«حرب الاتهامات» تشتعل في تونس عشية حسم الانتخابات الرئاسية

التحالفات الحزبية الأولية ترجح كفة قيس سعيّد على منافسه

المرشح الرئاسي قيس سعيّد خلال قيامه بحملته الانتخابية وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
المرشح الرئاسي قيس سعيّد خلال قيامه بحملته الانتخابية وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
TT

«حرب الاتهامات» تشتعل في تونس عشية حسم الانتخابات الرئاسية

المرشح الرئاسي قيس سعيّد خلال قيامه بحملته الانتخابية وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
المرشح الرئاسي قيس سعيّد خلال قيامه بحملته الانتخابية وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)

يدعى أكثر من 7 ملايين ناخب تونسي، غداً (الأحد)، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، في أعقاب حملة انتخابية اتسمت بالتشويق و«حرب الاتهامات والتصريحات والتصريحات المضادة»، التي استمرت إلى آخر يوم بين المرشحين نبيل القروي، المتهم بغسل أموال وتهرب ضريبي، وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد، الشخصية التي يتهمها خصومها بافتقارها لأي تجربة سياسية سابقة.
وحصل القروي في الدورة الرئاسية الأولى على 15.5 في المائة من الأصوات، بينما حل منافسه قيس سعيّد قبله في المرتبة الأولى بنيله 18.4 في المائة، وناهزت نسبة المشاركة 50 في المائة، وهو ما عدّه بعض المحللين بمثابة «زلزال انتخابي»، ورسالة قاسية لرموز المنظومة السياسية الحاكمة، لأنها لم تتمكن في تقديرهم من إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم.
وشكّل سعيّد (61 عاماً) مفاجأة الدورة الأولى، رغم أنه لم يُنظّم حملة انتخابيّة واسعة، واقتصرت غالبيّة تحرّكاته على بعض الزيارات الميدانيّة لأحياء في العاصمة تونس. أما القروي الذي أطلق سراحه يوم الأربعاء، بعد أن قضى 48 يوماً في السجن فقد باشر على الفور حملته الانتخابية فيما تبقى من أيام قبل يوم الأحد.
وفي أول تصريحاته بعد خروجه من السجن، قال القروي الذي يقدم نفسه ليبيرالياً منفتحاً، وهو رئيس حزب «قلب تونس» الذي حلّ ثانياً في الانتخابات التشريعيّة بنيله 38 مقعداً: «لن ندخل أبداً في حكومة النهضة التي لم تفعل شيئاً للتونسيين منذ 8 سنوات»، مشدداً على أن «برنامج حزبه غير برنامج النهضة... والائتلاف الحاكم هو من وضعني في السجن»، وأنه لم يقم بأي توافق مع أي طرف، «لا النهضة ولا الحكومة ولا يوسف الشاهد».
وتتزامن تصريحات القروي مع انطلاق محتمل للمشاورات بين الأحزاب الفائزة في الانتخابات التشريعية، توصّلاً إلى توافقات لتشكيل الحكومة.
كما اتّهم القروي منافسه قيس سعيّد بأنه «ذراع» لحزب النهضة، ذي المرجعيّة الإسلاميّة، الذي تصدّر نتائج الانتخابات البرلمانيّة بنيله 52 مقعداً. وقال في مقابلة أجرتها معه قناة تلفزيونيّة خاصّة، هي الأولى له منذ إطلاق سراحه: «قيس سعيّد هو ذراع من أذرع النهضة، مثلما كان المنصف المرزوقي (الرئيس التونسي الأسبق)». مجدداً تأكيده على أنه لن يتحالف مع حزب «النهضة»، ملمّحاً إلى التموقع كحزب معارض في البرلمان.
في سياق ذلك، أكدت حركة النهضة «ثبات موقفها في دعم قيس سعيد، ودعوتها أنصارها للتصويت القوي له». كما عبر لطفي المرايحي، رئيس الحزب الشعبي الجمهوري، دعم ترشح قيس. فيما دعا حزب «التيار الديمقراطي»، الذي يتزعمه محمد عبو للتصويت لصالح قيس، إلى «حماية المسار الديمقراطي وتكريس دولة القانون». وسار في الاتجاه نفسه الصافي سعيد، الحاصل على 7.1 في المائة من الأصوات، بعد أن أعلن بدوره دعم ملف قيس سعيد.
