هكذا نصحنا عدنان حسين

حسناً فعلت هذه الجريدة (الشرق الأوسط) بإعادة نشر مقال الراحل الجميل والعراقي الدنف بعراقيته عدنان حسين، والذي كان قد نشره في مايو (أيار) 2018 تحت عنوان «قصتي مع الإعلام».
عدنان حسين صحافي حقيقي ذاق حنظل الطريق واستطعم شهدها، أشرف على نايفاتها وتعثر في حفائرها، خبر الوحشة والخوف والجوع، كما الأنس والأمن والرغد.
لن أزيد عما كتبه رفاقه القدامى مثل الناشر العراقي الكبير فخري كريم، صاحب «دار المدى»، ولا الكاتبة والروائية العراقية، زميلة عدنان في المرحلة الجامعية ببغداد، إنعام كجه جي، فهم أدرى بمشوار، ومشاعر عدنان.
غايتي هنا تسجيل كلمات ليست من قبيل الرثاء للطائر العراقي الجنوبي الذي غادر وطنه خوفاً من بطش «البعث»، وهو المناضل الشيوعي الشاب، واستقر به المقام، بعد لأي في لندن. ثم عاد للعراق مع الحالمين والناهبين والصادقين والكاذبين، وهو كان من فريق الحالمين الصادقين.
لا، ليست مرثية، بل تذكّر لزميل رائع وإن كنت من أجيال لاحقة له، عرفته بمكتب «الشرق الأوسط» العتيد في لندن بشارع هاي هولبورن، صحافياً حقيقياً بمعنى الكلمة ومتحدثاً ممتعاً ومثقفاً أصيلاً... وعراقياً حد الحلم.
وصية عدنان الأخيرة قبل أن يغادر الحياة في لندن التي عاد إليها من العراق هذه المرة مريضاً بعد تجربة مثيرة في صحيفة «المدى» العراقية، كانت للجيل الجديد من الصحافيين... اقرأوا واسمعوا وانظروا نصيحته، قال:
«فالصحافة مهنة المتاعب حقاً. الشجاعة وروح المغامرة هما مما تتطلّبهما من الداخلين إلى ميدانها، مثلما تتطلّب القراءة».
ثم قال، وهذا فصل المقال:
«وفي الغالب أنصح الشباب العاملين معي، بالجدية والشجاعة والإخلاص لمهنتنا... وقبل هذا وبعده أكرّر القول: اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ؛ فالقراءة مفتاح رئيسي لصناعة الصحافي».
يحزنني أن أقول يا عدنان... فعل القراءة في تناقص ومسلك التسطيح والتهريج والخفة... في تزايد... والله غالب على أمره.