انفجار الخلاف بين أقطاب الحكومة الكويتية واجتماع مرتقب للأسرة

تفجّر الخلاف بين أركان الحكومة الكويتية، وهم أيضاً أقطاب بارزون في الأسرة الحاكمة، إثر اتهامات بالتقصير في مكافحة الفساد وتبديد المال العام، وأسفرت الأزمة مؤخراً عن استقالة الحكومة.
وراجت أنباء، أمس، عن اجتماع مرتقب لأسرة الصباح لتطويق الخلاف بين أقطاب بارزين في الأسرة وأعضاء في الحكومة المستقيلة هم: رئيس مجلس الوزراء المستقيل الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، والنائب الأول لرئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح.
وكان وزير الدفاع الكويتي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، قد كشف، أمس (السبت)، عن وثائق تُظهر الاستيلاء على نحو 800 مليون دولار من صندوق لمساعدة العسكريين، مؤكداً أن هذه القضية سرّعت الاستقالة الأخيرة للحكومة. وقال الوزير، في بيان، إن الاستيلاء على 240 مليون دينار كويتي (789 مليون دولار) تم قبل تعيينه وزيراً للدفاع في 2017.
وفي حين اتهم وزيرُ الدفاع رئيسَ الحكومة بالمماطلة في التصدي لملف الفساد، شنّ وزير الداخلية هجوماً على وزير الدفاع، مشيراً إلى أنه أحال ملف الفساد «إلى النيابة العامة وتسريبه للكتب السرية الصادرة منه»، متهماً خصمه الشيخ ناصر صباح الأحمد، بوجود «الأهداف والتطلعات السياسية التي يبتغيها والتي لا تنطلي على أهل الكويت».
وكان الشيخ ناصر صباح الأحمد وزير الدفاع، قد قال، أمس، إنه أحال نتائج تحقيق داخلي بشأن هذا الأمر إلى القضاء قبيل إعلان استقالة الحكومة. وتابع أنه طلب بلا جدوى تفسيرات بشأن ذلك من رئيس الحكومة ووزير الداخلية. وأضاف أنه قرر «مقاطعة اجتماعات الحكومة»؛ احتجاجاً على عدم الرد على أسئلته، وأكد: «هذا هو السبب الرئيسي لاستقالة الحكومة».
ونفى الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح وجود أي خلافات شخصية مع وزراء الحكومة المستقيلة، مشيراً إلى أن التجاوزات المالية بصندوق الجيش السبب هي الرئيسي في استقالة الحكومة.
وقال وزير الدفاع إن «ما ذُكر من أسباب عن تقديم الحكومة لاستقالتها، وهي الرغبة في إعادة ترتيب الفريق الحكومي، لم يُصِب عين الحقيقة، بل إن السبب الرئيسي لدوافع تقديم الاستقالة هو تجنب الحكومة عدم الالتزام بقسمها من خلال تقديمها للإجابات حول ما تم توجيهه من استفسارات واستيضاحات لرئيس مجلس الوزراء حول التجاوزات التي تمت في صندوق الجيش والحسابات المرتبطة به».
وأضاف أن «ما تم اكتشافه من تجاوزات مالية قد وقعت في صندوق الجيش خلال الفترة التي سبقت تولينا لحقيبة وزارة الدفاع، والتي تشير إلى مخالفات وشبهة جرائم متعلقة بالمال العام، والتي تجاوزت مبالغها 240 مليون دينار كويتي حتى وقتنا الحالي».
وأشار الصباح إلى اتخاذ قرار بتحويل هذه التجاوزات والمعنيين بها إلى النائب العام، لافتاً إلى اطلاع رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، على تفاصيل هذه التجاوزات والإجراءات المتبعة في هذا الشأن.
وأوضح الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، أنه «تم توجيه عدة مخاطبات منذ يونيو (حزيران) الماضي إلى سمو رئيس الوزراء وإلى وزير الداخلية لاستيضاح الحقيقة بشكل كامل وتبرير عمليات التحويل الضخمة التي تمت، في شبهة تجاوزات صندوق الجيش، وذلك لاتخاذ القرارات الصائبة والواجب العمل بها، إلا أنه لم تردنا أي إجابات تزيل الشك وشبهة جرائم المال العام المرتبطة بتلك التجاوزات».
