تحذيرات ملك.. الصامتون على جرائم الإرهاب هم أول ضحاياه

ظل موضوع مكافحة الإرهاب الذي اكتوت بناره معظم دول العالم، ومن بينها السعودية هاجس قيادتها، وساهمت جهود الجهات المختصة في تحقيق السعودية إنجازات لافتة في مجال مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، وأصبحت هذه الجهود محل إشادة المجتمع الدولي، وجاءت هذه النجاحات بعد أن تعرضت السعودية لعمليات إرهابية كبيرة نجحت في القضاء عليها، وملاحقة فلول الإرهابيين، حيث شهدت البلاد 250 عملية إرهابية، ووجهت 215 ضربة استباقية ضد عمليات إرهابية استهدفت أمن البلاد، كما تم إحباط نحو 200 عملية إرهابية والقبض على نحو 50 خلية إرهابية وتفكيكها، والقبض على نحو 1330 شخصا ينتمون للتنظيمات الإرهابية.
وتوج الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي قاد الجهود للقضاء على الإرهاب ذلك بإطلاقه قبل أسابيع تحذيرات لمواجهة الإرهاب الذي يشكل خطرا على جميع دول العالم، ويوقف حركة الحضارة ويعترض سير التنمية في كوكب الأرض.
وحرّكت تحذيرات الملك عبد الله الأخيرة من خطر التنظيمات الإرهابية ومنها «داعش» العالم كله لمواجهة هذه التنظيمات، وتوجيه ضربات موجعة لها، واستجاب العالم المتحضر لهذه التحذيرات مثمنا جهود الملك وبلاده في مكافحة هذه التنظيمات التي أثارت الرعب في العالم، ولقيت كلمات الملك عبد الله وخصوصا كلمته الأخيرة الموجهة إلى الأمة العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، وما تضمنته من تحذير وإنذار تجاه ما يواجه العالم أجمع من خطر الإرهاب، كل تقدير، بل حركت دول كبرى أساطيلها وجيوشها للقضاء على بؤر التنظيمات الإرهابية.
ولعل تأكيد الملك على أن للإرهاب أشكالا مختلفة سواء ما كان منها من جماعات أو منظمات، أول دول وهي الأخطر، بإمكانياتها ونياتها ومكائدها ما هو إلا دلالة على استشعار الملك بخطر هذه التنظيمات على العالم، بل أخذ الملك على المجتمع الدولي صمته وحمله مسؤولية تجاه ما يحدث، وتأكيده على أن من يصمتون على جرائم الإرهاب سيكونون أول ضحاياه في المستقبل القريب.
وفي ظل معاناة الكثير من الدول من الإرهاب، ومنها السعودية والمزاعم التي ترددها وسائل الإعلام الغربية أن الإسلام دين عنف وإرهاب في محاولة لإلصاق الإرهاب بالإسلام، فقد دعا الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب وذلك في مدينة الرياض وعقد المؤتمر في الخامس من شهر فبراير (شباط) 2005م برعاية خادم الحرمين الشريفين بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية، ودعا في كلمة افتتح بها المؤتمر إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وقال: «إن أملي كبير في أن هذا المؤتمر سوف يبدأ صفحة جديدة من التعاون الدولي الفعال لإنشاء مجتمع دولي خال من الإرهاب وفي هذا الجانب أدعو جميع الدول إلى إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب يكون العاملون فيه من المتخصصين في هذا المجال والهدف من ذلك تبادل وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث وتجنبها إن شاء الله قبل وقوعها».
ويعد الملك عبد الله من الشخصيات النادرة في الوطن العربي، التي تتعامل مع الأحداث بكل الصراحة والوضوح والحكمة والاعتدال، والشجاعة في مواجهة المواقف، كلماته تخرج حاسمة من نفس مؤمنة بما تقول وتعتقد. يحترم الملك عبد الله من يتعامل مع بلاده بالندية، فكرامة وطنه ينبغي ألا تمس، فالعالم وجد ليتعاون، والمهم أن يكون التعاون متكافئا، كما يؤمن الملك عبد الله بالوحدة والتضامن ويشعر بالألم حيال الذين يظهرون خلاف ما يبطنون في الساحة العربية، في وقت تحقق فيه المطامع الدولية أهدافها في العالم العربي قدره غير هذا ووطنه كان يمكن أن يكون أفضل وأقوى من هذا الواقع.
وترجم الملك عبد الله سادس ملوك الدولة السعودية الثالثة التوجهات والأسس التي قام عليها الكيان العظيم من خلال خطاب البيعة الذي أكد فيه على اهتمامه بجميع القضايا المعاصرة محليا وعربيا وإسلاميا وعالميا وحمل فيه هواجسه تجاه رسم طريق مستقبل البلاد والأمة.
وقال الملك: «إن التاريخ علمنا أن الفترات التي شهدت وحدة الأمة هي عصورها الذهبية المزدهرة وأن فترات الفرقة والشتات كانت عهود الضعف والهوان والخضوع لسيطرة الأعداء، ومن هذا المنطلق فإن كل جهد سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو فكريا يقرب بين أبناء الأمة هو جهد مبارك مشكور وكل جهد يزرع بذور الفتنة والشقاق هو نكسة تعود بنا إلى الوراء».
وإذ استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن يحقق توازنا بين الداخل والخارج فيمكن القول: إن الملك عبد الله أصبح القائد المدافع عن قضايا الأمة. كما نجح بحكمته في أن يخرج علاقات بلاده والأمة العربية مع الدول الكبرى من الاختبارات الصعبة التي وضعتها أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) من عام 2001. كما نجح في القضاء على الفئة الضالة داخل بلاده وأطلق في عاصمته مبادرة عالمية لمكافحة الإرهاب، كما لاحق فلول تنظيم القاعدة داخل الجزيرة العربية بهدف القضاء على هذا التنظيم مع دول العالم التي اكتوت هي الأخرى بناره.