قناصة ميليشيات تابعة لإيران قتلوا محتجين في العراق

كشفت وكالة {رويترز}، اليوم (الخميس)، أن ميليشيات تابعة لإيران {نشرت قناصة على أسطح البنايات في بغداد} بقيادة مسؤول أمن {الحشد الشعبي} خلال الاحتجاجات التي شهدها العراق، مطلع هذا الشهر، وقُتل فيها أكثر من 100 شخص وجُرح نحو 6 آلاف.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين أمنيين عراقيين أن {ضباطاً كباراً} في {الحرس الثوري} سافروا إلى بغداد غداة اندلاع الاحتجاجات واجتمعوا مع مسؤولين عراقيين، و{أصروا على لعب دور} في قمعها، مشيرة إلى أنهم {قدموا المشورة... ومعلومات استخباراتية} للحكومة والميليشيات التابعة لإيران بعد الاجتماع.
ويسلط هذا الإجراء الذي لم يسبق الإعلان عنه من قبل الضوء على الحالة الفوضوية التي سادت الساحة السياسية في العراق وسط الاحتجاجات الحاشدة، ونفوذ إيران المتزايد ودور الميليشيات التابعة لها.
وقال المصدران الأمنيان إن {قادة فصائل متحالفة مع إيران قرروا من تلقاء أنفسهم المساعدة في إخماد الاحتجاجات الشعبية على حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي}. وأضاف أحدهما: {لدينا أدلة مؤكدة بأن القناصين كانوا عناصر من المجاميع المسلحة يتلقون الأوامر من قادتهم بدلاً من القائد العام للقوات المسلحة}، مشيراً إلى أنهم {ينتمون إلى فصيل مقرب جداً من إيران}.
وقال مصدر أمني عراقي آخر يحضر اجتماعات يومية لإطلاع الحكومة على الوضع الأمني إن {رجالاً يرتدون ملابس سوداء أطلقوا النار على المحتجين في اليوم الثالث من الاضطرابات الذي ارتفع فيه عدد القتلى من نحو ستة إلى أكثر من 50 قتيلاً}. وأضاف أن هؤلاء المقاتلين يقودهم {أبو زينب اللامي} مسؤول أمن {الحشد الشعبي} الذي يضم ميليشيات مدعومة من إيران.
ولفت المصدر إلى أن القيادي في {الحشد} مكلف {بإخماد الاحتجاجات بواسطة مجموعة من قادة كبار آخرين لفصائل مسلحة.} ولم يذكر المصدران عدد القناصة الذين نشرتهم الفصائل المسلحة.
واشار المصدر الأمني الثاني إلى أن القناصة يستخدمون معدات اتصال لاسلكي زودتهم بها إيران ومن الصعب تعقبها، مما يتيح للميليشيات شبكة خاصة بها في الأساس.
وقال دبلوماسي في المنطقة مطلع على عملية صنع القرار في إيران إن مجموعة من كبار القادة في {الحرس الثوري} الإيراني سافرت إلى العراق في اليوم الثاني للاحتجاجات والتقت بمسؤولي المخابرات والأمن العراقيين.
وأوضح الدبلوماسي إن ضباطاً كباراً في {الحرس} يتمتعون بخبرة في قمع الاحتجاجات المدنية {استمروا بعد الاجتماع في تقديم المشورة للحكومة العراقية، لكن لم يتم نشر أي جنود إيرانيين}.
وقال أحد كبار القادة في فصيل مدعوم من إيران إن طهران {كانت على تواصل وثيق مع القوات التي تحاول فض المظاهرات}، مشيراً إلى أن فصيله {لم يشارك في الجهود التي كانت ترمي لوقف الاحتجاجات أو ما نتج عنها من عنف}. وأضاف: {بعد يومين، تدخلوا وزودوا الحكومة والمجاميع المسلحة بمعلومات استخبارية... المستشارون الإيرانيون أصروا على أن يكون لهم دور وحذرونا من استمرار التظاهرات، ومن أنه إذا لم يتم السيطرة عليها، فإنها ستقوض حكومة عادل عبد المهدي}.
ونفى المتحدث باسم {الحشد} أحمد الأسدي مشاركة تلك الفصائل في قمع الاحتجاجات. وقال في بيان: {لم يشارك أي من عناصر الحشد الشعبي في التصدي للمتظاهرين. لم يكن هناك أي عنصر متواجد في مناطق بغداد أثناء التظاهرات}.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية سعد معن إن قوات الأمن لم تطلق النار مباشرة على المحتجين واتهم عناصر وصفها بـ{الخبيثة}، بالمسؤولية عن سقوط عدد كبير من القتلى والمصابين. وقال في مؤتمر صحافي قبل نحو عشرة أيام، إن الحكومة فتحت تحقيقاً لتحديد من أطلق النار على المحتجين ومن أمر بذلك.
وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء إنه سيكون {من المبكر إلقاء اللوم على أي من الأطراف، سواء من الحشد أو من أفراد الأجهزة الأمنية الأخرى قبل الانتهاء من التحقيق. لننتظر نتائج التحقيق وسنعرف من أعطى الأوامر بإطلاق النار}.
وكان دور إيران في الرد على المظاهرات بمثابة تذكرة أخرى بنفوذها في العراق حيث أصبح عدد من قادة الفصائل السابقين أعضاء في البرلمان يدعمون التوجهات الإيرانية.
ومع دخول الاحتجاجات يومها الثالث في الثالث من الشهر الجاري، ظهر القناصة على الأسطح في بغداد. وقال مصور لـ{رويترز} كان يغطي الاضطرابات قرب ساحة التحرير في بغداد بعد ظهر ذلك اليوم إنه شاهد أحد القناصة فوق سطح مبنى تحت الإنشاء يطل على المظاهرات.
واندفع المحتجون للنجاة بأنفسهم عندما فتح المسلح النار. ونقل المحتجون متظاهراً أصيب بالرصاص في رأسه بعيداً وسط حشد منهم. وبدا أن متظاهراً ثانياً أصيب في الرأس أيضاً قد فارق الحياة وتم نقله على شاحنة. وعندما دق جرس هاتفه أدرك أحد أصدقائه أن شقيقه يتصل به، وقال: {لا تخبره بأنه مات}.
وبدأت الاحتجاجات وسط غضب شعبي من الأزمات المزمنة من نقص الوظائف والكهرباء ومياه الشرب. ويحمل العراقيون الساسة والمسؤولين المسؤولية عن فساد مستشر حال دون انتعاش أحوال البلاد بعد سنوات العنف الطائفي والحرب على تنظيم {داعش}.