إحصاء أخطاء تصريحات ترمب الخاصة بالانسحاب من شمال سوريا

ما يراه «الكثير من الرمال» هو في الواقع سلة الخبز للمنطقة

جنود أتراك يشيعون جثمان زميلهم الذي قتل في عمليات التوغل التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ب)
جنود أتراك يشيعون جثمان زميلهم الذي قتل في عمليات التوغل التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ب)
TT

إحصاء أخطاء تصريحات ترمب الخاصة بالانسحاب من شمال سوريا

جنود أتراك يشيعون جثمان زميلهم الذي قتل في عمليات التوغل التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ب)
جنود أتراك يشيعون جثمان زميلهم الذي قتل في عمليات التوغل التركي شمال شرقي سوريا أمس (أ.ب)

يرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة، التي باتت الآن في موقف صعب في الشرق الأوسط، قد توصلت في غضون ساعات لاتفاق استعصى على العالم التوصل إليه لسنوات، وحققت «يوماً عظيماً للحضارة»، وذلك بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في شمال شرقي سوريا.
وقد كان هذا التصريح في أعقاب لحظة إنجاز المهمة التي وجدها كثير من القادة الجمهوريين والديمقراطيين وكثير من سكان العالم «غير مقنعة». وقضى ترمب معظم وقته خلال الأسبوع الماضي محاولا تبرير قراره سحب القوات الأميركية من سوريا وتخليها عن حلفاء أميركا الأكراد هناك الذين تركهم في موقف ضعيف على عدة جبهات، والآن هم بالفعل يعانون من هجمات القوات التركية.
ولكن في هذه العملية، ترمب قد بالغ في حجم الاتفاق الذي يحقق وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار للأعمال العدائية التركية - الكردية، كما أنه قد أساء فهم تاريخ النزاع، وحتى جغرافيا المكان هناك، بحسب «أسوشيتد برس».
دعونا نلقي نظرة على تصريحاته حول هذا الموضوع، خلال الأسبوع الماضي.
قال ترمب في تجمع حاشد في دالاس، الخميس، إن «هناك الكثير من الأشياء في هذا الاتفاق (وقف إطلاق النار) لم يخطر ببال أحد أنها ستكون ممكنة».
ولكن الحقيقة هي أن هذا الاتفاق الذي أشاد به لن يؤدي للسلام كما يقول، فهو ينص على وقف لإطلاق النار لمدة 5 أيام لهجمات الأتراك القاتلة على المقاتلين الأكراد في شمال سوريا، والتي بدأت بعد أن أعلن ترمب أنه سيسحب القوات الأميركية من هناك.
وتتطلب الاتفاقية من الأكراد إخلاء جزء من الأراضي في سوريا على طول الحدود التركية وذلك في ترتيب يقنن جميع أهداف أنقرة المعلنة تقريباً في النزاع، ويخفف من العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
كما أن هذا الاتفاق لا يفرض عواقب واضحة على المدى الطويل على تحرك تركيا ضد الأكراد، وهم شركاء الولايات المتحدة المهمون في الحرب ضد «تنظيم داعش»، فصحيح أن ترمب يصف هذا النزاع بأنه بمثابة مهمة تم إنجازها بالفعل، ولكن المسؤولين الأميركيين ما زالت لديهم مخاوف من عودة ظهور «داعش» من جديد.
وعن المناطق السورية التي تشهد الصراع التركي - الكردي، قال ترمب، الأربعاء: «هناك الكثير من الرمال، لديهم الكثير من الرمال هناك والتي يمكنهم أن يلعبوا بها».
ولكن الحقيقة هي أنه من المعروف أن مناطق النزاع ليست بالضرورة تكون رملية، فعلى النقيض من تصور ترمب للمنطقة هناك، حيث يراها بمثابة أراض قاحلة لا قيمة لها والتي يجب على الدول الأخرى، وليس الولايات المتحدة، أن تقاتل عليها، هي في الواقع بمثابة سلة الخبز لسوريا.
وفي مؤتمر صحافي، الأربعاء، قال ترمب: «كان من المفترض أن نبقى في سوريا لمدة شهر واحد، وذلك قبل 10 سنوات».
