بوتين يشيد بـ«العلاقات التاريخية» مع السعودية... ويدين الهجوم على منشآت «أرامكو»

رئيس صندوق الاستثمارات الروسي لـ«الشرق الأوسط»: سقف التعاون لا حدود له

قبل أيام من الزيارة قلّد ولي العهد السعودي كيريل ديمترييف وشاح الملك عبد العزيز لجهوده في تقوية العلاقة بين البلدين
قبل أيام من الزيارة قلّد ولي العهد السعودي كيريل ديمترييف وشاح الملك عبد العزيز لجهوده في تقوية العلاقة بين البلدين
TT

بوتين يشيد بـ«العلاقات التاريخية» مع السعودية... ويدين الهجوم على منشآت «أرامكو»

قبل أيام من الزيارة قلّد ولي العهد السعودي كيريل ديمترييف وشاح الملك عبد العزيز لجهوده في تقوية العلاقة بين البلدين
قبل أيام من الزيارة قلّد ولي العهد السعودي كيريل ديمترييف وشاح الملك عبد العزيز لجهوده في تقوية العلاقة بين البلدين

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غداً (الاثنين) زيارة للسعودية يستقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وتعد الزيارة التي توصف بـ«النوعية»، الأولى للرئيس الروسي للمملكة منذ 12 عاماً (زيارته الأخيرة كانت عام 2007)، وتأتي في وقت تشهد فيه العلاقات بين الرياض وموسكو تطوراً لافتاً في مجالات مختلفة، بما في ذلك التقارب المستمر منذ أربع سنوات في ملف الطاقة.
وسيكون ملف التعاون الاقتصادي بين البلدين الأكبر خلال زيارة الرئيس بوتين للمملكة، حيث يتوقع أن تتوج المباحثات بتوقيع أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تعاون في ملفات الطاقة والصناعة والزراعة والتقنيات، بالإضافة إلى التعاون الثقافي.
وعشية بدء زيارته التي تشمل أيضاً دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الثلاثاء، قال الرئيس بوتين إنه يولي أهمية كبيرة لزيارته للمملكة العربية السعودية، مضيفاً أن العلاقات مع السعودية في السنوات الأخيرة تطورت بشكل كبير. وجاء كلامه في مقابلة أجرتها معه ثلاث محطات تلفزيونية هي «العربية» و«سكاي نيوز عربية» و«روسيا اليوم».
ونقلت «العربية» على موقعها على الإنترنت مقتطفات من المقابلة التي أشاد فيها بوتين بالعلاقات التاريخية الممتدة بين روسيا والسعودية وسعيه إلى تطويرها. وقال: «نحن ننظر إلى (المملكة) العربية السعودية كدولة صديقة لنا. لقد نشأت لدي علاقات طيبة مع الملك، ومع الأمير ولي العهد (الأمير محمد بن سلمان) أيضاً. وعلاقاتنا تتطور عملياً في الاتجاهات كافة».
وجدد الرئيس الروسي إدانته للحادث الإرهابي الذي تعرضت له منشآت أرامكو النفطية في السعودية، مشيراً إلى عدم دراية روسيا بشأن الجهة التي تقف خلف الهجوم. وأضاف: «لقد قلت للتو، وأريد أن أكرر: بغض النظر عمن يقف وراء هذا الحادث فإننا ندين هذا النوع من الأعمال. هذا هو بالضبط ما قلته. لا يمكن أن يكون هناك تفسير مزدوج... تخيل، نحن لا نعرف. في اليوم التالي، سألت كلا من رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية ووزير الدفاع... لا، نحن لا نعرف».

