تضامن سياسي وإعلامي مع «نداء الوطن» بعد استدعاء رئيس تحريرها إلى التحقيق

نشرت عنواناً على صفحتها الأولى «أهلاً بكم في جمهورية خامنئي»

TT

تضامن سياسي وإعلامي مع «نداء الوطن» بعد استدعاء رئيس تحريرها إلى التحقيق

تعقد نقابة الصحافة اللبنانية اجتماعاً يوم الاثنين المقبل، تعلن فيه رفضها إحالة الصحافيين إلى النيابة العامة، وذلك بعد استدعاء رئيس تحرير صحيفة «نداء الوطن»، الزميل بشارة شربل والمدير المسؤول عن الصحيفة الزميل جورج برباري، وهو ما أثار موجة استنكار في الأوساط السياسية.
ووجه النائب العام لدى محكمة التمييز بالإنابة القاضي عماد قبلان كتاباً إلى رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية طلب فيه استدعاء رئيس تحرير صحيفة «نداء الوطن» بشارة شربل والمدير المسؤول عن الصحيفة جورج برباري للحضور إلى جلسة تعقد في قصر عدل بيروت عند التاسعة والنصف من يوم الأربعاء 18 سبتمبر (أيلول) الحالي، على خلفية عنوان نشرته على صفحتها الأولى أول من أمس (الخميس)، قالت فيه: «سفراء جدد في بعبدا... أهلاً بكم في جمهورية خامنئي».
وقال نقيب الصحافة عوني الكعكي لـ«الشرق الأوسط»، إن الجلسة التي يعقدها مجلس النقابة يوم الاثنين المقبل ستبحث الملف، وسوف يشدد على تنفيذ القانون في الاستدعاءات إذا استوجب الأمر كذلك، عبر إحالة ملفات الصحافة إلى محكمة المطبوعات في حالة الدعاوى القضائية، مؤكداً على ضرورة معالجة تلك الملفات بالطرق القانونية وليس عبر النيابة العامة، لأن «دعاوى المطبوعات ليست جرائم قتل، بل وجهات نظر ورأي».
ولفت الكعكي إلى أن «لا شيء اسمه السجن للصحافيين منذ عام 1977 في أيام رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، الذي أصدر قراراً بمنع سجن الصحافيين»، مؤكداً أن هذا الموقف في نقابة الصحافة «مبدئي، فنحن لا نقبل سجن الصحافيين أو إحالتهم إلى النيابات العامة، وليس الموضوع مرتبطاً فقط بحادثة زميلنا بشارة شربل». وقال: «نحن لا نتدخل بالقضاء، لكننا في الوقت نفسه نتمنى على السلطة السياسية أيضاً عدم التدخل بالقضاء».
وذكرت الصحيفة في عددها الصادر أمس، تعليقاً على قرار الاستدعاء، أنه «بدل أن تدبّ النخوة بمن يدّعي الحرص على (العهد القوي) فيبادر إلى التصدي لمحاولات جعله عهداً تابعاً ملحقاً بمحور خارجي، تراه يبادر إلى الإمعان في تصوير هذا العهد من حيث يدري أو لا يدري، عهداً قوياً قادراً فقط على قمع الأقلام وكمّ الأفواه تحت طائلة الملاحقة القانونية لكل صحافي تسوّل له نفسه الكتابة والتحليل بما لا يرقى إلى مستوى التبجيل والتهليل للسلطة، والأخطر أنه لا يتوانى عن تحويل مطرقة القضاء إلى أداة ترويض للصحافة وتطويع لأقلامها، عبر تشويه صورة الجسم القضائي وجعله مطية لرغبات الانتقام والكيدية، وصولاً إلى محاولة حرف ميزانه وتحوير شعاره من العدل أساس المُلك... إلى (العهد) أساس المُلك».
وأضافت الصحيفة في خبرها الرئيسي أمس: «من يفاخر بتقديم نفسه على أنه (وزير القصر) سليم جريصاتي اغتنم بالأمس فرصة انعقاد مجلس الوزراء، لا ليثير قضية الانتقاص من صلاحيات رئيس الجمهورية وسلطة الدولة اللبنانية في تقرير مصير اللبنانيين، إنما ليجاهر ويعلن بحنق وعدائية عن النية في الادعاء على صحيفة (نداء الوطن)، ربطاً بما نشرته في مانشيت عدد الأمس (الأول) عن خطورة إلحاق لبنان بالمحور الإيراني»، مثيراً في المقابل «ضرورة تشكيل لجنة لتعديل قانون المطبوعات»، وهو ما أتى في سياق يشي بالاتجاه عن سابق تصميم وتصوّر نحو تقييد حرية الإعلام والرأي في لبنان بقوة القانون العتيد تحت طائلة تجريم المخالفين جنائياً».
وتحرك سياسيون دعماً لموقف الصحيفة، إذ أجرى رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة اتصالاً هاتفياً برئيس تحرير جريدة «نداء الوطن» بشارة شربل، مبدياً استغرابه «لاستدعائه إلى التحقيق القضائي». وأعرب السنيورة عن «استنكاره لضيق الصدر الحاصل لدى بعض المسؤولين وتبرمهم من النقد والانتقاد وإبداء الرأي». واعتبر أن «التضييق على الحريات أمر مرفوض ومستنكر لأن الحرية أساس لبنان وعلى وجه الخصوص الحرية المسؤولة التي لم تخالفها الصحيفة».
وغرد وزير العدل الأسبق أشرف ريفي على حسابه في «تويتر» قائلاً: «استدعاء الأستاذ بشارة شربل للمباحث الجنائية مؤشر خطير واعتداء سافر ومرفوض على الحريات الإعلامية. هذه سلطة مفلسة تستقوي على حرية الرأي وتعيد إنتاج نظام بوليسي. كل التضامن مع بشارة شربل ونداء الوطن. سنواجه مع جميع المخلصين هذا النهج البائد». وأضاف: «لم تخطئ (نداء الوطن) بعد كلام نصر الله وصمت القبور لأهل السلطة عن كلامه، بالقول إن لبنان أصبح جمهورية خامنئي، فنصر الله حوّل لبنان إلى محافظة نائية في سجن الملالي. سنقاوم هذه الوصاية وأتباعها مهما كان الثمن كبيراً».
واستنكر نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني الاستدعاء، أما النائبة بولا يعقوبيان فأبدت تضامنها «مع (نداء الوطن) ضد سارقي الوطن».
وعدّ مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس أن استدعاء رئيس تحرير جريدة «نداء الوطن» والمدير المسؤول بسبب مانشيت الصحيفة يطرح علامات استفهام جدية حول مستقبل الحريات العامة في لبنان.
واعتبر النائب السابق إيلي كيروز أن «مطاردة صحيفة وصحافيين تشي باتجاه رسمي لتقييد حريّة الإعلام والرأي في لبنان». ورأى أن «الموقف الذي عبّرت عنه جريدة (نداء الوطن) يستحق التنويه في هذا الزمن الرديء بدلاً من الإدانة والملاحقة الجزائيّة، لأنها كسرت الصمت الرسمي المطبق، فضلاً عن أن موقفها عكس رأي شريحة كبيرة من اللبنانيين».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».