قلق بريطاني بعد تقارير عن توقيف موظف بقنصليتها في هونغ كونغ

أبدى مكتب الشؤون الخارجية البريطاني، أمس، «قلقا بالغا» إزاء تقارير عن توقيف السلطات في الصين القارية أحد موظفيه في قنصلية هونغ كونغ أثناء عودته إلى المدينة.
ورفضت القنصلية في هونغ كونغ كشف اسم الموقوف ولم تعط أي تفاصيل إضافية، كما أعلن مسؤول صيني أنه «لا علم له» بالأمر. وكان تقرير في الموقع الإخباري المحلي «إتش كي - 01» قد أورد أن موظف القنصلية كان قد توجه إلى شينزن بإقليم غوانغدونغ، التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن هونغ كونغ، لاجتماع عمل ليوم واحد في 8 أغسطس (آب) لكنه لم يعد.
وأعرب متحدث باسم مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث في بيان عن «قلق بالغ إزاء تقارير عن توقيف أحد أفراد فريقنا في أثناء عودته من شينزن إلى هونغ كونغ». وأضاف البيان: «نحن بصدد تقديم الدعم لعائلته والسعي للحصول على مزيد من المعلومات من سلطات إقليم غوانغدونغ وهونغ كونغ».
وأكدت شرطة هونغ كونغ أنها فتحت تحقيقا في قضية اختفاء شخص في 9 أغسطس. وقال المتحدث باسم الشرطة كونغ وينغ تشيونغ: «حتى الآن، لم نتلق أي إشعار من سلطات الصين القارية» بشأن توقيفه في الصين.
ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه هونغ كونغ أزمة سياسية هي الأسوأ منذ عقود. فمنذ أسابيع يقوم متظاهرون مناهضون للصين بتجمعات تخللتها أحيانا مواجهات عنيفة بين الشرطة والمحتجين. ويتزايد تشدد الصين في مواقفها إزاء المظاهرات التي تعتبرها تهديدا مباشرا لسلطتها.
كما أنها حذرت بريطانيا مرارا من «التدخل» في الاحتجاجات، مما أدى إلى توتير العلاقات. وبدأت المظاهرات احتجاجا على قانون لتسليم الصين مطلوبين، لكنها تحوّلت إلى المطالبة بإصلاحات ديمقراطية.
وكانت الصين قد تعهدت باحترام الحريات في المنطقة التي تتمتع بحكم شبه ذاتي بعد تسلّمها هونغ كونغ من بريطانيا في العام 1997، وتدار هونغ كونغ وفق مبدأ يعرف بـ«بلد واحد ونظامين»، الذي يعطي مواطنيها حقوقا لا مثيل لها في الصين القارية، ولا سيما حرية التعبير وشبكة إنترنت مفتوحة والنظام القضائي المستقل.
لكن المظاهرات التي تشهدها المنطقة عززت المخاوف من شن حملة قمع صينية.
وتقع شينزن، الشهيرة بسوق التكنولوجيا المتقدمة، ضمن ما يعرف بـ«سور الحماية العظيم»، وهو نظام رقابة إلكترونية في الصين يمنع الوصول إلى الأخبار والمعلومات. وبعد انطلاق الاحتجاجات في هونغ كونغ عززت الصين إجراءات التفتيش عند الحدود مع المنطقة، بما في ذلك التحقق من هواتف مسافرين وأجهزتهم الإلكترونية بحثا عن صور للاحتجاجات.
وفي هذا الإطار، اتهمت شركتا تويتر وفيسبوك للتواصل الاجتماعي السلطات الصينية بشن حملة عبر منصتيهما للنيل من مصداقية المتظاهرين في هونغ كونغ والعمل على تقسيمهم. وأعلن عملاقا التواصل الاجتماعي مساء الاثنين أنهما علّقا نحو 1000 حساب نشط مرتبط بالحملة، فيما أكّد «تويتر» أنّه علّق 200 ألف حساب آخر قبل أن تصبح فاعلة. وقال موقع «تويتر» إنّ «هذه الحسابات كانت تعمل بشكل متعمد وعلى وجه الخصوص تحاول إحداث تقسيم سياسي بما في ذلك تقويض شرعية المتظاهرين ومواقفهم السياسية على الأرض»، في إشارة للحسابات النشطة التي أغلقها.
بدوره، قال فيسبوك إنّ بعض الحسابات التي علقها نشرت منشورات تقارن بين حركة الاحتجاج و«تنظيم داعش» الإرهابي، واصفة المتظاهرين بـ«الصراصير».
وتحاول حكومة الصين التأثير على بل وتأليب الرأي العام ضد الحركة الاحتجاجية، حسب فيسبوك وتويتر.
وقال تويتر: «نكشف عملية معلوماتية كبيرة مدعومة من الدولة تركز على الوضع في هونغ كونغ وخصوصا الحركة الاحتجاجية ودعوتهم للتغيير السياسي». وأوضح أنّه علّق 986 حساباً كان تنشر معلومات خاطئة. وتابع: «استنادا إلى تحقيقنا، لدينا أدلة موثوقة تفيد بأن ما يجري عملية منسّقة تدعمها الدولة».
وأضافت المجموعة التي تتّخذ مقرّاً لها في كاليفورنيا «لقد حدّدنا مجموعات كبيرة من الحسابات التي تصرّفت بطريقة منسّقة لتضخيم الرسائل المتّصلة بالاحتجاجات في هونغ كونغ». وتويتر وفيسبوك محظوران في الصين القارية، بموجب سياسة «جدار الحماية العظيم» الحكومي للرقابة على الإنترنت.
ولم يفت تويتر أن يذكّر بلهجة ملؤها السخرية أنّ استخدامه محظور من قبل بكين، الأمر الذي حتّم على عملاء الحكومة الصينية اللجوء في القسم الأكبر من الحالات إلى استخدام «في بي إن» (شبكة خاصة افتراضية) للوصول إلى الموقع المحظور، في حين استخدم البقية عناوين «آي بي» (بروتوكول الإنترنت) رفعت السلطات الصينية الحظر عنها لهذه الغاية تحديداً. ومن بين الحسابات التي شطبت صفحات مرتبطة بصحف في هونغ كونغ مؤيدة لبكين سبق ووصفت المتظاهرين بأنهم «مثيرو شغب».
من جهته قال موقع فيسبوك الذي أبلغه تويتر بما حصل، إنّه ألغى للأسباب نفسها سبع صفحات وخمسة حسابات وثلاث مجموعات وخمس صفحات كان يتابعها 15 ألفاً و500 حساب. وأكّد فيسبوك «رغم أن المسؤولين عن هذا النشاط حاولوا إخفاء هوياتهم، فإنّ تحقيقنا وجد روابط بينهم وبين أشخاص مرتبطين بالحكومة الصينية».