يوم «الولاية» أداة حوثية لمزيد من ابتزاز التجار والباعة المتجولين

انقلابيو اليمن يحرمون الموظفين من الرواتب ويغدقون الأموال لإحياء مناسبة طائفية

TT

يوم «الولاية» أداة حوثية لمزيد من ابتزاز التجار والباعة المتجولين

يمثل شهر ذي الحجة من كل عام فرصة سانحة لقيام ميليشيات الحوثي بعمليات ابتزاز ونهب واسعة على مختلف المستويات في العاصمة صنعاء والمدن الأخرى الواقعة تحت قبضتها، بحُجة إحياء ذكرى ما تسميه «بيوم الغدير أو يوم الولاية».
ورغم حرمان موظفي الدولة رواتبهم لمدة عامين، إلا أن الجماعة المدعومة من إيران تغدق الأموال على المناسبات الطائفية وحملات حشد المقاتلين، وتجمع عبر إذاعاتها تبرعات وصلت إلى 300 ألف دولار لحزب الله اللبناني، من دون أن تلتفت إلى ملايين المواطنين المصنفين تحت دائرة الأكثر فقرا في العالم.
وتواصل الميليشيات في الوقت الحالي حملاتها الميدانية في العاصمة صنعاء ومدن أخرى خاضعة لبسطتها التي تستهدف من خلالها أصحاب المتاجر والباعة المتجولين لإجبارهم على دفع مبالغ مالية بحجة دعم هذه المناسبة.
تجار وباعة متجولين بالعاصمة صنعاء، أكدوا قيام دوريات حوثية مسلحة بالنزول إلى محالهم التجارية وبسطاتهم في مناطق متفرقة بالعاصمة صنعاء وإخضاعهم لدفع مبالغ مالية، وصفوها بـ«الغير قانونية» تحت مسمى دعم أحياء الفعالية.
وبحسب التجار والباعة، فقد شنت الميليشيات يومي أمس ومن قبل حملات اختطاف طالت عدداً من التجار وباعة متجولين بعدد من أسواق وشوارع العاصمة واقتادتهم إلى سجون مجهولة لرفضهم دفع المبالغ التي فرضتها الميليشيات عليهم.
من جهتها أكدت مصادر محلية بالعاصمة صنعاء تنفيذ الميليشيات منذ يومين حملات ميدانية متواصلة طالت عددا من التجار وأصحاب المحال التجارية وغيرهم لابتزازهم وإجبارهم على دفع مبالغ مالية لدعم احتفالاتها الطائفية.
وقالت المصادر بأن الميليشيات فرضت من خلال حملاتها بفرض مبالغ مالية على التجار وأصحاب البسطات تتراوح ما بين ألفين ريال يمني إلى 20 ألف ريال يمني (الدولار الواحد يساوي نحو 570 ريالا).
وعلى ذات المنوال، أكد تاجر مواد غذائية بصنعاء، قيام حملة حوثية مسلحة أول من أمس اختطاف نجله الأكبر من داخل المحل في منطقة وسط العاصمة صنعاء، «تتحفظ الشرق الأوسط باسمها».
وأضاف التاجر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه عند ذهابه لإطلاق سراح ابنه طلبت الميليشيات منه دفع 100 ألف ريال يمني كأدب لرفض ابنه دفع المبلغ المطلوب منه من جهة، وكدعم لاحتفال يوم الولاية التي تقيمه الميليشيات من جهة أخرى. وقال «بعد مراجعة طويلة ودفعي للمبلغ المطلوب تم إطلاق سراح ابني».
وفي سياق متصل دعا خطباء مساجد وأئمة حوثيون في صنعاء ومدن يمنية أخرى الجمعة الماضي من على منابر المساجد جموع المصلين لتقديم الدعم وكذا الحضور والمشاركة في أحياء ما سميت بمناسبة يوم الولاية. واعتبر عدد من الخطباء الحوثيون من يرفضون تقديم الدعم أو المشاركة في هذه المناسبة بأنهم منافقون وخارجين عن الدين وأعداء لله وللرسول وللإمام علي.
مع بداية كل عام وقبل أي مناسبة طائفية تعمل الجماعة على تدشين مشروع جباية الأموال سواء من خلال مؤسسات الدولة التي يسيطرون عليها، أو بممارسات أخرى ابتزازية على التجار وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين في مناطق سيطرتهم، وتستمر عدة أشهر حتى تستطيع الجماعة جباية أكبر قدر من المال لتغطية نفقات الحرب الباهظة.
محمد الريمي (30 عاماً) صاحب بسطة ملابس بشارع هائل وسط العاصمة صنعاء، يتعرض بين الفينة والأخرى لعمليات ابتزاز ومضايقة من قبل مسلحين حوثيين، حيث يأتون إليه دائما قبيل كل مناسبة حوثية لإجباره على دفع مبالغ مالية.
ويقول محمد لـ«الشرق الأوسط»، كل مرة تجبرني العناصر الحوثية أنا وغيري من البساطين يفترشون هذا الشارع على دفع مبالغ مالية كإتاوات وجبايات ودعم احتفالات تحت مسميات عدة تحاول الميليشيات من خلالها إضفاء غطاء رسمي لها بهدف الحصول عليها.
