «محدودة في سياقها ومداها» بالنسبة إلى الحوض البولندي، الذي كان آنذاك جزءاً من قارة بانجيا.

ويأمل كفارنستروم أن يكون «النموذج المبني في منطقة واحدة قابلاً للتطبيق في أخرى»، خصوصاً في جنوب بانجيا الذي شهد ظهور أول الديناصورات الفعلية.