مؤشر مصري: الفتاوى... أهم أدوات حروب الجيل الخامس التي تهدد الدول

أكد أن تنظيمات الإرهاب تستغلها بطريقة ممنهجة عبر «السوشيال ميديا»

TT

مؤشر مصري: الفتاوى... أهم أدوات حروب الجيل الخامس التي تهدد الدول

قال مؤشر عالمي للفتوي في مصر إن «سلاح الفتاوى أصبح من أهم أدوات حروب الجيل الخامس التي تهدد الدول والمجتمعات، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تستغلها التنظيمات الإرهابية بطريقة ممنهجة، وتستخدم فيها المواطنين كلاعب رئيسي في نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار»، مشيراً إلى أن «أهم أهداف تلك الحروب هي نشر الإشاعات»، لافتاً إلى أن «33 في المائة من فتاوى حروب الجيل الخامس تهدف لزعزعة أمن واستقرار الدول».
وأكد المؤشر أن «الحروب الجديدة أصبحت حروباً نفسية تعتمد على الأفكار والمعتقدات، وبعض الأحاديث والخطابات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الآن تفسد حياة الناس، وتضلل الشباب والشعوب، وتستبيح حرمة النفس والأموال والأعراض».
وأوضح المؤشر التابع لـ«دار الإفتاء المصرية»، أمس، أن «التنظيمات المتطرفة لجأت أخيراً إلى حروب الجيل الخامس، نظراً لأنها تتميز بعدم المركزية بين عناصر الدول المتحاربة، بالإضافة إلى قلة تكلفتها المادية، فضلاً عن أنها تُشن دون قيود ومعايير أخلاقية، وذلك عبر استخدام التكنولوجيا والإنترنت كوسائل هجومية فيها، لتحقيق مصالح فردية ذات أهداف ضيقة، علاوة على أنها بعيدة عن رقابة الدولة، وتكون خارج السيطرة، كما أنها تصنع من الشعوب لاعباً معها في معاركها بأقل تكلفة لما تنشره من أكاذيب وإشاعات».
وحول فتاوى حروب الجيل الخامس، أكد المؤشر المصري أن «فتاوى نشر الفوضى وبث الفرقة وزعزعة أمن واستقرار الدول والمجتمعات تصدرت بنسبة 33 في المائة، تلتها الفتاوى ذات الأهداف السياسية بنسبة 27 في المائة، ثم الفتاوى الداعمة لهدم اقتصاديات الدول بنسبة 25 في المائة، وأخيراً الفتاوى التي تنمي وتغذي خطابات الكراهية وظاهرة (الإسلاموفوبيا) بنسبة 15 في المائة».
في الصدد ذاته، استعرض المؤشر المصري فتاوى حروب الجيل الخامس، مثل فتوى وردت في صحيفة «النبأ» التابعة لتنظيم «داعش» الإرهابي، التي تضمنت «إشعال النار من أسهل الوسائل للنكاية في الدول، وضررها عليها كبير»، وكذلك فتوى تنظيم «القاعدة» عام 2018، القائلة: «ندعو أهلنا في الشام خاصة والأمة عامة لدعم أبنائهم المجاهدين، والالتفاف حول خيار العز حتى نيل إحدى الحسنيين».
وأشار «مؤشر الإفتاء» إلى أن هناك فتاوى اجتماعية تثير اللغط، وتشكك المسلمين في ثوابتهم الدينية، بهدف زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى الإفتائية، وهي تدخل أيضاً ضمن حروب الجيل الخامس، مثل أن «صلاة الجمعة ليست فرضاً»، مؤكداً أن «الفتاوى ذات الأهداف السياسية تجلّت في أوضح صورها في فتاوى تنظيم (الإخوان) منذ عام 2013، ويعيدها التنظيم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام، عبر أذرعه الهاربة، مثل أن (التظاهر هو عمل وعبادة مقربة إلى الله)، وأن (العصيان المدني والتظاهر ضد النظام من وسائل الأمر بالمعروف)، و(الاعتصام في ميدان رابعة أهم من أداء العمرة)».
في غضون ذلك، ألقى «المؤشر المصري» الضوء على فتاوى الجيل الخامس الداعية لهدم اقتصاديات الدول والمجتمعات، التي جاءت بنسبة 25 في المائة، سواء عبر القيام بعمليات إرهابية تضرب أهدافاً استراتيجية ذات أبعاد اقتصادية، أو إنشاء عملات افتراضية أو رقمية (مثل «البيتكوين» وغيرها)، للتأثير بشكل آخر على دعامة أساسية من دعائم الأوطان والشعوب.
واستدل المؤشر على ذلك بفتوى منسوبة لـ«داعش» بجواز التعامل بالعملات الرقمية، وأبرزها «البيتكوين»، لتسيير عملياته الإرهابية، حيث أفتى تقي الدين المنذر، في وثيقة تحت عنوان «(بيتكوين) وصدقة الجهاد، وكذلك في فتوى وردت بمجلة «أمة واحدة» المنسوبة لتنظيم «القاعدة»، بأن «ضرب الاقتصاد الأميركي ممكن ومؤثر بشكل فعال في إضعاف العدو»، مؤكداً أن «15 في المائة من الفتاوى التي تتناولها وسائل الإعلام الغربية و(السوشيال ميديا) مجتزأة، وتدخل ضمن حروب الجيل الخامس، وذلك كله بهدف الخوف والإرهاب من الإسلام، ونشر صورة ذهنية سلبية عنه، وبالتالي تنمية وتغذية ظاهرة (الإسلاموفوبيا)».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.