كما أعلن سيف الدين مخلوف، رئيس «ائتلاف الكرامة»، الفائز بـ21 مقعداً برلمانياً، والذي أعلن تحالفه مع حركة النهضة في تشكيل الحكومة المقبلة، ومنصف المرزوقي، رئيس حزب «حراك تونس الإرادة»، الحاصل على 3 في المائة من الأصوات، دعم قيس. فيما قدم الهاشمي الحامدي، رئيس «تيار المحبة»، مساندته لقيس، وذلك بـ8 في المائة من الأصوات في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.
وباحتساب النسب المئوية لهذه الأطراف السياسية مجتمعة، بالإضافة إلى حصول قيس سعيد نفسه على نسبة 18.4 في المائة من الأصوات، فإنه سيحصل حسابياً على ما لا يقل عن 56.8 في المائة من أصوات الناخبين، علماً أن الدستور التونسي يفرض حصول أحد الطرفين المتنافسين على رئاسة البلاد، على نسبة تفوق 50 في المائة من أصوات الناخبين.
أما نبيل القروي، المرشح عن حزب «قلب تونس» في انتخابات 2019، فقد حصل خلال الدور الأول من الانتخابات الرئاسية على نسبة 15.6 في المائة من أصوات الناخبين، لكن من المنتظر أن ترتفع هذه النسبة بعد تمكين عدد من الأحزاب السياسية، على غرار حركة «تحيا تونس» التي يتزعمها يوسف الشاهد، وكذلك «حركة مشروع تونس التي يترأسها محسن مرزوق، أنصارهما من حرية اختيار المرشح الذين يريدونه، وهو ما يعني عملياً أن أنصار يوسف الشاهد، الحاصل على نسبة 7.4 في المائة من الأصوات، وكذلك عبد الكريم الزبيدي الحاصل على 10.7 في المائة، والشيء نفسه بالنسبة لعبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، الحاصلة على 4 في المائة من الأصوات، علاوة على بعض التيارات السياسية اليسارية المناهضة لحركة النهضة، قد يسعون مجتمعين إلى التصويت لصالح القروي، بالنظر إلى معارضة هذه الأطراف لخيارات حركة النهضة، وفي هذه الحالة، فإن نبيل القروي سيحصل على نسبة تفوق 40 في المائة من أصوات الناخبين خلال الدور الثاني من السباق الرئاسي.
في غضون ذلك، توجه مصطفى بن جعفر، الرئيس السابق للمجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)، أمس، بنداء إلى الناخبين للتصويت لقيس سعيد قائلاً: «قد لا يكون الأمثل بالنسبة لكثير منكم. لكنه يبقى الأنسب في ظل نتائج الانتخابات التشريعية والمشهد الفسيفسائي الذي أنتجته، وما تفرضه المرحلة المقبلة من تحديات واستحقاقات».
وفي مقابل الطرفين المتنافسين حول دعم قيس أو القروي، اختارت مجموعة من الشخصيات الوطنية والأساتذة الجامعيين والحقوقيين، خطاً ثالثاً بالدعوة إلى التصويت بـ«ورقة بيضاء»، وهو ما يعني مقاطعة ضمنية للعملية الانتخابية، معدّة أن هذا الخيار يمثل «أنسب وسيلة» للتعبير عن مواطنتهم، وعدم اقتناعهم بالعرض السياسي المقدم، ورفضهم العرض الانتخابي لكلا المترشحين.
كما عبرت هذه المجموعة عن «رفضها القاطع لكل تماهٍ مع المرشح نبيل القروي، الذي تحوم حوله شبهات فساد، وهو أمر مرفوض بالنسبة لرئيس الدولة التونسية ورمزها في الداخل والخارج».
كما سجلت هذه الشخصيات الوطنية والحقوقية احترازاً جدياً تجاه «الغموض الذي يحف بمواقف المترشح قيس سعيد، التي تتطلب إجابات واضحة تبدد مخاوف شرائح كبيرة من المواطنين فيما يخص النظام السياسي غير واضح المعالم، الذي يريد جر البلاد إلى اعتماده».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.