«الانتقالي» ينكسر في أطراف عتق... ومحافظ شبوة يعلن سقوط «الانقلاب»

انكسرت قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» أمس على أطراف مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، بعد أن حاولت مهاجمة المدينة من الجهة الشرقية، في وقت واصلت القوات الحكومية التقدم في أكثر من اتجاه للسيطرة على مواقع المجلس الساعي إلى فصل جنوب اليمن عن شماله.
جاء ذلك، في وقت أكد فيه محافظ شبوة، محمد صالح بن عديو، انتصار القوات الحكومية في بيان رسمي، وذلك غداة تعهد وزارة الدفاع اليمنية التصدي الحازم لما وصفته بـ«التمرد» الذي قام به «الانتقالي» للسيطرة على مدينة عتق.
ميدانياً، أكدت مصادر حكومية في مدينة عتق لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتقالي» الجنوبي حشد تعزيزات ضخمة في محاولة لاقتحام مدينة عتق منذ أمس، بعد أن تم طرده منها، بيد أن محاولته باءت بالفشل، مع تمكن القوات الحكومية من الأخذ بزمام الأمور ومواصلتها إسقاط مواقع «الانتقالي» شرقي مدينة عتق.
وذكر المصدر أن القوات التي استقدمها «الانتقالي» من عدن وشبوة «تمكنت من استعادة موقع «الإرسال» لفترة وجيزة، قبل أن تستعيده القوات الحكومية، في حين فشلت قوات «الانتقالي» في إحراز أي تقدم للسيطرة على أي موقع آخر في محيط مدينة عتق.
إلى ذلك، ذكرت مصادر محلية أن قياديين من قادة «الانتقالي» وقعا في قبضة القوات الحكومية، وهما نائب قائد قوات «الحزام الأمني» في أبين عبد الله الدماني، ونائب قائد «اللواء الثالث - حزام أمني» في أبين نفسها، إضافة إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف القوة التي يقودانها.
وفيما توقعت المصادر أن تستمر المعارك، بسبب استمرار استقدام التعزيزات للجانبين، واصل قادة «الانتقالي» الدعوة إلى النفير في أوساط أتباعهم، في وقت أعلنت قيادة «اللواء الخامس – صاعقة» الموالية لهم في الضالع استعدادها التوجه إلى شبوة للمشاركة في المعارك.
وأكدت المصادر أن الأوضاع عادت للتوتر مجدداً في محافظة أبين، بعدما قطعت قوات حكومية تتبع اللواء 115 في مديرية لودر الطريق بين أبين وشبوة، أمام تعزيزات «الانتقالي» القادمة من عدن والضالع ولحج.
وأوضحت مصادر حكومية أن مدينة عتق ومعظم أجزاء محافظة شبوة الشمالية والشرقية باتت تحت سيطرة القوات الحكومية، في حين لا تزال قوات «النخبة الشبوانية» تسيطر على الأجزاء الساحلية الجنوبية في المحافظة الغنية بالنفط.
وذكرت المصادر أن قوات الشرعية توجهت جنوباً صوب مفرق الصعيد في محافظة شبوة باتجاه مدينة حبان، عقب سيطرتها على نقطة «العكف» التابعة لقوات «الانتقالي»، كما سيطرت شرقاً على بعد 40 كيلومتراً على معسكر «الجولة».
وكانت القوات الحكومية سيطرت، السبت، على معسكرات ثماد والشهداء ومرة، في محيط مدينة عتق، إضافة إلى عدد من النقاط الأمنية التابعة لقوات «الانتقالي» في مناطق مختلفة من شبوة، بعد أن اعتمدت القوات أسلوب الهجوم عوضاً عن الاكتفاء بالدفاع.
وجاءت هذه التطورات الميدانية بعد يومين من إحكام القوات الحكومية، ممثلة في قوات الأمن الخاصة، وقوات «اللواء 21 ميكا»، من بسط السيطرة على مدنية عتق ومواقع «الانتقالي» فيها، عقب مواجهات سقط فيها قتلى وجرحى من الطرفين.
وكانت قوات «الانتقالي» في عتق تحاول استنساخ تجربتها في عدن وأبين، بعد أن أخضعت المعسكرات والمواقع الحكومية، في عملية اعتبرتها الشرعية انقلاباً عليها.
