كيسنجر: أميركا والصين على «أعتاب حرب باردة»

كيسنجر: أميركا والصين على «أعتاب حرب باردة»
TT

كيسنجر: أميركا والصين على «أعتاب حرب باردة»

كيسنجر: أميركا والصين على «أعتاب حرب باردة»

حذر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر من مواجهة، ما زال يمكن تفاديها، بين الولايات المتحدة والصين، مضيفاً أنهما «على أعتاب حرب باردة»، قد يكون فيها الصراع بين البلدين أسوأ من الحرب العالمية الأولى إذا تم ترك الأمور تمضي دون سيطرة، لدولتين كبيرتين كونهما أكبر اقتصادين في العالم.
وأضاف كيسنجر، أنه خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كان وضع خطة لخفض القدرات النووية للقوتين على رأس الأولويات. وتابع، أنه إذا واصل الطرفان النظر إلى «كل قضية في العالم على أنها نزاع بينهما»، فقد يكون ذلك «خطيراً على البشرية». لكن وبما أن النزاعات بين الولايات المتحدة والصين كانت دائماً «غير فعلية»، حذر كيسنجر من أن واشنطن لا تملك إطاراً للتعامل مع بكين «كقوة عسكرية».
وقال في كلمة له أمام جلسة «منتدى الاقتصاد الجديد» المعني بموضوعات الحوكمة العالمية، وأسواق المال، والتجارة، والتكنولوجيا، والتغير المناخي «عليهما مراقبة تأثير تحركاتهما ضد بعضهما بعضاً في كل أنحاء العالم، مع الاهتمام بأهداف الطرف الآخر».
وقال كيسنجر «من وجهة نظري، فإن هذه الحقيقة تجعل من المهم بذل جهد حقيقي لفهم الأسباب السياسية لفترة التوتر الحالية، وأهمية التزام الطرفين بمحاولة التغلب على هذه الأسباب... والوقت لم يتأخر تماماً لكي نقوم بهذا الجهد؛ لأننا ما زلنا على أعتاب حرب باردة».
وعبّر كيسنجر (96 عاماً)، في مؤتمر نظمته مجموعة وسائل الإعلام «بلومبرغ» في بكين، عن قلقه من المواجهة التجارية الجارية بين واشنطن وبكين منذ العام الماضي، والتي تتمثل بتبادل فرض رسوم تجارية على واردتهما. وقال محذراً «إذا تركنا النزاع يتصاعد، فقد تكون النتيجة أسوأ مما حدث في أوروبا» في القرن العشرين. وأضاف، أن «الحرب العالمية الأولى اندلعت نتيجة أزمة صغيرة نسبياً (...) بينما الأسلحة أقوى بكثير اليوم... إذا سمحنا للصراع بالخروج عن السيطرة، فإن النتيجة قد تكون أسوأ مما حدث في أوروبا. فقد تفجرت الحرب العالمية الأولى بسبب أزمة بسيطة نسبياً فشلت أطرافها في إدارتها»، مضيفاً أنه يتمنى أن تؤدي المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين إلى فتح باب أمام محادثات سياسية بين البلدين.
وقال كيسنجر، الذي تولى وزارة الخارجية الأميركية في عهد الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون في النصف الأول من سبعينات القرن العشرين: «الكل يعرف أن المفاوضات التجارية ستكون ناجحة من وجهة نظري في حالة واحدة فقط، وهي أن تفتح الباب أمام مناقشة سياسية أتمنى حدوثها».
وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن حديث كيسنجر جاء بعد ساعات من حديث نائب الرئيس الصيني وانج كيشان أمام «منتدى نيكست أينشتاين» (منتدى أينشتاين القادم) الذي قال فيه، إن بلاده ملتزمة بالسلام وستسعى إليه من خلال تغيير السياسات، رغم أنها تواجه تحديات في الداخل والخارج. وقال نائب الرئيس الصيني «عندما يكون الاختيار بين الحرب والسلام، اختار الشعب الصيني السلام بقوة. الإنسانية تعتز بالسلام... علينا التخلي عن التفكير بطريقة المعادلة الصفرية وعقلية الحرب الباردة».
ويقول كيسنجر، إنه يعتقد أنه يمكن حل أزمة الاحتجاجات في هونغ كونغ، ويأمل في تحقيق ذلك عبر المفاوضات. ورداً على سؤال عما إذا كانت الاضطرابات في هونغ كونغ يمكن أن تشكل «الشرارة» لحرب باردة جديدة، قال كيسنجر، إنه يأمل أن تتم تسوية هذه القضية «بالمفاوضات».
وكان كيسنجر سافر في 1971 سراً إلى بكين لبدء محادثات حول العلاقات بين الولايات المتحدة والصين الشيوعية. وهو يلقى إلى اليوم تقديراً في الصين التي تستقبله بحفاوة عندما يزورها، والتقى الرئيس شي جينبينغ عندما زار بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.
يذكر أن الحلقة النقاشية التي عقدها منتدى الاقتصاد الجديد ضمت بيل جيتس مؤسس إمبراطورية البرمجيات الأميركية «مايكروسوفت» ووزير الخزانة الأميركي الأسبق هانك بولسون. وإلى جانب خلافهما التجاري، يتواجه البلدان استراتيجياً، خصوصاً بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي اللذين تؤكد الصين سيادتها عليهما.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».