معرض حول الأميرة المصرية الراحلة فوزية في الذكرى السادسة لرحيلها

معرض تستضيفه الجامعة الأميركية بالقاهرة يضم صور حفل زفافها الأسطوري

الأميرة فوزية على أغلفة مجلات مصرية
الأميرة فوزية على أغلفة مجلات مصرية
TT

معرض حول الأميرة المصرية الراحلة فوزية في الذكرى السادسة لرحيلها

الأميرة فوزية على أغلفة مجلات مصرية
الأميرة فوزية على أغلفة مجلات مصرية

ارتبط اسم الأميرة فوزية بالجمال الأرستقراطي اللافت والسلطة، فهي ابنة الملك فؤاد الأول، وشقيقة الملك فاروق، ولا تزال رغم الرحيل مُلهمة لأجيال لاحقة. وعن تفاصيل حياتها، تستضيف مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة الأميركية بالقاهرة معرضاً يحمل عنوان «الأميرة فوزية: التباين في رؤية وسائل الإعلام الغربية والمحلية للمرأة المصرية»، وهو يتزامن مع الذكرى السنوية السادسة لوفاة الأميرة فوزية، في يوليو (تموز) من كل عام، ويستمر حتى 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ورغم ارتباط سيرة الأميرة فوزية في الذهنية العامة بسيرتها الدرامية التي انتهت بقطع العلاقات بين مصر وإيران آنذاك، بعد زواجها الأسطوري من شاه إيران، فإن المُنطلق البحثي لمعرض الجامعة الأميركية كان مُغايراً، حيث يتناول المعرض رؤية وسائل الإعلام المصرية والدولية للمرأة المصرية، من خلال حياة الأميرة فوزية، وذلك من خلال بحث أرشيفي قامت به الباحثة المصرية الأميركية جنا أمين التي تدرس في أكاديمية ميلتون بولاية ماساتشوستس بالولايات المتحدة.
وتعد مانشيتات الصحف التي تُبرز تطوع الأميرة فوزية كممرضة في الجيش المصري خلال حرب فلسطين من أبرز محتويات المعرض، كما يضم المعرض، إلى جانب الوثائق والمطبوعات، قسماً خاصاً بالصور الفوتوغرافية لشجرة العائلة الملكية للأميرة، وصوراً لحفل زفافها الأسطوري.
وتقول جنا أمين لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت بحثي عن الأميرة فوزية خلال الصيف الماضي؛ كنت أبحث حينها في قضية المرأة في مصر، ولكن لم أكن متأكدة بالضبط من الزاوية التي أريدها. وفي إحدى المرات، كنت أقرأ عن ثورة عام 1919، ومشاركة المرأة المصرية الواسعة بها. وعندها صادفت صورة الأميرة فوزية، وكنت مفتونة بها، حتى أنني بدأت القراءة عنها، وفوجئت بمسار قصتها، وتوجهت للتحري عنها في الأرشيف بجامعة أكسفورد، والجامعة الأميركية بالقاهرة، واستمتعت كثيراً بمعرفة المزيد عن قصتها وتعاطيها مع المناخ السياسي والعالمي في ذلك الوقت».
ويبحث المعرض في التناقض بين صورة الأميرة فوزية في وسائل الإعلام المصرية كنموذج للمرأة المصرية الحديثة، وذلك بقيادتها للمبادرات الاجتماعية والصحية والخيرية لتحسين ظروف المرأة، وصورتها المُغايرة في وسائل الإعلام الدولية التي أبرزت أنها مجرد أداة سياسية.
وعن أهم التحديات التي واجهتها في رحلة بحثها عن تفاصيل حياة الأميرة، توضح أمين: «كان الافتقار إلى المواد الأدبية والحوارية ليس فقط المُرتبطة بحياة الأميرة فوزية، ولكن أيضاً العائلة المالكة، نظراً لأنه لم يكن هناك كثير من المواد حول الأميرة فوزية، وساعدني فريق الجامعة في العثور على وثائق تدل على الحضور الكبير للأميرة فوزية في وسائل الإعلام المصرية، عبر أدوارها العامة والاجتماعية، بخلاف وسائل الإعلام الدولية. وقام مختبر الصيانة بالمكتبة، إلى جانب الحفاظ على المجلات القديمة المُستخدمة في البحث، برقمنة ألبوم الزفاف الملكي عام 1939، ليتمكن الزوار من تتبع الألبوم رقمياً».
وتشمل وثائق الجامعة الأميركية بالقاهرة الأعداد القديمة من مجلة «المصور»، وصحيفة «الأهرام»، وصحيفة «المصري»، ومجلة «راديو مصر»، ومجلة «آخر ساعة».
وتقول أمين: «في أثناء قيامي ببحثي، صادفت عدداً من النساء الأخريات في العائلة المالكة اللائي كن مؤثرات جداً، ولعبن دوراً كبيراً في تقدم المجتمع. أود أن أواصل بحثي عن الأميرة فوزية، فلا يزال هناك الكثير الذي لا أعرفه عن حياتها، والكثير من الطرق التي يمكنني من خلالها مشاركة نتائجي. أعتقد حقاً أنه من الأهمية بمكان أن يتعلم المصريون تاريخهم، خصوصاً بالنسبة للشابات المصريات».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».