وأعاد مراقبون يمنيون خسارة «الانتقالي» أولى معاركه في شبوة مع القوات الحكومية إلى غياب «الحاضنة الشعبية» في المحافظة، إلى جانب قوة السلطة المحلية وعدم خضوعها للتهديدات من قبل «الانتقالي» للاستسلام، فضلاً عن طبيعة المكونات القبلية ذات السلطة الأكثر نفوذاً في المحافظة.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع اليمنية وهيئة الأركان العامة أن الجيش الوطني وبمساندة قوات الأمن تصدت، الأربعاء الماضي، لهجوم مسلح على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية بمدينة عتق في محافظة شبوة، استمراراً لخطة التمرد المسلح الذي بدأته ميليشيات ما يسمى بـ«المجلس الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن وأبين».
وقالت الوزارة، في بيان رسمي: «إن السلطة المحلية في محافظة شبوة بذلت كل الجهود الممكنة لتجنب تلك المواجهات، استجابة لدعوات التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، إلا أن ميليشيات التمرد استمرت في مخططها وتصعيدها وحشدها العسكري».
وأكدت أن قوات الجيش «تصدت للتمرد خلال اليومين الماضية، واستطاعت تحقيق السيطرة الكاملة على مدينة عتق وتطهير جميع مؤسسات الدولة ومعسكراتها»، كما أكدت أنها رصدت حشوداً لـ«الانتقالي» من أكثر من محافظة، مع اتهامها للإمارات «بتقديم دعم عسكري ولوجستي ومالي» للمتمردين.
وتوعدت «الدفاع» اليمنية بأن الجيش «سيواصل تصديه الحازم لهذا التمرد الذي يضرّ بالمصلحة العليا لليمن، ولا يخدم أهداف التحالف العربي الذي جاء لإعادة الشرعية والمحافظة على وحدة اليمن وسلامة أراضيه».
وأشارت إلى «أن ما يحصل من تمرد مسلح لن يحرف بوصلتها الأساسية في محاربة المشروع الإيراني والميليشيات الحوثية».
في غضون ذلك، ألقى محافظ شبوة محمد صالح بن عديو بياناً، وُصف بأنه «بيان النصر» على قوات «الانتقالي» في مدينة عتق؛ حيث أشار فيه إلى ما قبل بداية تفجر الأوضاع، وقال إن شبوة أسقطت «انقلاباً رديفاً لانقلاب ميليشيات الحوثي، قامت به ميليشيات المجلس الانتقالي، بدعم كامل من دولة الإمارات العربية المتحدة»، بحسب ما جاء في البيان الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط». وسبق للإمارات نفي اتهام الحكومة اليمنية لها، ورفضت ذلك بشدة.
واتهم المحافظ قوات «الانتقالي» بأنها اعتدت على الجيش والأمن وعلى الشركات، وقامت بأعمال التخريب وتفجير أنابيب النفط والغاز واستهداف مصالح أبناء المحافظة، قبل أن يشاركوا في الاعتداء على مؤسسات الدولة وقواتها المسلحة في العاصمة المؤقتة عدن.
وقال: «لم يكن أمامنا من سبيل غير الدفاع عن الدولة ومؤسساتها، مع توجيه تعليمات صارمة للجيش والأمن بالتحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنب سفك الدماء، مهما كان الأمر، لإدراكنا أن الغالبية من مقاتلي تلك الميليشيات هم شباب أجبرتهم الحاجة على الالتحاق بها بحثاً عن لقمة العيش».
وأكد أنه وجّه بحسن معاملة من ألقى السلاح من أنصار «الانتقالي»، و«التحلي بأخلاق الحرب مع المقاتلين المغرر بهم، والعفو عن الموقوفين، وإعادتهم إلى ذويهم مكرمين، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وتأمين عاصمة المحافظة، ومعالجة القصور في الخدمات التي تسببت فيها هذه الأحداث».
يشار إلى أن السلطات المحلية أعلنت، السبت، حظراً ليلياً للتجوال في مدينة عتق، وشددت على أهمية فرض الأمن والتسامح واستمرار الخدمات في المدينة.
ويقول قادة «الانتقالي» الداعين إلى فصل جنوب اليمن عن شماله إنهم يعترفون بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، لكنهم يرفضون حكومته التي يتهمونها بـ«الفساد»، وبسيطرة حزب «الإصلاح» على قرارها.
وكانت قوات «الانتقالي» سيطرت هذا الشهر على مواقع الحكومة ومعسكراتها في العاصمة المؤقتة عدن، خلال مواجهات دامت 4 أيام، قبل أن تتدخل السعودية لتهدئة الأوضاع والدعوة إلى حوار في جدة بين الحكومة و«الانتقالي».
ورفضت الشرعية أي حوار مع قادة «المجلس الانتقالي» قبل عودة الأوضاع إلى طبيعتها في عدن وأبين، على الرغم من وصول وفد المجلس برئاسة زعيمه محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي إلى جدة في وقت سابق.