حكاية غرامي... حكاية طويلة!

حمل مهرجان الموسيقى العربية، الذي انتهت فعالياته قبل أيام، أكثر من رسالة شخصية، تقول كل شيء، وفي نفس الوقت لا تقول أي شيء!
لم تقدم أنغام أي أغنية من تلحين والدها الموسيقار محمد علي سليمان، الذي لحن لها العشرات من أغاني البدايات، كان هو على نحو يزيد عن 15 عاماً محتكراً صوتها، يراها ملكية خاصة، يسعى لكي يعيد من خلالها حالة فيروز والرحبانية، حيث كان هناك شبه احتكار لصوتها، فلا تردد إلا فيما ندر ألحاناً بعيداً عن عاصي ومنصور، بينما سليمان أراده احتكاراً كاملاً لابنته.
أثناء وقوف أنغام على خشبة مسرح الأوبرا طالبها بعض المستمعين بغناء «في الركن البعيد الهادي» التي لحنها لها سليمان، قبل أكثر من 20 عاماً، فلم تستجب، كانت أمها المطربة المعتزلة ماجدة عبد العليم، بين الحضور، وموبايلات عدد من صديقات أنغام، مثل النجمة زينة كانت ترصد ردود فعل الأم ونشوتها وفخرها بما تحققه ابنتها، بينما الأب - طليق أمها - يتابع الحفل على إحدى موجات الإذاعة، يحدوه الأمل أن أنغام ستردِّدُ واحداً من ألحانه، ليتذكر الناس اسمه، قبل أن يذهب إلى زوايا النسيان، وبعد إسدال الستار عن حفل أنغام، انفتح مجدداً على أكثر من «بوست» يهاجم الأب فيه ابنته دون الإشارة مباشرة إلى اسمها، لم تكن الكلمات تحتمل شيئاً آخر، سوى النيل منها، وبعد أن تمالك سليمان أعصابه، تراجع معلناً أن هناك من سرق حسابه على «فيسبوك».
بعدها بأيام قلائل، في حفل ختام المهرجان، تابع الجمهور المطربة أصالة وهي تردد أكثر من أغنية جديدة، كانوا يفسرون الكلمات كما يحلو لهم، فيحملونها ظلالاً تشي بتوتر علاقتها مع زوجها المخرج طارق العريان، والذي لم يحضر هذه المرة الحفل، بينما كان يتعمد في أغلب حفلاتها السابقة، الوجود مشجعاً ومؤيداً، وكثيراً ما كانت تداعبه بين الفواصل الغنائية، هذه المرة كانت تداعب فقط عدداً من أفراد عائلتها، مما فتح الباب لكثير من التأويلات.
التاريخ الغنائي مليء برسائل عاطفية وسياسية، بل وعسكرية أيضاً مغلفة بكلمات وأنغام، أراد مثلاً الرئيس الراحل جمال عبد الناصر توجيه إنذار لإسرائيل لكي تتراجع عن مهاجمة مصر، وغنت أم كلثوم قبل حرب 67 بأيام قليلة «راجعين بقوة السلاح» وبالطبع لم تثنِ الأغنية إسرائيل عن ضرب سلاح الطيران المصري، وجاءت الهزيمة قاسية.
أحمد شوقي في سهرة جمعته بأم كلثوم قدم لها كأساً من النبيذ، فلم تقترب منها فكتب لها «سلوا كؤوس الطلى - هل لامست فاها»، واحتفظت أم كلثوم بكلمات القصيدة، بخط يد أمير الشعراء، وقدمتها بعد 20 عاماً لرياض السنباطي لتلحينها.
أغانٍ أخرى عبرت عن مشاعر متباينة، عندما كان فريد الأطرش في حالة حب مع الفنانة سامية جمال، طلب من صديقه الشاعر مأمون الشناوي التعبير عن أحاسيسه فكتب منتشياً «حبيب العمر»، وبعد أن اختلف مع سامية جمال طلب منه دعمه فكتب معاتباً «أنا كنت فاكرك ملاك - أتاري حبك هلاك»، ثم انتقل بمؤشر عواطفه إلى المطربة شادية، وقبل إعلان الزواج اختلف الحبيبان، فكتب له مأمون الشناوي مواسياً «حكاية غرامي حكاية طويلة»، في الماضي أحالوا المشاعر إلى أغانٍ، في هذا الزمن صرنا نتابع مواقف على المسرح، تقول كل شيء، ولا تقول أي شيء!