حجب 59 موقعاً إلكترونياً فلسطينياً بقرار قضائي رفضته الحكومة

غضب متزايد تجاه «تكميم الأفواه»... واستئناف على القرار

TT

حجب 59 موقعاً إلكترونياً فلسطينياً بقرار قضائي رفضته الحكومة

أثار قرار قضائي فلسطيني بإغلاق 59 موقعاً إخبارياً إلكترونياً وصفحات عبر الـ«فيسبوك»، جدلاً واسعاً وغضباً ومطالبات متزايدة بالتراجع عن سياسة «تكميم الأفواه».
وفي موقف نادر، عارضت الحكومة الفلسطينية القرار الذي دفع تجاهه النائب العام واتخذ في محكمة صلح رام الله. وطالبت الحكومة الفلسطينية جهات الاختصاص والنائب العام بالتراجع عن قرار حجب بعض المواقع الإلكترونية، وفق الإجراءات القانونية واجبة الاتباع والتسلسل.
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة إبراهيم ملحم، إن «الحكومة تابعت القرار الذي صدر عن محكمة صلح رام الله والقاضي بحجب عدد من المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، مؤكدة احترامها للاتفاقيات الدولية التي تكفل حماية الحريات وصونها، واحترامها الشديد لاستقلال القضاء وعدم تدخلها في شؤونه».
كما طالبت الحكومة، القائمين على كل المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، بتوخي المعايير المهنية والأخلاقية فيما ينشر من أخبار ومواد إعلامية، مع تأكيدها على صونها لحرية الرأي والتعبير التي تكفلها الأنظمة والقوانين الفلسطينية والدولية في آن.
وكانت محكمة صلح رام الله، برئاسة القاضي محمد حسين، أخذت قراراً يقضي بحجب 59 موقعاً إلكترونياً في فلسطين، بناء على طلب من النائب العام. وجاء في قرار المحكمة، الصادر بتاريخ 17 الجاري: «بالتدقيق في هذا الطلب تجد المحكمة أن النيابة العامة قد أسست هذا الطلب سنداً لنص المادة 2/39 من القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018، على سند من القول إن الجهة المستدعى ضدهم، قد أقدمت على نشر ووضع عبارات وصور ومقالات عبر الشبكة العنكبوتية من شأنها تهديد الأمن القومي والسلم الأهلي والإخلال بالنظام العام والآداب العامة وإثارة الرأي العام الفلسطيني، طالبة بالنتيجة حجب هذا الموقع، ومن حيث الموضوع ظاهر الأدلة المقدمة في هذا الطلب فإننا نجد أن نص المادة 2/39 من القرار بقانون رقم (10) لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية، قد أجازت حجب عن المواقع الإلكترونية، ولذلك وسنداً لما تقدم فإن المحكمة تقرر إجابة طلب النائب العام وحجب المواقع الإلكترونية المذكورة أعلاه، إذ إنه قرار صدر تدقيقاً باسم الشعب العربي الفلسطيني بتاريخ 17-10-2019».
وتسرب قرار المحكمة بعدما حولته النيابة لشركات الإنترنت في الأراضي الفلسطينية قبل أن تهب عاصفة من الانتقادات.
وفي الأثناء تصدت نقابة الصحافيين للقرار. وقال نقيب الصحافيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر خلال مؤتمر صحافي، إن قرار حجب المواقع من قبل المحكمة مجزرة وتاريخ أسود في تاريخ الصحافة الفلسطينية.
وأكد أبو بكر إن النقابة توجهت للقضاء الفلسطيني، واستأنفت على قرار محكمة الصلح، بحجب عشرات المواقع الإلكترونية. وأعلن أن النقابة في حلّ من أي اتفاقيات سابقة مع النيابة العامة، رداً على خطوة حجب المواقع. وأضاف أن «المطلوب هو تراجع المحكمة عن هذا القرار وتعديل قانون الجرائم الإلكترونية فيما يخص حرية الإعلام». ووصف أبو بكر قرار حجب المواقع بضرب للحكومة وجهودها في ترسيخ الحريات الإعلامية.
في السياق، رفض مسؤولون فلسطينيون ولفصائل الفلسطينية سياسة تكميم الافواه. وعبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي عن استيائها من قرار محكمة الصلح برام الله حجب 59 موقعا إلكترونيا وصفحة على الـ«فيسبوك» في فلسطين، بناء على طلب من النائب العام. وقالت في بيان لها إن «إعاقة الوصول إلى مواقع الإنترنت أو غيرها من الإجراءات التي تمنع الوصول إلى المعلومة أو تحد من حرية التعبير، تتناقض بشكل تام مع القانون الفلسطيني الأساسي».
كما استنكرت الجبهة الشعبية القرار داعية السلطة «إلى التراجع عن هذا القرار الذي يصب في خانة (المناكفة السياسية)، وتكريس نهج التفرد والإقصاء، وسياسة تكميم الأفواه». وهاجم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية تيسير خالد، القرار، ورفض ما وصفه «تسييس القضاء».
وانتقدت «حماس» بشدة القرار وكذلك «الجهاد الإسلامي» وفصائل أخرى. وقالت إن حجب السلطة لـ59 موقعاً وصفحة إلكترونية، يكشف دورها الخطير والمكمل للاحتلال الإسرائيلي في محاربة الحقيقة وقتل الوعي الفلسطيني وتحصين رواية العدو.
وانضمت مؤسسات حقوقية في رفض قرار القضاء. وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إن قرار محكمة الصلح في رام الله مخالف للمعايير الدولية. وأكد أن حرية التعبير والصحافة مصانتان بالقانون الأساسي الفلسطيني، ويجب ألا يفرض عليهما قيود، إلا لحماية مصلحة مشروعة يحميها القانون في أضيق الحدود.
وردت النيابة على الانتقادات المتزايدة بقولها إن سبب القرار بأنّ استمرار بث هذه المواقع من شأنه الإخلال بالنظام العام وتهديد السلم الأهلي الفلسطيني.
وكانت النيابة قد قالت في قراراها إن «أسباب الحجب تعود إلى أن المواقع الإلكترونية تقوم بالتهجم والإساءة إلى رموز في السلطة الوطنية، وتقوم بنشر ووضع عبارات وصور ومقالات عبر الشبكة العنكبوتية، من شأنها تهديد الأمن القومي والسلم الأهلي، والإخلال بالنظام العام، والآداب العامة، وإثارة الرأي العام الفلسطيني».
لكن تبريرات النيابة لم تبدُ مقنعة لرافضي القرار.
وأطلق نشطاء حملة إلكترونية للتغريد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً لقرار محكمة الصلح على وسم «#الحجب_جريمة»، فيما نظمت الأطر الصحافية في قطاع غزة، أمس، وقفة احتجاجية رفضاً للقرار.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.