- لبنة جديدة
وعشية بدء الزيارة، اعتبر كيريل ديمترييف، الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، أن الزيارة المزمعة للرئيس بوتين للسعودية تعكس المستوى الرفيع لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، في ظل توقعات بإبرام 30 اتفاقية مشتركة، كاشفاً عن 8 محاور رئيسية يرتكز عليها برنامج الزيارة، من بينها قيام المنتدى السعودي - الروسي الذي يضم أكثر من 300 مشارك من الطرفين.
وقال ديمترييف، في حوار مع «الشرق الأوسط» في الرياض أمس، إن «زيارة الرئيس فلاديمير بوتين للسعودية زيارة نوعية بكل المقاييس، وتحمل دلالات مهمة، وذات أبعاد معززة للعلاقة بين الرياض وموسكو، حيث تضع لبنة جديدة لمرحلة جديدة من العلاقات التي ستكون هي الأفضل في المستقبل القريب».
وتابع: «بفضل المشاركة والتفاهمات واللقاءات عالية المستوى التي أقامها الرئيس فلاديمير بوتين مع الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإن التعاون بين روسيا والمملكة في تطور مستمر، وهو الآن على أعلى مستوى على الإطلاق، حيث تشهد علاقاتنا الثنائية نقلة في التحوّل على مستويات متعددة».
ورأى ديمترييف أن الزيارة تكتسب أيضاً أهميتها نتيجة «آثارها الفعلية الإيجابية على الأرض»، لافتاً إلى أنها «ستحقق قدراً كبيراً من استقرار المنطقة نتيجة الموقع المحوري للبلدين ودورهما المؤثر في المنطقة، ما سيساهم في استقرار الأسعار لسوق الطاقة ونمو الاقتصاد وسلامة التجارة التي سيستفيد منها الجميع في المنطقة».

- لا حد للتعاون
وأكد ديمترييف أن سقف التعاون السعودي - الروسي لا تحدّه حدود، مبيناً أن هناك كثيرا من المجالات والفرص التي ستكون بيئة خصبة لتعزيز التعاون للبلدين، لا سيما تلك الفرص التي رسمتها «الرؤية السعودية 2030» والتي شملت جميع المجالات، متوقعاً «تدفقاً استثمارياً وتجارياً وإقبالاً مزدوجاً على المنتجات بين البلدين».
وأضاف ديمترييف: «كانت هناك مباحثات ولقاءات حصلت بين الرئيس بوتين وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وكذلك مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الأعوام الخمسة الأخيرة، وهذا خلق أرضية صلبة للتعاون الإيجابي ووضع كثيرا من ملامح التعاون على الطريق الصحيح». وتابع أن التعاون بين السعودية وروسيا «سيستمر أثره الإيجابي في خلق سوق عالمية متوازنة وسيساعد على استقرار أسعار الطاقة في الأسواق العالمية».
وتوقع ديمترييف أن تشهد الفترة المقبلة تعاوناً كبيراً في قطاعات الصناعات والتكنولوجيا الحديثة عالية المستوى، وعلوم الفضاء وغيرها من المجالات الحيوية المهمة للبلدين، إلى جانب تعزيز التعاون في الاقتصاد والاستثمارات والتجارة بشكل عام.

- 30 اتفاقية
وبيّن ديمترييف أن هناك نحو 30 اتفاقية ستوقع بين البلدين خلال هذه الزيارة، معتبراً أن ذلك «يوضح بجلاء أن التعاون بين البلدين ليس لديه سقف ولا حدود، وسيشمل كل القطاعات التقليدية والجديدة، بجانب مجالات الطاقة والبتروكيماويات والغاز والقطاع السياحي والزراعة والقطاع الثقافي والتكنولوجيا الحديثة ذات المواصفات العالية، والفضاء والصناعات والسكك الحديدية والذكاء الصناعي وغيرها من المجالات».
وكشف عن لقاءات عقدها مع عدد من المسؤولين السعوديين في الشركات الحكومية الكبيرة ومن بينها شركة «سابك» وشركة «أرامكو» لرسم «خريطة طريق» لكيفية زيادة التعاون في الصناعات ذات الصلة بقطاعات البترول والغاز والبتروكيماويات وغيرها من المنتجات ذات الصلة.
ولفت ديمترييف إلى تكليف الصندوق الروسي للاستثمار المباشر (RDIF) مهمة دعم تطوير التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات الرئيسية، إذ إنه يعدّ الشريك الرئيسي للشركات السعودية في روسيا.
وأوضح أن هناك خططاً لإعلان أكثر من 10 اتفاقيات جديدة تزيد قيمتها على ملياري دولار خلال هذه الزيارة، ومن بينها اتفاق شراكة مع مستثمر سعودي رائد في الزراعة الروسية، وشراكة في قطاع السكك الحديدية.
وتشتمل هذه الاتفاقيات أيضاً، وفق ديمترييف، على إطلاق شراكة لاستكشاف فرص الاستثمار في قطاع الأسمدة السعودي، وإنشاء شركة لتأجير الطائرات، بجانب تنظيم الخدمات التجارية لإطلاق وتوصيل الأقمار الصناعية الفضائية، ومضخات التنقيب عن النفط، وإطلاق صفقة لبناء الميثانولانت في أقصى شرق روسيا.

