البريطانيون يكنزون الذهب في مواجهة غموض «بريكست»

تشير تقارير حديثة إلى إقبال قياسي بين البريطانيين على الذهب في ظل الغموض المطبق المحيط بعملية «بريكست» (رويترز)
تشير تقارير حديثة إلى إقبال قياسي بين البريطانيين على الذهب في ظل الغموض المطبق المحيط بعملية «بريكست» (رويترز)
TT

البريطانيون يكنزون الذهب في مواجهة غموض «بريكست»

تشير تقارير حديثة إلى إقبال قياسي بين البريطانيين على الذهب في ظل الغموض المطبق المحيط بعملية «بريكست» (رويترز)
تشير تقارير حديثة إلى إقبال قياسي بين البريطانيين على الذهب في ظل الغموض المطبق المحيط بعملية «بريكست» (رويترز)

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن البريطانيين لجأوا مؤخراً إلى اكتناز الذهب، باعتباره ملاذاً آمناً وسط تفاقم أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «البريكست» التي قلبت موازين عالم السياسة داخل المملكة المتحدة، وتسببت في هبوط سعر الجنيه الإسترليني إلى مستويات قياسية منخفضة.
وأوضحت الصحيفة أن أسعار الذهب شهدت ارتفاعاً كبيراً هذا العام في مناطق مختلفة من العالم، إلا أنه من اللافت للنظر في بريطانيا، حيث تقبع شوارع العاصمة لندن على أحد أكبر الكنوز العالمية من الذهب، بات المواطنون العاديون يركنون إلى تعزيز مدخراتهم الشخصية عبر اكتناز المعدن النفيس تحت ضغط حالة الضبابية المسيطرة على مصير «البريكست».
ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أنه كلما تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني أمام الدولار، ارتفعت أسعار الذهب، مشيرة إلى أن الإسترليني شهد انخفاضاً كبيراً منذ رئاسة بوريس جونسون للوزراء وتعهده بمغادرة الاتحاد باتفاق أو بدونه، لتلامس العملة البريطانية أدنى مستوى لها خلال 34 عاماً، مقابل صعود الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق مسجلاً 1278 جنيهاً إسترليني للأوقية، أي ما يعادل 1576 دولاراً، وفقاً لبيانات جمعية سوق السبائك بلندن. ونقلت الصحيفة عن غوشوا سول، مؤسس مجموعة «بيور غولد» قوله إنه تلقى العديد من الطلبات من قبل مصرفيين ومستثمرين لشراء الذهب بأموالهم الخاصة، فيما قالت إحدى مديرات الأصول بلندن إنها قامت وزميلاتها بشراء الذهب بسبب توقعات بمزيد من التراجع في قيمة الإسترليني.
وأشارت الصحيفة إلى أن ظاهرة اكتناز الذهب من أجل مواجهة أزمات سياسية أو اقتصادية في بريطانيا لا تقتصر على الخبراء والمعنيين بالشأن الاقتصادي فقط، بل اتسعت لتشمل مواطنين عاديين استشعروا خطراً حقيقاً في أزمة الـ«بريكست» المتزامنة مع الحرب التجارية المتفاقمة بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم، والذين رأوا في الذهب ملاذاً آمناً يجنبهم أي آثار سلبية للظروف العالمية الراهنة.
وتشهد أسواق الذهب العالمية انتعاشاً كبيراً هذا العام، تحت ضغط تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي الذي دفع بنوكاً مركزية رئيسية عدة من بينها الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) إلى خفض أسعار الفائدة في مواجهة هذا الضعف، ليسجل المعدن الأصفر أعلى مستوى له خلال 6 أعوام، مستفيداً أيضاً من توجه البنك المركزي في كل من الصين وروسيا إلى زيادة مشترياتهم من الذهب لمواجهة ضغوط اقتصادية.
في سياق متصل، ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن الصين، ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، أضافت منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي حتى الآن ما يقرب من 100 طن من الذهب إلى احتياطياتها، في خطوة تستهدف تعزيز احتياطي البلاد من المعدن النفيس بهدف تحجيم التداعيات السلبية للنزاع التجاري مع الولايات المتحدة، لتكتسب بذلك ظاهرة اكتناز الذهب رواجاً عالمياً في ظل مناخ اقتصادي وسياسي مضطرب.
ويأتي ذلك رغم تراجع أسعار الذهب يوم الجمعة، حيث سجلت ثالث هبوط أسبوعي على التوالي، بعد أن دفعت بيانات إيجابية لمبيعات التجزئة الأميركية وآمال بانحسار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين أسواق الأسهم وعوائد السندات للصعود.
وانخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.7 في المائة، ليختتم جلسة تداول الجمعة عند 1488.45 دولار للأوقية (الأونصة)، منهياً الأسبوع على خسارة تزيد عن واحد في المائة. وتراجعت العقود الأميركية للذهب 0.5 في المائة لتبلغ عند التسوية 1499.50 دولار للأوقية.
وينتظر المستثمرون اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الجاري، والذي من المتوقع أن يخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل للمرة الثانية على التوالي.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى هبطت الفضة 3.7 في المائة إلى 17.43 دولار للأوقية، بينما تراجع البلاتين 0.3 في المائة إلى 948.15 دولار للأوقية. وانخفض البلاديوم 0.7 في المائة إلى 1606.50 دولار للأوقية بعد أن سجل أعلى مستوى على الإطلاق عند 1621.55 دولار في جلسة الخميس عندما أذكت مشاكل محتملة بشأن العمالة في مناجم جنوب أفريقيا مخاوف بشأن الإمدادات. لكن المعدن المُستخدم في التحفيز الذاتي بقطاع السيارات أنهى الأسبوع مرتفعاً أكثر من أربعة في المائة في سادس أسبوع على التوالي من المكاسب. أما الجنيه الإسترليني، فقد قفز الجمعة مواصلاً صعوده الحاد الذي بدأه الأسبوع الماضي عقب تقرير صحافي بأن أكبر حزب سياسي في آيرلندا الشمالية وافق على قبول بعض قواعد الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد. ورغم أن الحزب سارع إلى نفي التقرير الذي نشرته صحيفة «تايمز»، فإنه ما زال يدعم الرأي القائل بأن بريطانيا والاتحاد الأوروبي يمكنهما التوصل لاتفاق بشأن مسألة الجمارك على الحدود الآيرلندية، وهي حجر العثرة الرئيسي في المفاوضات بين لندن وبروكسل.
وصعد الإسترليني أكثر من واحد في المائة أمام العملة الأميركية إلى 1.2475 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 25 من يوليو (تموز) قبل أن يتراجع قليلاً إلى 1.2452 دولار في أواخر جلسة تداول الجمعة في لندن. ومقابل اليورو، ارتفع الإسترليني بما يصل إلى 0.8 في المائة ليجري تداوله عند 88.91 بنس قرب أعلى مستوى له منذ يونيو (حزيران).


