فلسطين تطالب باجتماع وزاري عربي لمواجهة الإعلان الأميركي بشأن الاستيطان

السلطة دعت إلى فتح تحقيق دولي في موقف واشنطن

إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

فلسطين تطالب باجتماع وزاري عربي لمواجهة الإعلان الأميركي بشأن الاستيطان

إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

طالبت دولة فلسطين الأمانة العامة للجامعة بعقد دورة غير عادية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في أقرب وقت ممكن، بهدف البحث في التطور الأخير لموقف الإدارة الأميركية بشأن الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
وأفادت المندوبية الدائمة لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، اليوم (الثلاثاء)، بأنه بناءً على تعليمات الرئيس محمود عباس، وتوجيهات وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، خاطبت المندوبية الأمانة العامة للجامعة العربية لعقد اجتماع وزاري بهدف البحث في الموقف الأميركي الأخير الذي عبر عنه وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، أمس، بأن بلاده لم تعد ترى الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية مخالفاً للقانون الدولي والذي يأتي ضمن سلسلة من المواقف والقرارات الأميركية الأحادية المخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وآخرها قرار مجلس الأمن الرقم 2334.
بدوره، رأى السفير دياب اللوح أن الإعلان الأميركي تحدٍّ صارخ للشرعية الدولية وللقوانين الناظمة للمجتمع الدولي، ويتعارض جذرياً مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية الرافضة للاستيطان الصادرة من مجلس الأمن أرقام 446 و452 و465 و478 و2334، كما يتعارض مع اتفاقيتي لاهاي وجنيف الرابعة، مؤكداً أن «الولايات المتحدة لا يمكن أن تنصّب نفسها حاكماً مطلقاً لهذا العالم تعيد صياغة قوانينه وأنظمته كما تشاء وتوظّف حقوق الشعوب وفقاً للمصالح الانتخابية الضيقة»، واصفاً تصريحات وزير الخارجية الأميركي بمثابة «إعلان قطع كل السبل أمام فرص السلام في المنطقة».
وأكد اللوح أن القيادة الفلسطينية سوف تواصل تحركها السياسي والدبلوماسي والقانوني، وستعتلي المنابر الدولية والإقليمية كافة دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، مشدداً على «ضرورة وقوف جميع الشعوب الحرة والدول المؤمنة بمنطق القانون إلى جانب الحق الفلسطيني، لا سيما أن مرور مثل هكذا قرارات يؤثر على السلم الدولي لا على الإقليم فحسب، كما أن السماح بتكريس سلطة القطب الأوحد سيكون له تبعاته على الصعد كافة وفي شتى المجالات، بما يستدعي إعادة الاعتبار للقانون الدولي في مقابل سياسات فرض الأمر الواقع». وأشار إلى أن «توجه الإدارة الأميركية بمد يد العون إلى الحكومة الأشد تطرفاً في إسرائيل في معركتها الانتخابية لن يكون على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة غير القابلة للتصرف والتي لم يتنازل عنها الشعب الفلسطيني الصامد على أرضه منذ آلاف السنين».
إلى ذلك، أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستدعو إلى فتح تحقيق دولي في قانونية موقف واشنطن التي لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين غير شرعية.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس (الاثنين): «بعد دراسة جميع الحجج في هذا النقاش القانوني بعناية»، خلصت إدارة ترمب إلى أن «إنشاء مستوطنات لمدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي».
وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في مؤتمر صحافي عقده اليوم في رام الله، أن السلطة الفلسطينية «بدأت بمجموعة من الخطوات ضد الموقف الأميركي الأخير بشأن الاستيطان ومنها التوجه إلى المؤسسات الدولية». وأضاف: «سنتوجه إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلى محكمة الجنايات الدولية وإلى مجلس حقوق الإنسان ضد هذا القرار».
وقال عريقات: «بدأنا مداولات في الأمم المتحدة لتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن». وتابع: «نتوقع اعتراض الولايات المتحدة لكننا سنقْدم على هذه الخطوة، دعوا الولايات المتحدة تستخدم حق النقض ضد القانون الدولي».
ومن الخطوات التي ستقوم بها السلطة الفلسطينية أيضاً، وفقاً لعريقات، الذهاب «إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وسنطلب من المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي رسمي مع المسؤولين الإسرائيليين في ما يتعلق بالمستوطنات».
ويعد الإعلان الأميركي ضربة جديدة للتوافق الدولي حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وجاء ليضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأميركية لصالح إسرائيل، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
فمنذ وصول دونالد ترمب إلى السلطة، اعترفت واشنطن، بقرار أحادي، بالقدس عاصمةً لإسرائيل وبسيادة الدولة العبرية على الجولان السوري المحتل. ويتناقض قرارها الأخير الأحادي أيضاً مع السياسة التقليدية الأميركية منذ عقود.
وقال بومبيو: «الحقيقة هي أنه لن يكون هناك أبداً حل قانوني للنزاع والجدل حول من هو محقّ ومن هو مخطئ في نظر القانون الدولي لن يجلب السلام». وأشار إلى أن «اعتبار إقامة مستوطنات إسرائيلية أمراً يتعارض مع القانون الدولي لم ينجح ولم يحقق تقدماً على مسار قضية السلام». وأكد أن «الهدف ليس توجيه رسالة (...) حول ما إذا كان يجب زيادة عدد المستوطنات أو تخفيضه، بل مجرد مراجعة قانونية».
وأشادت الطبقة السياسية ومعظم وسائل الإعلام والجمعيات الاستيطانية في إسرائيل بتصريحات بومبيو. ورحب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في بيان، بالإعلان الأميركي. ورأى أن هذا التفسير الجديد «يصحح خطأً تاريخياً ويعكس حقيقة تاريخية هي أن اليهود ليسوا مستعمرين أجانب في يهودا والسامرة»، الاسم الذي تطلقه الدولة العبرية على الضفة الغربية.
وترى الأمم المتحدة أن هذه المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إسرائيل منذ 1967 غير قانونية، بينما يرى جزء كبير من الأسرة الدولية أنها تشكل عقبة كبرى في طريق السلام.
ونأى الاتحاد الأوروبي بسرعة عن الموقف الأميركي الجديد، مذكّراً بأن موقفه «واضح» و«لا يتغير»، ويقضي بأن «كل نشاط استيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويعرّض للخطر إمكان بقاء حل الدولتين وآفاق سلام دائم».
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، إن «الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وضع حد لأنشطتها الاستيطانية بما يتماشى مع التزاماتها بصفتها سلطة احتلال».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.