أمير الكويت يَعِدُ بحكومة قريبة... ولا حل للمجلس

أعلن رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم أمس، أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أبلغه بتشكيل حكومة جديدة قريباً، وأن مجلس الأمة (البرلمان) «باقٍ حتى موعد الانتخابات المقبلة».
وردّ الغانم على بيان وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، الذي ذكر بأنه سلّم إلى رئيس مجلس الأمة نسخة من المستندات التي تظهر حجم الفساد في صندوق الجيش الكويتي. وقال الغانم إن «المستندات وصلت إليّ مساء الخميس الماضي وأبلغت الشيخ ناصر بضرورة إرسال كتاب رسمي وتم ذلك فعلاً يوم أمس (أول من أمس) السبت»، ملمحاً بقوله: «من حاول أن يدلس ويدعي أن المستندات وصلت إلى رئيس المجلس منذ فترة طويلة». كما أكد الغانم أنه «والغالبية من أعضاء المجلس لا نقبل أن نكون طرفاً في أي صراع».
وفي السياق نفسه، أعلنت الهيئة العامة لمكافحة الفساد في الكويت (نزاهة) استعدادها للمساعدة في التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في قضية الفساد في ملف «صندوق الجيش» الكويتي، الذي أعلن عنه وزير الدفاع.
إلى ذلك شدد الغانم بقوله إن «محاربة الفساد بتحديد الوقائع والذهاب إلى الجهات المعنية»، مبيناً أن «أي بلاغ يقدم سيحال إلى الجهات الرقابية، نحن لا ندين بريئاً ولا نحمي فاسداً والبينة على من ادعى، وهكذا تسير دولة المؤسسات دون الدخول في أي صراعات». وتابع: «نحن مع الإصلاح وأي بلاغ يصل نتعامل معه ويحال إلى الجهات الرقابية، ولسنا مع طرف ضد آخر ولا نظلم بريئاً ولسنا قضاة».
ولمّح الغانم إلى وجود ما سماهم من يريدون زعزعة الأوضاع في البلاد، وقال: «اطمئنوا الأمور بخير (...) وغداً المشاورات الرسمية مع الأمير والمطلوب أن تنتظروا فترة بسيطة جداً دون الالتفات إلى من يحاول زعزعة الأوضاع، وسترون كيف سيعالج أميرنا الحكيم الأمور ويحسمها لما فيه خير الشعب الكويتي».
وكان وزير الدفاع الكويتي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح كشف أول من أمس، عن وثائق تظهر الاستيلاء على نحو 800 مليون دولار من صندوق لمساعدة العسكريين قبل تعيينه وزيراً للدفاع عام 2017، مؤكداً أن هذه القضية سرعت الاستقالة الأخيرة للحكومة.
من جهة أخرى، قال الدكتور محمد عبد الرحمن بوزبر الأمين العام المساعد لكشف الفساد والتحقيق بالهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة)، إن الهيئة تتابع ما يتعلق بشأن «شبهات حول سوء استغلال ‍صندوق الجيش وما أعقبه من تصريحات وبيانات من المسؤولين ذوي الصلة وإحالة الواقعة إلى النائب العام».
وأضاف بوزبر: «إن الهيئة على استعداد كامل لتقديم الدعم الفني اللازم إلى جهة التحقيق المختصة».
وأكد بوزبر أن الهيئة مستعدة لتلقي كل المعلومات والبيانات من الجهات الحكومية والجهات الرقابية ومن المواطنين والمقيمين حول واقعة سوء استغلال ما يعرف بصندوق الجيش. وأضاف: «الهيئة لن تألو جهداً في فحص ودراسة وتحقيق كل ما يقدم إليها من معلومات وبيانات وصولاً إلى الحقيقة مع تأكيد (نزاهة) على التزامها بتوفير كل الضمانات لتوفير السرية لمقدمي هذه البيانات والمعلومات».