مقالات ذات صلة

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب قُرب أعلى مستوى في أسبوعين وسط تركيز على بيانات التضخم الأميركي

ظلت أسعار الذهب قُرب ذروة أسبوعين، بدعم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتوقعات إقدام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» على خفض آخر لأسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في مكتب «غولد سيلفر سنترال» بسنغافورة (رويترز)

توقعات باستمرار تألق الذهب حتى 2025 ليصل إلى 2950 دولاراً

مع عودة دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، من المحتمل أن يكون هناك مزيد من عدم اليقين بشأن التجارة والتعريفات الجمركية، مما سيدعم أيضاً سعر الذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في مصنع «أويغوسا» لفصل الذهب والفضة في فيينا (رويترز)

ارتفاع طفيف لأسعار الذهب مع ترقب بيانات تضخم أميركية

ارتفعت أسعار الذهب يوم الاثنين مع ترقب المستثمرين بيانات تضخم أميركية هذا الأسبوع، تلمساً لمؤشرات على السياسة النقدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر بنك الشعب الصيني في بكين (رويترز)

بعد توقف لـ6 أشهر... الصين تستأنف شراء الذهب في نوفمبر

استأنف البنك المركزي الصيني شراء الذهب للاحتياطيات النقدية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد توقف استمر 6 أشهر.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد سبائك ذهبية في أحد البنوك بزيوريخ في سويسرا (رويترز)

الذهب يتجه نحو الانخفاض بانتظار تقرير الوظائف الأميركي

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً، يوم الجمعة، لكنها تواصل التوجه نحو ثاني انخفاض أسبوعي على التوالي، في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات الوظائف الأميركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.