أسواق العالم تواصل «ماراثون الأرقام القياسية»

بكين تشير إلى اتفاق مع واشنطن على إلغاء متبادل لرسوم جمركية

فتح المؤشران «داو جونز» و«ستاندرد آند بورز 500» على مستويين قياسيين مرتفعين أمس (أ.ب)
فتح المؤشران «داو جونز» و«ستاندرد آند بورز 500» على مستويين قياسيين مرتفعين أمس (أ.ب)
TT

أسواق العالم تواصل «ماراثون الأرقام القياسية»

فتح المؤشران «داو جونز» و«ستاندرد آند بورز 500» على مستويين قياسيين مرتفعين أمس (أ.ب)
فتح المؤشران «داو جونز» و«ستاندرد آند بورز 500» على مستويين قياسيين مرتفعين أمس (أ.ب)

مع استمرار موجة التفاؤل القياسية، التي تغذيها أنباء إيجابية يومية حول مزيد من التقدم في المباحثات الأميركية الصينية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق أولي، من شأنه إنهاء – أو تخفيض - حدة النزاع التجاري الذي آذى الاقتصاد العالمي على مدار أكثر من عام، واصلت الأسواق العالمية أمس تحقيق أرقامها القياسية التي بدأت مطلع الأسبوع، وكسرت مؤشرات عدد من الأسواق قمة 52 أسبوعاً لليوم الرابع على التوالي.
وبالأمس، قالت وزارة التجارة الصينية إن بكين وواشنطن اتفقتا على مدى الأسبوعين الأخيرين على إلغاء رسوم جمركية، تبادل البلدان فرضها في الحرب التجارية المستمرة منذ شهور على مراحل مختلفة.
وقال غاو فنغ، المتحدث باسم الوزارة، إنه يتعين على الصين والولايات المتحدة أن يتبادلا إلغاء بعض الرسوم من أجل الوصول إلى «المرحلة الأولى» من اتفاق التجارة. وأضاف خلال إفادة صحافية دورية، أن إلغاء الرسوم شرط مهم لإبرام أي اتفاق.
وقال غاو للصحافيين، إن نسبة الرسوم الملغاة يتعين أن تكون متماثلة مع ضرورة التفاوض بشأن حجم الرسوم التي ستلغى. وأضاف: «بدأت الحرب التجارية بالرسوم، وينبغي أن تنتهي بإلغائها». ولم يذكر إطاراً زمنياً لذلك؛ موضحاً أنه «إذا توصلت الصين والولايات المتحدة إلى اتفاق المرحلة الأولى (ضمن الاتفاق الشامل بين الجانبين حول الاحتكاكات التجارية)، فعليهما أن تلغيا في الوقت نفسه وبالمعدل ذاته التعريفات الجمركية المفروضة على الواردات، وفقاً لمضمون الاتفاق»، مؤكداً أن «هذا أمر مهم للتوصل إلى اتفاق (شامل)».
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن غاو، أن قيمة الرسوم التي سيتم إلغاؤها خلال المرحلة الأولى ستتحدد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وستتوقف على طبيعة الاتفاق المنتظر، مضيفاً أن واشنطن وبكين أجرتا «محادثات بناءة» خلال الأسبوعين الماضيين.
وسبق أن صرح مصدر لـ«رويترز» بأن المفاوضين الصينيين يريدون من الولايات المتحدة أن تلغي رسوماً بنسبة 15 في المائة على سلع صينية قيمتها نحو 125 مليار دولار، بدأ سريانها منذ أول سبتمبر (أيلول) الماضي. ويريدون أيضاً إلغاء رسوم جمركية مفروضة في وقت سابق على واردات تشمل الآلات وأشباه الموصلات والأثاث، قيمتها نحو 250 مليار دولار.
وقال مصدر مطلع على موقف الصين التفاوضي، إن بكين تضغط على واشنطن «لإلغاء جميع الرسوم في أقرب وقت ممكن».
وقد يوقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جينبينغ اتفاقاً خلال الشهر الجاري، في موقع لم يتحدد بعد.
وكان كبار المفاوضين التجاريين الصينيين والأميركيين قد اتفقا – خلال اتصالات هاتفية مؤخراً – على معالجة وحل شواغل الجانبين الأساسية بشكل مناسب، إلى جانب وجود آليات للإشراف على واردات الدواجن الصينية المصنعة وسمك السلور، مع رفع الجانب الصيني الحظر المفروض على صادرات الدواجن الأميركية، وتطبيق نظام معلومات الصحة العامة على منتجات اللحوم.
وذكرت «بلومبرغ» أنه إذا أكدت الولايات المتحدة التوصل إلى هذا الاتفاق، فإنه سيمهد الطريق أمام تخفيف حدة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وكان من المتوقع أن يتخذ الرئيسان خطوة نحو حل ذلك النزاع التجاري قبيل الانتخابات الأميركية 2020، خلال قمة دولية في تشيلي هذا الشهر؛ لكن القمة تأجلت بسبب المظاهرات في العاصمة التشيلية سانتياغو.

الأسواق تحلق
وفي «وول ستريت»، سجل المؤشران «داو جونز الصناعي»، و«ستاندرد آند بورز 500» مستويين قياسيين مرتفعين عند الفتح أمس، بدعم من مكاسب لأسهم التكنولوجيا، وسط علامات على تقدم في محادثات العلاقات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، وحزمة جديدة من تقارير إيجابية إلى حد كبير لأرباح الشركات.
وصعد المؤشر «داو جونز» في بداية الجلسة 97.60 نقطة، أو 0.36 في المائة، إلى 27590.16 نقطة. وارتفع المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأوسع نطاقاً 10.24 نقطة،
أو 0.33 في المائة، إلى 2087.02 نقطة. وبدأ المؤشر «ناسداك» المجمع الجلسة مرتفعاً 44.48 نقطة، أو 0.53 في المائة، إلى 8455.11 نقطة.
أوروبياً، صعدت الأسهم لأعلى مستوى في أكثر من أربعة أشهر، بعد الأنباء الإيجابية، مما يعزز موجة صعود مستمرة لليوم الخامس على التوالي. وبحلول الساعة 16:12 بتوقيت غرينتش، صعد المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.41 في المائة، بينما حقق المؤشر «داكس» الألماني، الزاخر بشركات التصدير، أداء أفضل من سائر السوق بوجه عام، وارتفع 0.82 في المائة.
وكان قطاعا صناعة السيارات والتعدين ضمن الأعلى ارتفاعاً في القطاعات الأوروبية الفرعية، بينما تراجعت قطاعات مثل الاتصالات والمرافق، مما يشير إلى ارتفاع الشهية للمخاطرة.
وفي آسيا، حققت الأسهم اليابانية مكاسب محدودة، لتغلق عند أعلى مستوى في عام أمس. وزاد المؤشر «نيكي» 0.11 في المائة ليغلق عند 23330.32 نقطة، وهو أعلى مستوى إقفال للمؤشر القياسي منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وتقدم المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 0.22 في المائة إلى 1698.13 نقطة، وهو أيضاً أعلى مستوى في عام.
وعلى مدى الشهر الفائت، ارتفع «نيكي» نحو ثمانية في المائة، وصعد «توبكس» سبعة في المائة، ليتفوقا في الأداء على معظم الأسواق الأخرى، بفضل تنامي التوقعات بأن واشنطن وبكين ستوقعان اتفاق المرحلة واحد، كخطوة أولى صوب تسوية نزاعهما التجاري المستمر منذ 16 شهراً.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».