«أرامكو» تبدأ الطرح بحصر الاكتتاب على المستثمرين الأفراد داخل السعودية والخليج

وسط إقبال واسع من السعوديين، انطلق الطرح العام الأضخم عالمياً في السوق المالية العالمية أمس، ببدء الاكتتاب في أسهم شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو)، إذ بدأ مع افتتاح البنوك المحلية بداية أعمالها، وصول طلبات الاكتتاب في الأفرع، وعبر خيارات التقنية المتاحة، في وقت طرأ فيه تطور جوهري، كشفت عنه نشرة تكميلية أفصحت عنها الشركة أمس بحصر الطرح على المستثمرين داخل السعودية، وكذلك طلبات المؤسسات الواردة.
وبدأ أول أيام الطرح العام، صباح أمس، بالكشف عن قيمة النطاق الأعلى حيث أوردت الشركة أن هذا يأتي في نطاق سعري بين 30 ريالاً (8 دولارات) و32 ريالاً (8.5 دولار)، في خضم عزم بيع 1.5 في المائة من أسهم الشركة، البالغة 200 مليار سهم، ليصبح المستهدف بيعه للأفراد والمؤسسات 3 مليارات سهم.
ووفقاً للحسبة البسيطة لقيمة المليارات الثلاثة، فهذا يدفع إلى نتيجة تقييم الطرح العام الجاري بواقع 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار)، وتقييم سوقي محتمل للشركة يصل إلى 1.7 تريليون دولار، الأمر الذي يصب في نهاية المطاف إلى اعتبار «أرامكو السعودية» أكبر طرح عالمي في الأسواق المالية الدولية، دون اعتبار ما إذا ما وسعت الشركة من الطرح إلى أكثر من 1.5 في المائة من أسهم الشركة.
وباعتبار هذه الفرضيات، تكون «أرامكو السعودية» (أكبر شركة تصدير نفط الخام في العالم) متفوقة على أكبر طرح عالمي مسجل باسم شركة «علي بابا» الصينية للتجارة الإلكترونية، والتي بلغ إجمالي المتحصلات المالية للاكتتاب فيها عبر بورصة نيويورك ما قوامه 25 مليار دولار في العام 2014.
وبحسب ما استشهدت به «رويترز» أمس، أوضح نيرجنان تيروشلوام، رئيس الأبحاث في «تيليمر»: «تقييم الطرح الأولي لـ(أرامكو) عند 1.7 تريليون يعطي مساحة للصعود للمستثمرين الواعين»، في وقت أظهرت فيه نتائج الشركة أنها أعلى الشركات ربحية في العالم، كما تخطط في الوقت ذاته لتوزيع 75 مليار دولار العام المقبل، وهو مبلغ أعلى من 5 أمثال توزيعات «أبل» الأكثر توزيعاً من أي شركة مدرجة على «ستاندرد آند بورز 500».
ويبقى الرهان ينصب على سعر النفط، في وقت يُتوقع فيه أن يتباطأ الطلب العالمي من 2025، مع بدء تطبيق إجراءات لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري والتوسع في استخدام السيارات الكهربائية. «الشرق الأوسط» تتبعت تجربة أول أيام الاكتتاب في خضم التفاصيل التالية...

النشرة المحدثة
أفاق السعوديون والأجانب، صباح أمس (الأحد)، وفي خضم ترقب الإعلان عن حد النطاق السعري الأعلى للاكتتاب في سهم «أرامكو»، ليجدوا إصداراً جديداً أطلقته الشركة كنشرة إصدار تكميلية، جاء فيها بعض التفاصيل المهمة، كان منها حصرية الاكتتاب بالطرح العام للمستثمرين من داخل السعودية وبلدان دول الخليج العربي، بجانب المكتتبين المؤسساتيين، دون إبداء أي تفاصيل أو شروح متعلقة بهذا الجانب.
وذكرت الشركة في النشرة: «قررت الشركة بالتشاور مع المساهم البائع حصر عملية الطرح على المستثمرين داخل المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى الطلبات التي ترد إلى مديري سجل اكتتاب المؤسسات من الفئات المشاركة، وفقاً لبناء سجل الأوامر وتخصيص الأسهم في الاكتتابات الأولية».
وقالت الشركة إنه بناء على هذا التعديل في آلية الطرح، قامت الشركة بإجراء بعض التعديلات على نشرة الإصدار الأولية، مفيدة أنه من بين التعديلات حذف أي إشارة إلى توزيع نشرة الإصدار خارج المملكة لمستثمرين أجانب، دون توضيح تفاصيل أو مضامين ما تعنيه بهذا التعديل، كما أفصحت عن حذفها إمكانية مشاركة أعضاء مجلس إدارة الشركة في الاكتتاب في أسهم الطرح؛ حيث أصبح يحق لكبار التنفيذيين دون أعضاء مجلس الإدارة المشاركة في الطرح الجاري.
وبحسب أنظمة الإدراج والطرح في السعودية، يجب على المصدر تقديم نشرة إصدار تكميلية إلى هيئة السوق المالية وفقاً للمادة 32 من قواعد طرح الأوراق المالية والالتزامات المستمرة الصادرة عن مجلس هيئة السوق المالية قبل اكتمال الطرح إذا ما كان هناك تغير مهم في أمور جوهرية واردة في نشرة الإصدار الرئيسية، أو ظهور مسائل مهمة كان يجب تضمينها في نشرة الإصدار الأساسية.

