متظاهرو هونغ كونغ يتحصنون داخل جامعة... والشرطة تهدد باستخدام الرصاص الحي

تحصّن ناشطون مطالبون بالديمقراطية، اليوم (الاثنين)، داخل حرم جامعة في هونغ كونغ، بعد تحذير الشرطة من استخدام الرصاص الحي ضدهم، ما يعزز المخاوف إزاء التوتر الذي يهز المدينة منذ ستة أشهر.
وشهد اليوم مرحلةً جديدة من العنف خلال هذه الأزمة، بعد أسبوع أغلقت خلاله المدارس والطرقات، وتدخل الجيش الصيني لتنظيف الشوارع.
ولا زالت الصين ترفض تنفيذ المطالب الرئيسية للمتظاهرين، التي تتضمن انتخابات حرة في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 7.5 مليون نسمة، ووضع حدّ لتراجع الحريات مع تشديد الصين قبضتها على هونغ كونغ. وحذرت بكين مراراً من أنها لن تتسامح مع أي معارضة بينما تتزايد الخشية من لجوئها لتدخل عسكري لقمع الاضطرابات.
وسمعت اليوم أصوات تفجير قوية قرابة الفجر قبل أن يندلع حريق كبير عند مدخل جامعة العلوم التطبيقية في هونغ كونغ، وفق وكالة الصحافة الفرنسية، في ما بدا بأنه محاولة للشرطة دخول حرم الجامعة، تصدى لها المتظاهرون. وقالت الشرطة إنها أطلقت الرصاص الحي ثلاث مرات على موقع تظاهر مجاور للجامعة، لكن يبدو أن أحداً لم يصب بجروح.
وفي سياق متصل، نقلت «رويترز» عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قوله إن واشنطن «تدين الاستخدام غير المبرر للقوة وتحث كل الأطراف على الامتناع عن العنف وإجراء حوار بناء». وتابع: «مثلما قال الرئيس دونالد ترمب إن الولايات المتحدة تتوقع احترام بكين لالتزاماتها بموجب الإعلان الصيني - البريطاني المشترك وحماية الحرية والنظام القضائي وأسلوب الحياة الديمقراطي بهونغ كونغ».
ووقعت مواجهات عنيفة أمس (الأحد) مع إصابة شرطي بسهم في ساقه، ومواجهة المتظاهرين للغاز المسيل للدموع بقنابل مولوتوف.
وداخل الحرم الجامعي المحاصر، تجمع المتظاهرون تحت المظلات لحماية أنفسهم من مياه الخراطيم التي أطلقتها الشرطة، ورموا قنابل المولوتوف على مدرعة لقوات الأمن اشتعلت فيها النيران على جسر قرب الجامعة.
من جانبها، أعلنت الشرطة الحرم الجامعي موقع «شغب»، وهي تهمة يعاقب عليها عليها القانون بالسجن 10 سنوات، كما أغلقت مخارجه فيما أصدر المتحدث باسم السلطات في المدينة لويس لاو، تحذيراً قوياً. وقال «أحذّر مثيري الشغب من استخدام قنابل المولوتوف والسهام والسيارات أو أي سلاح قد يتسبب بالقتل ضد عناصر الشرطة». وأضاف «إذا واصلوا مثل هذه الأفعال الخطيرة، لن يكون أمامنا من خيار سوى استخدام القدر الأدنى الضروري من القوة، منها إطلاق الرصاص الحي، للرد».
وتحمل شرطة هونغ كونغ بشكل يومي الأسلحة الفردية، لكنها حتى الآن لم تستخدمها سوى خلال بعض الحوادث المعزولة خلال اشتباكات في الشوارع، وأصيب ثلاثة أشخاص بجروح جراء ذلك.
ومقابل رمي الحجارة وقنابل المولوتوف، ردت شرطة هونغ كونغ باستخدام الغاز المسيل للدموع، وخراطيم المياه والرصاص المطاط. تسلل الخوف إلى المتظاهرين المحاصرين في الحرم الجامعي الذي يعد احتلاله تغيراً في أساليب حراك لا قيادة له حتى الآن، ويتميز بطبيعته سريعة التغير.
وقالت متظاهرة تبلغ من العمر 19 عاماً عرفت عن نفسها باسم كاي إن اليأس انتشر بين المتظاهرين الباقين في الجامعة، والذين قدرت عددهم بنحو 200 شخص. وأكدت «البعض كان يبكي بشدة، آخرون كانوا غاضبين، او متألمين، لأنهم شعروا باليأس بعدما لم يبق لنا أي سبيل للخروج من الجامعة». وأردفت «لا نعرف متى ستدخل الشرطة».
وعلى بعد مئات الأمتار من الجامعة، رفع متظاهرون سواتر في مناطق تسيم شا تسوي وجوردان. وقال المتظاهر جوشوا (16 عاماً) إن ذلك محاولة لتشتيت انتباه الشرطة عن الجامعة.
وهزت الاضطرابات المتواصلة منذ ستة أشهر المدينة التي كانت في السابق مستقرة، ما تسبب بدخولها في حالة من الركود الاقتصادي، وزاد خشية السياح من زيارتها.
وبدأ الحراك بتظاهرات سلمية احتجاجاً على قانون يتيح تسليم مطلوبين إلى الصين، ورغم إلغائه، توسعت المطالبات بمزيد من الديمقراطية وبتحقيق بشأن عنف الشرطة.
وازدادت حدة العنف خلال هذا الشهر، حيث قتل رجلان في حادثين منفصلين.
وأطلق المتظاهرون الأسبوع الماضي حملة بعنوان «أزهر في كل مكان» تضمنت تخريباً وقطع طرقات، ما أجبر الشرطة على استقدام تعزيزات من عناصر السجون. وأغلقت شبكتي نقل في المدينة والمدارس والمجمعات التجارية.
ووجه الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأسبوع الماضي، تحذيرا واضحا مؤكدا أن الحركة الاحتجاجية تهدد صيغة «بلد واحد بنظامين»، التي تدار هونغ كونغ على أساسها منذ تسليمها للصين من بريطانيا في عام 1997.
والسبت، خرج عناصر في الجيش الشعبي الصيني لوقت قصير من ثكنتهم في هونغ كونغ للمشاركة في تنظيف الشوارع التي كانت أغلقت.
وهذا الظهور للجيش الصيني نادر في هونغ كونغ حيث ينأى الجيش بنفسه عادة من التدخل في الاحتجاجات، لكن الأمر له رمزيته في ظل تنديد المحتجين بما يعتبرونه تدخلا للسلطات المركزية في المنطقة التي تتمتع بشبه حكم ذاتي.
ودافع المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو كيان، اليوم، عن العملية، مكرراً تحذيرات بكين من أن الجيش الصيني قادر على وضع حد للاضطرابات.
وقال وو من بانكوك «إنهاء العنف واستعادة النظام أبرز مهمة لنا في هونغ كونغ».
وفي لندن، أعلن السفير الصيني ليو تشاومينغ الاثنين أن بلاده «لن تقف مكتوفة اليدين» إذا خرج الوضع في هونغ كونغ عن «السيطرة»، مؤكداً أن لدى الصين «ما يكفي من التصميم والقوة لوضع حد للانتفاضة».
وفي خطوة صغيرة لكن ذات معنى كبير بالنسبة للمتظاهرين، قضت المحكمة العليا في هونغ كونغ، اليوم، بعدم دستورية حظر تفرضه سلطات المدينة على المتظاهرين يمنعهم من ارتداء أقنعة تغطي وجوههم بهدف وضع حد لأشهر من التظاهرات المطالبة بالديمقراطية.