وأضاف: «قدمنا خطاباً لسمو الرئيس في وقت سابق عبّرنا من خلاله عن اعتذارنا عن حضور جلسات مجلس الوزراء لحين تقديم الردود المطلوبة حول ما قدمناه من استفسارات، وجاءنا الرد على خطابنا مؤخراً وتحديداً في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري دون تقديم أي مبررات واضحة حول ما أثرناه من تساؤلات، بل إن الأمر ازداد تعقيداً عندما جاءنا الرد من سمو رئيس الوزراء بتشكيل لجنة تحقيق خاصة يترأسها لبحث تلك التجاوزات».
ومضى يقول: «من الطبيعي في مثل هذه المواقف لا يمكن لنا تقبل فكرة تشكيل لجنة تحقيق يكون عملها تحت مظلة من تكون أسماؤهم قد وردت في مثل تلك التجاوزات، فهو إجراء يضعنا جميعاً في موضع الشبهات ومخالفة أحكام القانون، والذي هو الحد الفاصل بيننا وبين أي أحكام يتم النظر في مضمونها من قِبل الجهات المختصة».
وأوضح أنه «بناءً على ما تقدم وحفاظاً على حرمة المال العام ولإعلاء شأن العدالة وتعزيز مكانتها، فقد اتخذنا قرار تحويل هذه التجاوزات والمعنيين بها إلى النائب العام، وهو الإجراء الذي يجب علينا القبول به، والرضا بأحكام القضاء الذي يظلنا جميعاً، وإظهاراً منا لروح التعاون فقد تم إطلاع رئيس مجلس الأمة على تفاصيل هذه التجاوزات والإجراءات المتبعة من قِبلنا في هذا الشأن، ملتزمين بقسمنا أمام الله وسمو الأمير وممثلي الأمة».
وفي المقابل، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتي الشيخ خالد الجراح، استعداده للمثول أمام القضاء لإثبات براءته أمام القيادة السياسية والشعب الكويتي.
وقال الجراح، في بيان صحافي أمس (السبت): «لقد آلمني ما تم تسريبه وتداوله في وسائل التواصل الاجتماعي من اتهامات فيها المساس لي ولأسرتي وطعن في ذمتي المالية دون دليل أو برهان».
وأكد أن صندوق الجيش وحسابات الجيش قد تم إنشاؤها منذ تأسيس الجيش الكويتي، ولها أغراض تختص بالأمن الوطني للبلاد، وقد أشرف عليها وزراء الدفاع المتوالون منذ تأسيسها، مشيراً إلى أنه منذ توليه حقيبة وزارة الدفاع لم يغيّر الأهداف والأغراض التي أُنشئ لها الصندوق والحسابات ولم تخرج عن النشاط المنشأ من أجله.
وقال الجراح: «من غير المستغرب من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع إحالة الموضوع إلى النيابة العامة وتسريبه للكتب السرية الصادرة منه، وتعمده إخفاء الحقيقة الكاملة عن الشعب الكويتي لا سيما الردود الواردة له وفي هذا التوقيت بالذات وبعد استقالة الحكومة رغم ادعائه علمه بالشبهات منذ أكثر من سبعة أشهر، وهو ما يثبت الأهداف والتطلعات السياسية التي يبتغيها والتي لا تنطلي على أهل الكويت ولا تغيب عن فطنتهم».
وأضاف: «أود أن أشكر سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك لقيامه فور علمه باحتمالية وجود شبهات، بتوجيه النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع لإجراء التحقيقات اللازمة في الشبهات حمايةً للمال العام ولمحاسبة المقصرين إن وجدت، وأنا على أتم الاستعداد للمثول أمام القضاء الكويتي العادل لأثبت براءتي أمام القيادة السياسية والشعب الكويتي العظيم، فأحكام القضاء الشامخ هي عنوان الحقيقة، وليس ما يتم تسريبه من أوراق مفبركة عبر الحملات المنظمة في وسائل التواصل الاجتماعي».