إلا أن الحقيقة هي أن الإدارات الأميركية السابقة لم تحدد أبدا جدولاً زمنياً مدته شهر واحد لتدّخل الولايات المتحدة في سوريا. فقد بدأ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة شن غارات جوية على مقاتلي «داعش» في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2014، وبعد مرور عام تقريباً، قال البنتاغون، إن هناك فرقا من قوات العمليات الخاصة قد بدأت في الذهاب إلى سوريا للقيام بغارات وبدء الجهود لإقامة شراكة مع القوات الكردية. وأوضح وزير الدفاع آنذاك آش كارتر للكونغرس في ذلك الوقت، أن البنتاغون كان مستعداً لتوسيع نطاق العمليات مع الأكراد، وأنه سيواصل القيام بذلك حسب الحاجة للمعركة ضد «داعش»، دون تحديد موعد نهائي محدد.
كما أكد ترمب في المؤتمر أيضاً أن «معظم جنودنا قد رحلوا عن المنطقة»، ولكن الحقيقة هي أن معظمهم ما زالوا هناك، فقد خرج ما يقرب من 30 جندياً أميركياً من موقعين بالقرب من المنطقة الحدودية، حيث تمركز الهجوم التركي في البداية، لكن الجزء الأكبر والذي يصل عدده إلى ما يقرب من ألف جندي أميركي، الذين تم نشرهم في سوريا، ما زال في البلاد.
ووفقاً للمسؤولين، فإنه قد تم دمج معظم القوات الأميركية في مواقع قليلة في شمال سوريا، بما في ذلك منطقة إنزال كوباني في الجزء الغربي من البلاد، وقد غادر مئات الجنود في الأيام الأخيرة مع معدات عسكرية، ويقول المسؤولون إن الانسحاب سيستغرق عدة أسابيع.
وبينما أكد ترمب، في مؤتمر الأربعاء، أنه «قد حان الوقت لإعادة جنودنا إلى الوطن»، فالحقيقة هي أن هذا ليس ما يفعله في الواقع، ففي الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة ما يسميه البنتاغون بـ«الانسحاب المتأني للقوات من سوريا»، قال ترمب نفسه إن أعضاء الخدمة الذين يتراوح عددهم بين 200 و300 فرد والمنتشرين في موقع جنوب سوريا في التنف، سيظلون هناك.
ويوم السبت، قال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر إن الخطة الحالية هي دعوة جميع القوات الأميركية التي تغادر سوريا، والذين يصل عددهم لأكثر من 700 فرد، للذهاب إلى غرب العراق.


مقالات ذات صلة

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب في ولايته الأولى رئيساً للولايات المتحدة يلوح بيده خلال اجتماع ثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في 28 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب ينتقد قرار بايدن إرسال صواريخ تستهدف العمق الروسي ويصفه بالأحمق

موسكو ترحب بانتقادات دونالد ترمب لقرار جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى ضد أهداف داخل عمق الأراضي الروسية

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال إفادة صحافية مشتركة بعد مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (رويترز)

«توافق عام» تركي - أميركي على مستقبل سوريا ما بعد الأسد

سيطر ملفان رئيسيان على مباحثات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أنقرة؛ أولهما مستقبل سوريا ما بعد بشار الأسد، والثاني التباين حول مكافحة الإرهاب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

استطلاع: الأميركيون ليس لديهم ثقة كبيرة في اختيارات ترمب لأعضاء الحكومة

أظهر استطلاع جديد للرأي أن الأميركيين ليست لديهم ثقة كبيرة في اختيارات الرئيس المنتخب دونالد ترمب لأعضاء الحكومة، أو فيما يتعلق بإدارة ملف الإنفاق الحكومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.