وفاة زين العابدين بن علي

زين العابدين بن علي (إ.ب.أ)
زين العابدين بن علي (إ.ب.أ)
TT

وفاة زين العابدين بن علي

زين العابدين بن علي (إ.ب.أ)
زين العابدين بن علي (إ.ب.أ)

توفي الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، أمس، عن عمر ناهز 83 عاماً.
ونقلت وكالة «رويترز» عن منير بن صالح، محامي أسرة بن علي، أن الرئيس الأسبق «توفي قبل قليل في السعودية». كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر بالخارجية التونسية قوله «تلقينا تأكيداً عن وفاته». وتجيء وفاة بن علي بعد أيام من انتخابات حرّة أجرتها تونس.
وأدار بن علي، تونس لمدة 23 عاماً، إذ تولى السلطة عام 1987 عندما كان رئيساً للوزراء، بعدما أعلن أن الرئيس الحبيب بورقيبة غير لائق طبياً للحكم. وسعى خلال وجوده في الحكم إلى وأد أي شكل من أشكال المعارضة السياسية، متبعاً في الوقت نفسه سياسة الانفتاح الاقتصادي، وهو ما أفضى إلى نمو سريع، لكنه زاد أيضاً من عدم المساواة والاتهامات بالفساد، خاصة بين أقاربه.
بدأ صعود بن علي في الجيش بعدما انتزع بورقيبة استقلال تونس من فرنسا عام 1956. وكان رئيس جهاز الأمن العسكري عام 1964 وجهاز الأمن الوطني عام 1977. وبعد قضائه 3 سنوات سفيراً في بولندا، استدعي للعودة إلى وظيفته الأمنية السابقة لمواجهة أعمال الشغب التي اندلعت احتجاجاً على أسعار الخبز. وتولى وزارة الداخلية عام 1986 ورئاسة الوزراء عام 1987.
ولم يستغرق الأمر منه سوى أقل من 3 أسابيع ليرتب لنفسه ترقية جديدة، وهذه المرة إلى أعلى موقع في السلطة... الرئاسة. فقد جلب فريقاً من الأطباء، ليعلن إصابة بورقيبة بالخرف، وهو ما يعني توليه الرئاسة تلقائياً. وشهد أول عقد له في السلطة إعادة هيكلة اقتصادية كبيرة، ساندها صندوق النقد والبنك الدوليان، ونمواً اقتصادياً سنوياً يزيد قليلاً على 4 في المائة.
ولد الرئيس التونسي الراحل يوم 3 سبتمبر (أيلول) 1936 بمنطقة حمام سوسة (وسط شرقي تونس) حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، غير أنه لم يتم دراسته، وغيّر اتجاهه ليتلقى تكويناً أمنياً، إذ حصل على دبلوم من المدرسة العسكرية في سان سير (فرنسا) ثم من مدرسة المدفعية في شالون سور مارن كذلك من فرنسا، وأرسله صهره الجنرال الكافي، إلى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن في بلتيمور بالولايات المتحدة، ومدرسة المدفعية الميدانية في تكساس، بالولايات المتحدة، ليستلم بعد انتهائه هذه الدورات التكوينية مسؤولية الأمن العسكري التونسي حيث تولى رئاسته لمدة 10 سنوات، إلى أن أصبح سنة 1986 وزيراً للداخلية، قبل أن يعين من قبل الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وزيراً أول، في ظل صراع محموم على السلطة، وهو ما غذّى طموحاته في الحكم إثر وهن بورقيبة ومرضه وعدم قدرته على تسيير البلاد.
وكان بن علي يتسابق في هذا المطمح مع قيادات حركة الاتجاه الإسلامي (حركة النهضة حالياً) لتولي الحكم والاستيلاء على السلطة بدلاً من بورقيبة، غير أن بن علي كان الأسبق وسيطر على السلطة في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 1987 ليتواصل الصراع مع الأطراف المعارضة من الإسلاميين واليسار، وليضع بن علي ميثاقاً وطنياً يعد من خلاله بالانفتاح السياسي وفتح أبواب المشاركة السياسية أمام المعارضة.
ولكن بن علي الذي تلقى تكويناً عسكرياً لم يكن يؤمن بالتعددية السياسية والنهج الديمقراطي ومكّن معارضة صورية من المشاركة السياسية بمقدار ضئيل، وفاز بن علي بأغلبية ساحقة تجاوزت نسبة 90 في المائة من أصوات الناخبين في كل الانتخابات الرئاسية التي جرت سنوات 1994 و1999 و2004 و2009 وسيطر «التجمع الدستوري الديمقراطي» الحزب السياسي الجديد الذي أسسه على المشهد السياسي طيلة 23 سنة، انتهت بالإطاحة به من قبل الثورة التونسية، وهو ما اضطره إلى مغادرة الحكم يوم 14 يناير (كانون الثاني) 2011 لتطوى صفحة ثاني رئيس في تاريخ الجمهورية التونسية، وتبدأ فترة جديدة، أساسها نظام برلماني معدل لا يسمح لرئيس الدولة إلا بصلاحيات محدودة.
وصدرت في حقّ الرئيس الراحل أحكام بالسجن، تجاوزت حدود 200 سنة، علاوة على 5 أحكام بالسجن المؤبد، وهو ما جعل أمر عودته إلى تونس مستحيلاً إلى أن أعلن خبر وفاته يوم أمس.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.