- منتدى للأعمال
وأكد أن برنامج هذه الزيارة سيشهد نشاطاً مكثفاً، حيث ستشهد الرياض غداً الاثنين أعمال المنتدى السعودي - الروسي وهو أكبر وفد لرجال الأعمال الروس في المملكة، وبمشاركة أكثر من 300 مشارك من الجانبين.
وأوضح ديمترييف أن الصندوق الروسي للاستثمار (RDIF) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) يعملان سوياً لبناء تعاون متبادل المنفعة باستثمارات تزيد على 2.5 مليار دولار في أكثر من 30 مشروعاً.
ولفت إلى أن الاستثمارات تشمل: «مجمع ZapSib Neftekhin للبتروكيماويات»، و«HPPs الصغيرة في كاريليا»، و«الترام» عالي السرعة، ومطار «بولكوفو» في سان بطرسبرغ، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في البنية التحتية واللوجيستية والبناء والقطاع الصناعي وتجارة التجزئة والتكنولوجيا وغيرها.

- عوائد استثمارية
ووفق ديمترييف، فإن محفظة استثمارات الصندوقين حققت عائداً بلغ 12 في المائة من عائد الاستثمار، في حين أن العمل يجري على أكثر من 25 مشروعاً جديداً تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار في مختلف القطاعات، بما في ذلك التكنولوجيا والزراعة وتطوير الأعمال في منطقة الشرق الأقصى الروسي.
كما شدد على أن هناك تركيزاً خاصاً على التكنولوجيا المتقدمة بما في ذلك الذكاء الصناعي (AI)، مؤكداً أن الصندوق الروسي سيتعاون بنشاط مع الجانب السعودي في هذا الشأن.
وشدد ديمترييف على أن العمل سيتم تعزيزه مع صندوق الاستثمارات العامة و«أرامكو» السعوديين، وغيرهما من الشركاء السعوديين، لمساعدة الشركات الروسية على دخول السوق السعودية.
ومن بين المشاريع الأخرى، وفق ديمترييف، هناك خطط لأكثر من 10 شركات روسية لتنفيذ مشاريع في السعودية، بجانب إنشاء أكبر مصنع للبتروكيماويات في حديقة الجبيل الصناعية (سيبور، أرامكو السعودية، توتال، سينوبك).
وأكد أن من ثمار برامج هذه الزيارة العمل على زيادة العمل مع «أرامكو» السعودية على عدد من مشاريع البتروكيماويات، حيث تقوم «أرامكو» و«سابك» بتشكيل تحالف غير مسبوق لبناء مجمع بتروكيماويات هائل في منطقة القطب الشمالي يستخدم طريق البحر الشمالي لتزويد المنتجات إلى الأسواق الآسيوية.
ووفق الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، فإن ذلك يوفر فرصة فريدة للاستثمار في مجموعة من المشاريع تبلغ قيمتها أكثر من 400 مليار دولار في مجموعة واسعة من الصناعات، بما في ذلك البنية التحتية.
وبيّن ديمترييف أن هناك تشابهاً في الأهداف الوطنية للتنمية في روسيا مع «الرؤية السعودية 2030».



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)