إليف شافاق: انتحار أسرة كاملة في تركيا يكشف فقدان المجتمع للأمل

داخل إحدى البنايات السكنية الواقعة بمنطقة الفاتح، إحدى أكثر المناطق المحافظة في العاصمة التركية، اكتشف عدد من سكانها حادث انتحار لأربعة أفراد من عائلة واحدة تُقيم بالحي منذ عقود طويلة، بعدما لاحظوا ورقة معلقة على باب منزلهم مكتوب عليها: «توجد مادة سامة في الداخل. اتصلوا بالشرطة. لا تدخلوا».
وبحسب روايات أصدقاء للعائلة التركية، فإن أفراد الأسرة عاشوا في حالة بطالة، وظروف معيشية صعبة، وديون كبيرة، جعلتهم يقاتلون ما أصابهم من اكتئاب وقلق نتيجة هذه الظروف السيئة.
ومن بين هؤلاء الأصدقاء صاحب متجر محلي، كان على معرفة وطيدة بهم لفترة طويلة، تحدث عن محاسن هذه الأسرة، والظروف الاقتصادية التي انتهت بهم إلى هذه النهاية، يقول: «لقد كانوا أناس رائعين؛ الفقر هو الذي دفعهم إلى هذه النهاية».
وظلت آثار الفقر والعوز تلاحقهم حتى بعد مماتهم، بعدما قطعت شركة الكهرباء خدمتها عن الشقة بسبب عدم سداد الفواتير لشهور طويلة.
وكشفت الروائية التركية الشهيرة إليف شافاق، في مقال منشور لها بصحيفة «الغارديان» البريطانية تحت عنوان «انتحار أسرة يكشف عن مجتمع فقد الأمل»، وذكرت تفاصيل القصة وربطتها بمتغيرات اقتصادية يعاني منها المجتمع التركي حاليا.
وارتفع سعر الكهرباء 10 مرات في تركيا هذا العام، بمقدار زيادة إجمالية بلغت نحو 57 في المائة، وبلغت البطالة نسبة 27 في المائة، وهي الأسباب التي يدفع بها قطاع واسع من التيار الديمقراطي والليبرالي لتفسير ارتفاع معدلات الانتحار في السنوات الأخيرة.
ويخالف هذا الطرح الأصوات المؤيدة للحكومة التي تتهم كُل من يحاول الربط بين وقوع هذه الحوادث والأزمات الاقتصادية بالخيانة والعمالة لجهات خارجية، وابتداع أسباب أخرى للانتحار، كالزعم بوجود كتاب عن الإلحاد بمنزل الأسرة الأخيرة، والربط بينه وبين انتهاء حياتهم.
غير أن رواية داعمي الحكومة لتفسير حالات الانتحار بقراءة كتب في الإلحاد لم تصمد أمام حالة أسرة أخرى في أنطاليا، وقعت قبل أيام، بعدما أقدم أفرادها على تناول جرعة زائدة من مادة سامة، لتنتهي حياة أربعة أفراد، بينهم طفلان في الخامسة والتاسعة من عمرهم. وترك الأب، العاطل عن العمل منذ فترة طويلة، رسالة يشرح فيها الصعوبات المعيشية التي اضطرته لهذا الخيار الصعب.
وتضيف شافاق، عن أن من يكتب أو يربط بين سوء العوامل الاجتماعية والاقتصادية والارتفاع الكبير في حالات الانتحار ينتهي به الحال للتعامل معه بصفته «خائناً» من جانب وسائل الإعلام الموالية للسلطات.
وتقول إن هناك مقترحات لتمرير تشريعات وقوانين عقابية بحق الأكاديميين والاقتصاديين الذين يقدمون تنبؤات قاتمة عن الاقتصاد التركي.