كابل تطوي صفحة كرزاي.. وتستعد لبقاء القوات الأميركية

توقيع اتفاقية أمنية مع واشنطن اليوم يبقي 12 ألف جندي في البلاد

الرئيس الأفغاني يتوسط نوابه إلى اليسار المقاتل السابق عبد الرشيد دستم ووزير العدل السابق سروار دانش خلال حفل التنصيب أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأفغاني يتوسط نوابه إلى اليسار المقاتل السابق عبد الرشيد دستم ووزير العدل السابق سروار دانش خلال حفل التنصيب أمس (أ.ف.ب)
TT

كابل تطوي صفحة كرزاي.. وتستعد لبقاء القوات الأميركية

الرئيس الأفغاني يتوسط نوابه إلى اليسار المقاتل السابق عبد الرشيد دستم ووزير العدل السابق سروار دانش خلال حفل التنصيب أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأفغاني يتوسط نوابه إلى اليسار المقاتل السابق عبد الرشيد دستم ووزير العدل السابق سروار دانش خلال حفل التنصيب أمس (أ.ف.ب)

شهدت أفغانستان يوما تاريخيا أمس بأداء الرئيس الأفغاني الجديد أشرف غني أحمد زاي اليمين أمس في حدث يشكل أول انتقال ديمقراطي للسلطة في أفغانستان. وطوت كابل أمس أيضا صفحة الرئيس السابق حميد كرزاي الذي تولى رئاسة البلاد منذ طرد حركة طالبان من الحكم قبل 13 عاما. وبعد أن كان كرزاي مقربا جدا من واشنطن، تراجعت العلاقات إلى أدنى مستوياتها، إذ قال كرزاي في خطابه الوداعي يوم الثلاثاء الماضي: «الولايات المتحدة لم ترد السلام لأفغانستان، لأن كان لديها أجندتها وأهدافها الخاصة هنا». وأضاف: «قلت دائما، إذا أميركا وباكستان أرادتا السلام، كان من الممكن جلبه إلى أفغانستان».
ومنذ ديسمبر (كانون الثاني) 2001 وحتى يوم أمس، كان كرزاي الرجل الأقوى في أفغانستان، ورفض توقيع اتفاقية أمنية تسمح ببقاء القوات الأميركية في البلاد. ولكن غني، مثل منافسه عبد الله عبد الله، أكد خلال الحملة الانتخابية الرئاسية عزمه التوقيع على الاتفاقية التي ستسمح ببقاء قوات أميركية حتى بعد انتهاء المهام الرسمي لقوات «إيساف» نهاية العام.
وأكدت متحدثة باسم السفارة الأميركية في أفغانستان أن كابل ستوقع اليوم على اتفاق أمني مهم يسمح للولايات المتحدة بالإبقاء على مفرزة صغيرة في البلاد لتدريب ومساعدة الجيش والشرطة بعد نهاية هذا العام. وأضافت أن الرئيس الأفغاني الجديد سيوقع على الاتفاق في الصباح اليوم بالقصر الرئاسي.
وتوقيع اتفاق مقرر اليوم يجيز بقاء قوة من 12500 جندي أجنبي لدعم وتدريب القوات الأفغانية بعد انسحاب قوات الحلف الأطلسي بحلول نهاية العام.
واحتفلت أفغانستان أمس بتنصيب أول رئيس منتخب منذ 10 سنوات وأدى أشرف عبد الغني اليمين ليرأس حكومة اقتسام سلطة في الوقت الذي يمثل فيه انسحاب معظم القوات الأجنبية اختبارا حاسما.
حفل التنصيب الذي نُظم في القصر الرئاسي في كابل يشكل أول انتقال ديمقراطي للسلطة في البلاد ويفتح حقبة جديدة بعد حكم كرزاي الذي تولى الرئاسة منذ الإطاحة بنظام طالبان عام 2001.
ودعا أشرف غني الأكاديمي الذي أقام لفترة في الولايات المتحدة في خطاب تنصيبه حركة طالبان إلى الانضمام لمحادثات السلام بعد 13 عاما من الحرب. وقال أشرف غني المسؤول السابق في البنك الدولي ووزير المالية في الحكومة الأولى لكرزاي بعد أداء اليمين: «نطلب من المعارضة وتحديدا من طالبان والحزب الإسلامي بدء محادثات سياسية».
ويأتي أيضا فيما يستعد الحلف الأطلسي لإنهاء حرب استمرت 13 عاما في هذا البلد لكن من دون التمكن من القضاء على تمرد حركة طالبان.
وأضاف غني أنه «لكل من مطالب طالبان سنجد حلا.. ونطلب من سكان القرى ومن الأئمة إعطاء النصح لطالبان وإذا لم يستمعوا فعليهم وقف أي اتصال معهم».
وشمل الحضور حفل التنصيب أمس شخصيات أجنبية بارزة من بينها الرئيس الباكستاني ممنون حسين ومستشار البيت الأبيض الكبير جون بوديستا.
وستواجه الحكومة سنة مالية جديدة على الفور. وطلبت كابل التي تعتمد على المساعدات الخارجية من الولايات المتحدة ودول مانحة أخرى 537 مليون دولار لتسديد نفقاتها حتى نهاية العام.
وقال كرزاي خلال حفل التنصيب: «اليوم وبعد 13 عاما على رأس الحكومة، أنا فخور بنقل السلطة إلى رئيس جديد». ويخلف غني كرزاي الرئيس الوحيد للبلاد منذ إطاحة نظام طالبان في أواخر 2001، مما يشكل أول عملية نقل للسلطة من رئيس منتخب لآخر في تاريخ البلاد.
وفي إبراز المشكلات التي تواجه الرئيس الأفغاني الجديد وقع انفجار قرب مطار العاصمة الأفغانية كابل أمس قبل دقائق من أداء عبد الغني اليمين.
وأعلنت حركة طالبان المسؤولية عن الهجوم وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد إن «انتحاريا فجر نفسه بالقرب من مطار كابل مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة اثنين بجروح». وأضاف ذبيح الله أن الانتحاري «كان يستهدف جنودا أفغانا وأجانب»، معلنا مسؤولية الحركة عن الهجوم الجديد.
وجاء الهجوم في الوقت الذي تجمع فيه كبار الشخصيات في كابل لحضور مراسم أداء عبد الغني اليمين الدستورية. وسيتولى الرئاسة خلفا لحميد كرزاي في وقت حساس مع استعداد القوات الأجنبية للانسحاب من البلاد ومع اشتداد القتال ضد متشددي حركة طالبان. وأكد مسؤولون أن 16 شخصا على الأقل بينهم 8 مهاجمين قتلوا في الهجوم. كما قتل أربعة أفراد أمن وأربعة من العاملين بالحكومة في تبادل إطلاق النار الذي استمر ثلاث ساعات.
وقالت شرطة إقليم قندز إن مفجرا انتحاريا آخر شن هجوما في مدينة قندز مما أسفر عن إصابة مدنيين اثنين.
وكان كرزاي دعا مرات عدة المتمردين الإسلاميين إلى محادثات سلام من أجل إحلال الاستقرار في البلاد قبل انسحاب قوات الحلف الأطلسي بحلول نهاية العام.
إلا أن المتمردين كانوا يرفضون في كل مرة إجراء محادثات مباشرة مع كرزاي الذي يتهمونه بأنه دمية بأيدي واشنطن بينما أشاروا مؤخرا إلى غني على أنه موظف لدى الأميركيين. وعززت إجراءات الأمن المشددة بالفعل في العاصمة كابل قبل حفل تنصيب الرئيس خشية أن يحاول مقاتلو طالبان تعطيل الحفل أو مهاجمة الشخصيات الدولية البارزة التي قدمت لأفغانستان لحضور حفل التنصيب.
ويأمل كل من المؤيدين الأجانب والأفغان أن يتمكن عبد الغني وعبد الله من تنحية خلافاتهما الانتخابية الحادة والعمل على تحسين الحياة في بلد يعاني من ويلات الحرب والفقر منذ عشرات السنين.
وهذا الانتقال الديمقراطي للسلطة ينهي رسميا ثلاثة أشهر من أزمة سياسية حول نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أضعفت البلاد بشكل إضافي. وكان كل من أشرف غني ومنافسه عبد الله عبد الله أعلنا فوزهما في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 14 يونيو (حزيران).
وتتركز غالبية المؤيدين لغني في أوساط إثنية البشتون في الجنوب في حين يستند عبد الله إلى تأييد إثنية الطاجيك في الشمال ما أثار مخاوف من اندلاع حرب أهلية وانقسام البلاد كأمر واقع.
لكن الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة والأمم المتحدة أدت إلى اتفاق الطرفين على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعلان غني فائزا في الانتخابات لأكثر من نسبة 55 في المائة من الأصوات في ختام عملية فرز لا سابق لها شملت ثمانية ملايين ورقة اقتراع.
إلا أن حركة طالبان استغلت الأزمة السياسية في كابل لتحقيق تقدم في المناطق الريفية. فقد أوقع هجوم للحركة الأسبوع الماضي مائة قتيل من بينهم 12 ذبحا.
وترث الحكومة الجديدة مشكلات ضخمة من بينها محاربة طالبان التي شنت في الأشهر الأخيرة مزيدا من الهجمات الأكثر جرأة مع انسحاب القوات الأجنبية.



تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر الناس جنازة خليل الرحمن حقاني بمقاطعة غردا راوا في أفغانستان 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقتل حقاني، الأربعاء، في مقر وزارته، حين فجّر انتحاري نفسه في أول عملية من نوعها تستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وشارك آلاف الرجال، يحمل عدد منهم أسلحة، في تشييعه بقرية شرنة، مسقط رأسه في منطقة جبلية بولاية باكتيا إلى جنوب العاصمة الأفغانية.

وجرى نشر قوات أمنية كثيرة في المنطقة، في ظل مشاركة عدد من مسؤولي «طالبان» في التشييع، وبينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، فصيح الدين فطرت، والمساعد السياسي في مكتب رئيس الوزراء، مولوي عبد الكبير، وفق فريق من صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال هدية الله (22 عاماً) أحد سكان ولاية باكتيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف اسمه كاملاً: «إنها خسارة كبيرة لنا، للنظام وللأمة».

من جانبه ندّد بستان (53 عاماً) بقوله: «هجوم جبان».

أشخاص يحضرون جنازة خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين والعودة في نظام «طالبان» غير المعترف به دولياً العضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم، إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان»، وكذلك أقلية الهزارة الشيعية.

وخليل الرحمن حقاني، الذي كان خاضعاً لعقوبات أميركية وأممية، هو عمّ وزير الداخلية، واسع النفوذ سراج الدين حقاني. وهو شقيق جلال الدين حقاني، المؤسس الراحل لشبكة «حقاني»، التي تنسب إليها أعنف هجمات شهدتها أفغانستان خلال الفترة الممتدة ما بين سقوط حكم «طالبان»، إبان الغزو الأميركي عام 2001، وعودة الحركة إلى الحكم في 2021.