30 قتيلاً مدنياً و200 ألف نازح منذ بدء الهجوم التركي في سوريا

ضغوط أميركية لوقف العملية العسكرية

انفجار في مدينة رأس العين السورية الحدودية بسبب الهجوم التركي (رويترز)
انفجار في مدينة رأس العين السورية الحدودية بسبب الهجوم التركي (رويترز)
TT

30 قتيلاً مدنياً و200 ألف نازح منذ بدء الهجوم التركي في سوريا

انفجار في مدينة رأس العين السورية الحدودية بسبب الهجوم التركي (رويترز)
انفجار في مدينة رأس العين السورية الحدودية بسبب الهجوم التركي (رويترز)

فيما أفادات الإدارة الذاتية الكردية في سوريا، اليوم (السبت)، بأن نحو 200 ألف شخص نزحوا بسبب الهجوم التركي شمال شرقي سوريا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم، إن عدد القتلى من القوات الكردية خلال التصدي للهجوم التركي، ارتفع إلى 74 قتيلاً، وأغلبهم سقطوا في بلدة تل أبيض الحدودية.
وذكر رامي عبد الرحمن مدير المرصد أن 49 مسلحاً ينتمون لجماعات سورية معارضة تدعمها تركيا قُتلوا منذ بدء الهجوم، يوم (الأربعاء) الماضي، حسب ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء
وأضاف أن عدد القتلى من المدنيين في سوريا ارتفع إلى 30 قتيلا بعد سقوط قتيلين في مدينة القامشلي. وسقط معظم القتلى المدنيين في بلدة تل أبيض الحدودية.
إلى ذلك، ذكرت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي يقودها الأكراد أن 191069 شخصا نزحوا بسبب العمليات العسكرية التركية الحالية.
وجاء في بيان للإدارة أنه «بسبب الاستهداف العشوائي من قبل الجيش التركي لمدن وبلدات شمال وشرق سوريا والاستهتار بحياة المدنيين، حدثت موجات نزوح كبيرة جدا تسببت في إفراغ مدن بكاملها من سكانها».
وأضاف البيان «من منطقة ديريك في أقصى الشرق حتى كوباني في الغرب.. ينزح السكان في موجات متتالية».
وقدرت الأمم المتحدة أمس الجمعة أن نحو 100 ألف شخص فروا من منازلهم في شمال سوريا منذ بدء الهجوم التركي يوم الأربعاء.
وتكثف الولايات المتحدة جهودها لإقناع تركيا بوقف هجومها في شمال سوريا ضد القوات الكردية المدعومة من واشنطن، قائلة إن أنقرة تضر العلاقات بشدة وقد تواجه عقوبات مدمرة.
وانتُقد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب القوات من الحدود السورية مع تركيا على نطاق واسع في واشنطن، ووُصف بأنه «ضوء أخضر» ضمني لتوغل تركي يقول خبراء إنه قد يتسبب في كارثة إنسانية.
وتعرض ترمب نفسه لانتقادات شديدة، بما في ذلك من مؤيدين جمهوريين كبار مثل السيناتور ليندسي غراهام، بسبب سحب القوات الأميركية التي ربما كان وجودها يمنع الرئيس التركي من شن الهجوم.
واتهم جراهام تركيا، أمس (الجمعة)، بارتكاب جرائم خطيرة في سوريا، وقال إن ترمب لا يفعل شيئا يُذكر.
وقال غراهام في بيان: «نشهد تطهيراً عرقياً ترتكبه تركيا في سوريا»، مضيفاً: «العقوبات المشروطة التي تم الإعلان عنها ستنظر إليها تركيا على أنها رد فاتر وستشجع إردوغان أكثر». وأكد أن «الكونغرس» سيقر عقوبات قاسية بتأييد من الجمهوريين والديمقراطيين.
لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) رفضت اتهامها بالتخلي عن حلفائها الأكراد السوريين، أقوى شركائها في المعركة ضد تنظيم «داعش».
وقال وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر في مؤتمر صحافي (الجمعة): «لم يعط أحد الضوء الأخضر لعملية تركيا هذه بل العكس تماماً... ضغطنا بشدة على جميع المستويات كي لا يبدأ الأتراك هذه العملية»، واتهم أنقرة بتدمير العلاقات.
وقال إسبر والجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة بالجيش الأميركي، إنهما تحدثا مع نظيريهما التركيين مراراً في الأيام الماضية للمطالبة بوقف الهجوم. وأشارا إلى عدم وجود ما يشير إلى أن تركيا ستفعل ذلك.
وقال ميلي: «لا أرى أي إشارة أو إشعارات لأي توقف مزمع لنشاطهم العسكري».
وبعد تصريحات ميلي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الهجوم على المسلحين الأكراد «لن يتوقف مهما كانت التصريحات الصادرة بشأنه من أي طرف».
وأعلنت وزارة الدفاع التركية تحييد 415 «إرهابياً» منذ انطلاق العملية العسكرية. وقالت في بيان لها صباح أمس (السبت): «استمرت العملية في شرق الفرات بنجاح طوال الليل، حيث تم استهداف المواقع براً وجواً بشكل فعال».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد أعلن يوم (الأربعاء) الماضي عن إطلاق الجيش التركي عملية «نبع السلام» في منطقة شرق نهر الفرات، شمال سوريا، ضد قوات سوريا الديمقراطية، لإنشاء منطقة آمنة تسمح بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وفتح الهجوم التركي جبهة جديدة للقتال في الحرب الأهلية السورية المستعرة منذ أكثر من ثمانية أعوام، وأثار انتقادات عالمية شديدة. وقالت الأمم المتحدة إن مائة ألف فروا من ديارهم.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.