اهتمام أجنبي
وبالرغم أن الشركة، حتى موعد إعداد هذا التقرير، لم تسم أي مستثمرين رئيسيين أو تفاصيل دقيقة حول حجم المكتتب به وقيمته، فإن اهتمام الشركات الأجنبية في المساهمة في الاكتتاب العام واضح للعيان، إذ تسمح قوانين الاستثمار المالي السعودي بدخول المؤسسات للاستثمار في أسهم الشركة العملاقة. وبحسب زكاري سفاراتي، الرئيس التنفيذي لـ«دلما لإدارة الأموال» في دبي، فإن شركته تعتزم الاكتتاب في الطرح الأولي من خلال صندوقين تديرهما، مشيراً إلى أن التقييم المبدئي «يتفق مع توقعاتنا».

الفروع تنتعش
ورغم الشكوك في الخارج، لقي الاكتتاب في السهم خلال أول أيام الطرح إقبالاً كبيراً من المواطنين السعوديين الذين يقتطعون نسبة تبلغ 0.5 في المائة من الشركة، إذ وفقاً لتتبع «الشرق الأوسط» شهدت بعض فروع المصارف حركة ديناميكية غير معتادة من عملاء البنوك وخلال قاعات الشركات الاستثمارية المالية التابعة للبنوك التجارية في البلاد. وتوزعت جهود العاملين في البنوك بين تقديم الخدمات والإجابات على الاستفسارات الواردة من العملاء حول عدد الأسهم المتاحة الاكتتاب بها، وكذلك القيمة التي ستدفع، فيما طالب آخرون بمساعدة خدمات العملاء في إتمام الطرح عبر أجهزة الصرف الآلي المتاخمة للفروع.
من جانبها، أوضحت مها شيرة، وهي المديرة التنفيذية لشركة «شي - ورك» في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن لديها معرفة ومفهوماً واضحاً لآلية الاكتتابات حيث عملت عن قرب في إدخال بيانات العملاء باعتبارها مصرفية سابقة، مشيرة إلى اهتمامها بمتابعة أخبار الأسواق العالمية والمحلية والصناديق الاستثمارية. وأضافت أن فكرة الاكتتاب بشكل عام مهمة، حيث ترى أن «(أرامكو) شركة سعودية وطنية، والاكتتاب فيها واجب، ودعم لتحقيق خطط ورؤية 2030. كما أنها من وجهة نظر المستثمر تعد فرصة استثمارية عظيمة على مستوى العالم، فهي شركة عملاقة لها كيانها وهيبتها في مجال الطاقة، وأنا وجميع عائلتي مشاركون في الاكتتاب».

ما وراء الاكتتاب
يرى مختصون أن الاكتتاب الذي انطلق أمس يكشف بوضوح حرص السعودية على تطوير السوق المالية المحلية لديها حيث ستلعب الشركة النفطية دوراً جوهرياً في تعزيز الشفافية وتعميق حجم السوق، كما يمثل الطرح تنوعاً اقتصادياً منتظراً للسعودية، ولا سيما أنه يعتمد في مفهومه على الاستدامة، وفتح قطاعات اقتصادية جديدة، وتطوير أسواق العمل، إذ يعد طرح «أرامكو» إحدى الأدوات العملية لتفعيل ذلك، كما سيفتح الطريق أمام فرص استثمارية موجهة للمستثمر المحلي والدولي في قطاع الطاقة العملاقة في المملكة.
ويرى المختصون أن الطرح العام لـ(أرامكو) يؤكد بجلاء أنه السعودية بعد إعلان مشروع «رؤية 2030» تجاوز الأقوال إلى الأفعال، إذ ها هي أكبر شركات تصدير النفط في العالم مطروحة للاكتتاب العام، وبإمكان السعوديين والأجانب المساهمة فيها.