تركيا ترسل سفينة رابعة للتنقيب في شرق المتوسط

في خطوة تصعيدية جديدة تتجاهل التحذيرات الأوروبية والدولية

TT

تركيا ترسل سفينة رابعة للتنقيب في شرق المتوسط

في خطوة تصعيدية جديدة تتجاهل التحذيرات الأوروبية والدولية، أرسلت تركيا سفينة تنقيب جديدة إلى مياه شرق البحر المتوسط، للمشاركة في أعمال التنقيب عن النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص. ونشرت وزارة الدفاع التركية صورتين لسفينة البحث التركية «أورتش رئيس»، برفقة فرقاطتين من البحرية التركية، في طريقها من إسطنبول إلى شواطئ مرسين (جنوب)، حيث توجهت للانضمام إلى سفينتي التنقيب «فاتح» و«ياووز» اللتين ترافقهما سفينة ثالثة للدعم اللوجستي، إلى جانب عدد من القطع البحرية العسكرية. وإلى جانب الفرقاطتين، ترافق السفينة الجديدة زوارق حربية تابعة لقيادة القوات البحرية التركية.
وأعلنت تركيا في السابع من أغسطس الماضي أنها سترسل سفينة تنقيب جديدة إلى منطقة شرق البحر المتوسط للانضمام إلى سفينتين أرسلتهما من قبل، وسط اعتراضات من الاتحاد الأوروبي ومصر وقبرص واليونان والولايات المتحدة وإسرائيل، بسبب قيامها بالتنقيب ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص. وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، إن سفينتي التنقيب التركيتين «فاتح» و«ياووز» تواصلان العمل في منطقة شرق البحر المتوسط، كما ستنضم إليهما سفينة «أوروتش رئيس» نهاية أغسطس (آب).
وترفض تركيا اتفاقات أبرمتها الحكومة القبرصية مع مصر واليونان في منطقة شرق البحر المتوسط بشأن المناطق الاقتصادية البحرية. وأرسلت سفينتي التنقيب «فاتح» و«ياووز»، بالإضافة إلى سفينة للدعم اللوجيستي للعمل في المياه قبالة جزيرة قبرص المقسمة، وهو ما دفع اليونان لاتهامها بتقويض الأمن في المنطقة. وقبرص، عضو الاتحاد الأوروبي، على خلاف مع تركيا منذ سنوات حول ملكية الموارد الهيدروكربونية (النفط والغاز) في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تقول تركيا إن للقبارصة الأتراك نصيباً في هذه الموارد، وتتمسك بأن المنطقة التي تقوم بأعمال التنقيب فيها تقع ضمن ما تسميه «الجرف القاري» لها.
وأثارت العمليات التي تقوم بها تركيا في المنطقة ردود أفعال من حلفائها في الغرب، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وقال فرنسيس فانون مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون موارد الطاقة، تعليقاً على تحركات تركيا في المنطقة، «نحن نؤيد السلام والاستقرار في المنطقة، ونحثّ على عدم اتخاذ إجراءات استفزازية من جانب أي طرف». كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد قال، الشهر الماضي، إن تركيا لا ترى ضرورة لإرسال سفن تنقيب جديدة إلى شرق المتوسط في الوقت الراهن، وذلك بعد أن علق وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مفاوضات بشأن اتفاق شامل للنقل الجوي، وقرروا عدم إجراء حوار على مستوى عالٍ بين الاتحاد وتركيا، واقتطاع تمويلات في إطار مفاوضات انضمامها إلى عضوية الاتحاد، ووقف عمليات بنك الاستثمار الأوروبي فيها.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الخميس الماضي، إن بلاده مصممة على دحر ما سماه بـ«المكائد» التي تحاك ضدها في شمال سوريا والعراق وشرق البحر المتوسط، مشدداً على أن تركيا لن تسمح أبداً بالاستيلاء على «حقوق شعبها وحقوق القبارصة الأتراك في المنطقة».
وعادت تركيا، خلال الأسبوعين الماضيين، إلى تصعيد لهجتها بشأن أزمة قيامها بالتنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، مجددة رفضها أي اتفاقيات تستثنيها والقبارصة الأتراك، وتتغافل «حقوقهما» في ثروات المنطقة.
وناقش اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، خلال اجتماع ترأسه الرئيس رجب طيب إردوغان في أنقرة، الأسبوع الماضي، تطورات أعمال البحث والتنقيب، التي تقوم بها السفن التركية في شرق المتوسط قبالة سواحل قبرص. وقال المتحدث باسم الحزب، إن «وجود تركيا في شرق المتوسط يتوافق مع كل بند من بنود القانون الدولي».
في الوقت ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال زيارة للبنان، منذ أيام، إن بلاده لا تقبل بأي اتفاق حول موارد شرق البحر المتوسط يستثنيها، وما يسمى بـ«جمهورية شمال قبرص التركية»، التي لا تعترف بها سوى أنقرة، مضيفاً أن أعمال التنقيب عن النفط والغاز، التي تقوم بها تركيا شرق المتوسط، تجري في جرفها القاري، وفي المناطق التي حصلت فيها على ترخيص من شمال قبرص، موضحاً أن تركيا تقوم بأنشطة لحماية حقوق القبارصة الأتراك، وأنها ستواصل ذلك حتى النهاية، و«لا نقبل أي اتفاق يستثني تركيا والقبارصة الأتراك».
وجدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، تعهداته بأن فرنسا والاتحاد الأوروبي لن يتهاونا مع تصرفات تركيا غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص في شرق المتوسط، معرباً عن تضامن فرنسا مع اليونان، التي قال إنها تواجه زيادة في التحديات في منطقة شرق البحر المتوسط، بسبب تصرفات تركيا في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص. وتتنازع تركيا وحكومة قبرص، المعترف بها دولياً، على حقوق التنقيب عن النفط والغاز، بمكامن بحرية في شرق المتوسط من المعتقد غناها بالغاز الطبيعي.
ويقول الشطر الشمالي من قبرص، المدعوم من تركيا، إن له حقوقاً أيضاً في أي ثروة بحرية باعتباره شريكاً في تأسيس جمهورية قبرص في عام 1960. بينما يقول القبارصة اليونانيون، الذين يديرون حكومة الجزيرة المعترف بها دولياً، إن أي فوائد تجنى من اكتشافات الغاز في المستقبل سيتقاسمها جميع القبارصة في نهاية المطاف.
وجزيرة قبرص مقسمة منذ 1974، إثر غزو تركي أوقد شرارته انقلاب عسكري بإيعاز من اليونان. وكان القبارصة اليونانيون أعلنوا منطقتهم الاقتصادية الخالصة في عام 2004. ووقعوا اتفاقات مع جميع البلدان الساحلية. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أقدمت مصر على خطوة مهمة، اجتمعت بمقتضاها دول بشرق المتوسط، واتفقت على إنشاء «منتدى غاز شرق المتوسط»، على أن يكون مقره القاهرة. ويضم مصر وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.