مكتب استشاري دولي لحسم الخلاف المصري ـ الإثيوبي حول أزمة نهر النيل

وزيرا مياه الدولتين والسودان يجتمعون في القاهرة الخميس لاختياره

إثيوبيا سد النهضة
إثيوبيا سد النهضة
TT

مكتب استشاري دولي لحسم الخلاف المصري ـ الإثيوبي حول أزمة نهر النيل

إثيوبيا سد النهضة
إثيوبيا سد النهضة

تدخل المفاوضات المصرية - الإثيوبية حول أزمة نهر النيل، مرحلة جديدة، حين يعقد وزيرا الدولتين، إضافة إلى السودان اجتماعا مهما بالقاهرة الخميس المقبل للاتفاق على تحديد مكتب استشاري دولي «محايد»، يقوم بدراسة آثار «سد النهضة» الذي تدشنه إثيوبيا على النهر، وتقول مصر إنه سيؤدي إلى نقص في حصتها من المياه. وقالت مصادر بوزارة الري المصري لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن كل دولة أعدت قائمة لمكاتب استشارية دولية كبرى مرشحة لإجراء الدراسات الفنية تحمل جنسيات دول أوروبية وأميركية، حيث سيجري تحديد اسم المكتب من بين 9 أسماء تطرحها الدول الثلاث بمعدل 3 لكل دولة.
وقال الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري المصري، إن اللجنة الوطنية للدول الثلاث لسد النهضة سوف تجتمع في القاهرة لاستكمال المباحثات الخاصة بتنفيذ خارطة الطريق التي وافق عليها وزراء المياه بمصر والسودان وإثيوبيا خلال اجتماعاتهم بالعاصمة السودانية الخرطوم في أغسطس (آب) الماضي.
وأوضح مغازي في بيان له أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أنه «تقرر تبكير موعد اجتماعات اللجنة الوطنية الخاصة بسد النهضة لتصبح يومي 16 و17 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بدلا من الموعد القديم وهو 20 و21 أكتوبر»، مشيرا إلى أن «الموعد الجديد جرى اختياره ليوائم جدول أعمال الوزراء الـ3 الذين سيحضرون الاجتماع بالقاهرة».
كانت الأزمة بين مصر وإثيوبيا تصاعدت بشكل حاد منذ عام 2011، عندما شرعت إثيوبيا في تشييد سد عملاق على نهر النيل بتكلفة 4.7 مليار دولار جنوب الحدود السودانية مع إثيوبيا، ويتوقع اكتمال تشييده عام 2017 ليكون أكبر سد أفريقي وعاشر سد لإنتاج الكهرباء على مستوى العالم. وتقول مصر، إن السد يهدد حصتها من المياه، التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، بما يصل لأكثر من 10 في المائة، كما سيؤدي لخفض كمية الكهرباء المولدة من السد العالي.
ويعد اجتماع القاهرة هو الثاني للجنة الوطنية والمؤلفة من 12 خبيرا (4 خبراء من كل دولة)، ومن المقرر أن يجري فيه تبادل الدراسات الخاصة بالسد بين الوفود الـ3، وتحديد اسم المكتب الاستشاري الدولي الذي سيقوم بإعداد دراستين حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية للمشروع الإثيوبي على دولتي المصب (مصر والسودان)، وعلى الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، سواء للزراعة أو صيد الأسماك أو الرعي على امتداد نهر النيل، بالإضافة إلى الدراسة الهيدروليكية لحركة المياه وقواعد الملء والتخزين أمام سد النهضة وفترات الملء والتفريغ.
وكان الاجتماع الأول قد عقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، وجرى الاتفاق فيه على الشروط المرجعية لعمل اللجنة واختيار المكتب الاستشاري، كما قام الوفد المصري بزيارة استطلاعية لسد النهضة تأكد خلالها أن السد ما زال في مرحلة التأسيس وأنه لا صحة لما تردد من مزاعم حول حجزه مياه النيل عن مصر.
وقال مغازي، إن مصر لم تكرر مطلبها بوقف البناء في سد النهضة الإثيوبي، وأرجأت اتخاذ موقف نهائي لحين استكمال الدراسات في مارس (آذار) المقبل، وبعد أن تأكد لها خلال مفاوضات الخرطوم وأديس أبابا وزيارة الوفد المصري لسد النهضة أخيرا، أن عملية البناء لا تزال في مرحلة التأسيس وأن الدراسات سوف تستكمل قبل انتهاء المرحلة الأولى لبناء السد المقرر لها نهاية 2015، مشيرا إلى أن مصر لا تعترض على هذه المرحلة لأنها لا تشكل أي خطورة على حقوقنا المائية، حيث إن سعة السد تبلغ 14 مليار متر مكعب.
وتابع الوزير أن مصر تعترض على أن تكون سعة السد 74 مليار متر مكعب، وأي سعة تلحق ضررا بحصتها المائية، وستعلن موقفها رسميا من سد النهضة بعد انتهاء خارطة الطريق وإعلان توصيات المكتب الاستشاري العالمي الذي سيتولى القيام بالدراسات الفنية.
من جهة أخرى، استقبل سامح شكري، وزير الخارجية المصري، أمس، نظيره السوداني علي كرتي بحضور وفدي البلدين. وقال بيان للخارجية المصرية، إن اللقاء تناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وأهمية استمرار تطورها في مختلف المجالات والقطاعات في إطار المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين وأهمية العمل على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية وفي مجالات التدريب والتحضير لعقد اجتماع للجنة العليا المشتركة.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة السفير بدر عبد العاطي، أن اللقاء تناول أيضا استمرار التعاون بين البلدين في المحافل الإقليمية والدولية وتعزيز التشاور المشترك فيما يتعلق بالموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فضلا عن قضية الأمن المائي وتطورات مشروع «سد النهضة» في إطار تحقيق المصالح المشتركة للجميع دون الإضرار بمصالح أي طرف، كما ناقش الجانبان تحديد موعد لزيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير المرتقبة لمصر ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضح السفير عبد المحمود عبد الحليم، سفير السودان لدى مصر، أن الرئيس السوداني سيقوم بزيارة رسمية إلى في الثامن عشر من شهر أكتوبر الحالي تستغرق يومين، وستعطي انطلاقة جديدة لعلاقات البلدين الشقيقين في كل المجالات، مشيرا إلى أنه تقرر عقد اجتماعات مشتركة بالخرطوم عقب زيارة البشير إلى القاهرة بمشاركة الوزراء المعنيين.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.