وشدد على حرص الهيئة على متابعة كل ما يثار في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بشأن وقائع الفساد والتأكد من مدى جديتها ومصداقيتها، وصولاً إلى تكوين أساس معقول للاشتباه بارتكاب الوقائع والأخبار المنشورة والمتداولة في ظل جهودها الرامية إلى مكافحة الفساد.
وتقدم 10 نواب من مجلس الأمة أمس بطلب لتكليف ديوان المحاسبة بإعداد تقرير بشأن تعاملات صندوق الجيش الكويتي وصفقة «يورو فايتر».
ودعا النواب إلى «تكليف ديوان المحاسبة بإعداد تقرير يتضمن نتائج الفحص والمراجعة والمراقبة والتحقيق في كل ما يثار من شبهة التجاوز فيما يتعلق بالتعاملات الداخلية والخارجية لصندوق الجيش، وكل ما يثار من شبهة التجاوزات المتعلقة بعقد صفقة شراء طائرات (يورو فايتر)، وذلك للتأكد من مدى التزام وزارة الدفاع والجيش بالنظم والقوانين ذات الصلة بالميزانية المالية والآليات والقنوات والإجراءات والنظم المالية والقرارات الإدارية المعتمدة وطريقة الصرف واستحقاقها والأغراض المخصصة من أجلها، وذلك لإظهار محاور الخلل والملاحظات والمخالفات».
وبإحالة البلاغ المقدّم من وزير الدفاع ضد وزير الداخلية، إلى النائب العام، فقد انعقد الاختصاص إلى لجنة محاكمة الوزراء، وينحسر عن النيابة العامة. وقالت مصادر قانونية إن الإجراءات المتوقعة تتضمن أن يتم تثبيت البلاغ في سجلات اللجنة، ثم يتم إخطار رئيسي مجلسي الأمة والوزراء، وكذلك إخطار الشيخ خالد الجراح بمضمون البلاغ ويطلب منه الرد على البلاغ في غضون شهر أو أكثر، ثم طلب تقرير من ديوان المحاسبة فيما يتعلق بهذه القضية، وكذلك تتم الاستعانة بهيئة مكافحة الفساد لتقوم بدورها في تزويد اللجنة بالمعلومات حيث يسمح القانون لها بالاستعلام عن كل ما تحتاجه من المعلومات بما في ذلك بيانات الحسابات المصرفية في المصارف والبنوك داخل وخارج الكويت.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال الخبير الدستوري الكويتي الدكتور محمد الفيلي: «إن محكمة الوزراء أشار إليها الدستور الكويتي باعتبارها محكمة تنشأ بقانون، وتعمل وفق القواعد التي يحددها القانون».
وأضاف: «ظهر أول قانون لإنشاء المحكمة بعد تحرير دولة الكويت عام 1991. وخضع لعدد من التعديلات».
وعن اختصاص هذه المحكمة، أضاف الفيلي: «تكون مختصة بمحاكمة من تولوا وزارة وفق قواعد إجرائية خاصة»، مضيفاً أن قانون إنشاء المحكمة «يضع آليات خاصة لمحاكمة المتهمين ممن تولوا الوزارة إذا ارتكبوا جرائم هي غالباً تتعلق بجرائم الأموال العامة في إدارة الأموال وفي إدارة الأعمال».
وأوضح الفيلي: «إن كثيراً من الإحالات لهذه المحكمة انتهت بحفظ القضية، وحالياً هناك قضية منظورة أمام هذه المحكمة وهي خاصة بوزير الصحة السابق».
أما إجراءات عمل المحكمة، فقال الفيلي إن «المحكمة تتضمن آلية أولية للتحقيق، أي أن النيابة تحيل لجهاز المحكمة وفي المحكمة جهاز تحقيق يتكون من قضاة يمكنهم أن يقرروا توافر الأدلة، وبالتالي المضي قدماً في إجراءات المحاكمة، أو يقررون عدم توافر الأدلة وبالتالي حفظ القضية».