الاقتصاد الصيني يعاني مع تعثر أهم محركاته الرئيسية

أظهر اقتصاد الصين مؤشرات جديدة على ضعف النمو الخميس، مع بيانات تظهر تباطؤا حادا في إنفاق المستهلك وإنتاج المصانع، فيما انخفض نمو الاستثمار إلى مستوى قياسي تحت وطأة النزاع التجاري مع الولايات المتحدة.
وهذه أحدث البيانات التي تقلق قادة بكين الذين يخوضون حرب رسوم مع الولايات المتحدة، يضاف إليها آفاق عالمية ضعيفة، وسعيهم في نفس الوقت للسيطرة على دين محلي هائل.
وقال المسؤولون إن مبيعات التجزئة، وهي مقياس رئيسي لإنفاق جيوش المستهلكين في الصين، سجلت نموا بنسبة 7.2 في المائة على أساس سنوي في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتراجع 0.6 نقطة مئوية عن سبتمبر (أيلول) وأقل من التوقعات.
وأظهرت الأرقام التي نشرها المكتب الوطني للإحصاءات نموا في الإنتاج الصناعي بنسبة 4.7 في المائة، مقارنة بـ5.8 في المائة في الشهر الذي سبقه. وأظهرت البيانات أن قيمة الصادرات الصناعية المسلمة نزلت 3.8 في المائة في أكتوبر، في تراجع للشهر الثالث على التوالي. وهبط إنتاج الصين من الصلب إلى أدنى مستوياته في سبعة أشهر في أكتوبر، بينما انكمش إنتاج الإسمنت للمرة الأولى في أكثر من عام مقارنة به قبل سنة.
وسجل استثمار رأس المال الثابت نموا بنسبة 5.2 في المائة في الأشهر العشرة الأولى، هي أدنى نسبة له منذ بدء تسجيل البيانات القابلة للمقارنة في 1998. وكانت التوقعات تشير إلى نمو نسبته 5.4 في المائة. فيما ارتفع الاستثمار في البنية التحتية 4.2 في المائة في الشهور العشرة الأولى، في تباطؤ عن زيادة 4.5 في المائة في الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر.
وحذرت ليو أيهوا، من المكتب الوطني الصيني للإحصاءات، من أن الصين تواجه «وضعا اقتصاديا دوليا معقدا» مع ضغوط تثقل كاهل الاقتصاد المحلي. وحذر المحللون من مزيد من المتاعب لثاني أكبر اقتصاد في العالم، الذي سجل نموا بنسبة 6 في المائة في الفصل الثالث، هو الأضعف في ثلاثة عقود تقريبا... لكن المسؤولة الصينية أعربت عن ثقتها في أن تصل نسبة النمو الاقتصادي هذا العام للمعدل المستهدف من قبل الحكومة الصينية، والتي تتراوح ما بين 6 إلى 6.5 في المائة.
وحذر مارتن لينغ راسموسن، من «كابيتال إيكونوميكس»، قائلا: «لم تكن أرقام الشهر الماضي ضعيفة فحسب، بل ستعاني من مزيد من الضعف في المستقبل»، متوقعا المزيد من الليونة النقدية.
من جانبه، قال هانتر تشان، محلل اقتصادي لدى مصرف «ستاندرد تشارتد» في هونغ كونغ، إن «البيانات الصناعية المخيبة للآمال تعكس تراجع الطلب المحلي والخارجي بما يستدعي مزيدا من جهود الحكومة الصينية في سبيل تحفيز الطلب المحلي على الأقل»، متوقعا أن تعمد بكين إلى خفض تكاليف الإقراض وتحسين بيئة مناخ الأعمال مع بداية العام المقبل.
وقد كشفت السلطات عن سلسلة من الإجراءات للدفع بالنمو بينها اقتطاعات كبيرة للضريبة ومعدلات الفائدة، إضافة إلى إلغاء قيود على الاستثمارات الأجنبية في أسواق المال. وقال تينغ لو، كبير خبراء الاقتصاد لدى «نومورا إنترناشونال» في الصين، إن «الآفاق السيئة للنمو ستدفع على الأرجح بكين لبذل المزيد من الجهود لدعم النمو».
وتأتي الأرقام الأخيرة بعد بيانات في نهاية الأسبوع تظهر انخفاض أسعار المصانع بأسرع وتيرة لها منذ ثلاث سنوات مع تباطؤ الطلبات، فيما تضخم أسعار المستهلك لا يدعمه سوى ارتفاع ثمن لحم الخنزير بسبب وباء حمى الخنازير.
وحذرت بيتي وانغ من مؤسسة «إيه إن زد» للأبحاث، من أن «قطاع التصنيع في الصين ظل بطيئاً في أكتوبر، ومن غير المرجح أن يشهد ارتياحا فوريا، رغم تخفيف الإجراءات النقدية السابقة».
وتبرز آمال بحل الأزمة مع الولايات المتحدة مع توصل الطرفين إلى اتفاق جزئي يتضمن قيام كل منهما بإلغاء الرسوم المتبادلة على سلع بقيمة مئات مليارات الدولارات.
لكن راسموسن حذر من أنه فيما التفاؤل بشكل اتفاق تجارة يمكن أن «يوفر دعما لاستثمارات الشركات في المستقبل القريب»، فإن التركيز سرعان ما سيتحول إلى «قضايا أكثر تعقيدا ستؤدي بنهاية الأمر إلى انهيار محادثات التجارة الأوسع».
ومن جانبه، ذكر موقع «ماركت ووتش» الاقتصادي العالمي أن الاقتصاد الصيني يظهر علامات ضعف جديدة في الأداء، وذلك بعد أن جاءت نسب النمو بقطاعات تعد محركا أساسيا لدفع عجلة النمو الاقتصادي «مخيبة للآمال» مُشكلة لغزا أمام صانعي القرار في البلاد في ظل محاولاتهم الحثيثة، لدعم ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم في مواجهة التداعيات السلبية للحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وأوضح تقرير «ماركت ووتش» المعني بالشأن الاقتصادي العالمي، أن البيانات الاقتصادية الضعيفة تعكس تباطؤ نمو ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم. متوقعا في الوقت ذاته أن تسهم التدابير المتخذة من قبل الحكومة الصينية والتي تضمن خفض الضرائب وطرح إجراءات تيسير نقدي إلى جانب زيادة الإنفاق على البنية التحتية، في دعم اقتصاد البلاد.