ويرى الريمي أن هذه الإجراءات التعسفية التي اتخذتها الجماعة ضد البساطين من الباعة المتجولين تأتي رغم دفعهم باستمرار تحت قوة السلاح إتاوات غير قانونية تفرضها عليهم الميليشيات، بالإضافة إلى رسوم نظافة يدفعونها بشكل منتظم لمالكي الأسواق والجهات المختصة في المديرية التي يبيعون في نطاقها.
ومنذ انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة الشرعية واجتياحها صنعاء ومدنا يمنية أخرى يواجه تجار وباعة ومستثمرون وغيرهم عمليات نهب وابتزاز تكاد تكون شبه يومية.
وبالمقابل أكد اقتصاديون بصنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، تعرض عدد كبير من التجار لمضايقات وابتزازات مستمرة تجبرهم دائما على دفع إتاوات غير مبررة. وقالوا أن من يرفض ذلك يهدد بالحبس وإغلاق محله أو منشأته التجارية.
وأشار تجار ومستثمرون محليون، إلى أن تجارتهم معرضة للإفلاس والانهيار من جراء الإتاوات المستمرة التي تفرضها الميليشيات الحوثية على مدار العام، وفي مناسبات عدة، وتحت مسميات متنوعة.
ويرى مراقبون محليون أن الميليشيات الانقلابية، وعبر حملاتها الممنهجة، تسعى بالدرجة الأولى لضرب وتدمير القطاع الخاص اليمني، ودفع ما تبقى من التجار ورؤوس الأموال إلى مغادرة البلاد أو مناطق سيطرتهم، حتى يتمكن التجار الجدد الموالون للميليشيات من الاستحواذ على السوق.
وبحسب اقتصاديين، يأتي استهداف الجماعة للقطاع الخاص، بعد تدميرها للقطاع العام وفرض سيطرتها على كافة مؤسسات الدولة الإيرادية، وتحويلها لصالح قياداتها بهدف مواصلة حربها الشعواء على اليمنيين والدفع بهم إلى حافة المجاعة.
وفي ظل الوضع الإنساني المتردي في اليمن، حقق قيادات الجماعة ثراء كبيرا، حيث ظهر ذلك بشكل واضح في العاصمة صنعاء من خلال السيطرة على سوق العقارات والبناء المستمر والذي يتم بشكل سريع، من قبل قيادات حوثية بارزة تعمل في مؤسسات حكومة إيرادية، وأخرى مارست النهب والسلب والابتزاز في حق القطاع الخاص اليمني.
وكان تقرير اقتصادي غير حكومي أكد أن الثراء الذي يتمتع به قياديون حوثيون في اليمن تسبب بتضاعف أسعار الأراضي والعقارات بالعاصمة صنعاء. وعزا التقرير أسباب ذلك إلى إقبال تلك القيادات على شراء الأراضي والعقارات.
وبين التقرير أن هنالك مناطق في صنعاء شهدت ارتفاعاً في أسعار الأراضي والعقارات نتيجة حجم الثراء الذي تعيشه طبقة من المستفيدين من الحرب من المحسوبين على ميليشيات الحوثي المسيطرة على صنعاء وعدد من المحافظات.
وقال التقرير، الصادر عن مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي تحت عنوان «مؤشرات الاقتصاد اليمني خلال 2018»، إن اقتصاد الحرب لعب دوراً مهماً في انتعاش قطاع الأراضي والعقارات؛ إذ يعد ذلك الوسيلة المثلى لغسل الأموال الناتجة عن مكاسب الحرب من قبل كبار اللاعبين والمتحكمين في نفقاتها، وقد تم تحويل جزء من تلك الأموال إلى شراء العقارات خارج اليمن، إلا أن نسبة كبيرة ظلت في الداخل، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي.
وبالعودة إلى فعالية الميليشيات الطائفية، ففي الثامن عشر من ذي الحجة من كل عام تحتفل الجماعة تقليدا لطقوس إيران بما تسميه الغدير أو يوم الولاية، وهي بالأساس مناسبة يعدونها مظاهرة سياسية عقائدية ويحشدون لها كافة إمكانياتهم المادية والفكرية لتثبيت آيديولوجيتهم الشيعية فيها ولحشد الناس من خلفهم وتأطيرهم وكسبهم عقائدياً وسياسيا كنوع من أنواع التبشير بفكرهم الشيعي المستورد من إيران.
وتكثف الميليشيات الانقلابية خصوصاً والشيعة عموماً من حشد النصوص المنسوبة إلى الحديث الخاص بالشيعة، ومحاولة إقناع الناس والعامة منهم على وجه الخصوص بأن ولاية علي مصرحة من الرسول في ذلك اليوم، كنوع من إضفاء المشروعية الدينية والتاريخية لسلطتهم السياسية، حتى وإن كان كثير من هذه النصوص مزورة مروية من طوائفهم، وما كان منها منصوصاً عند السنة في كتبهم الصحيحة يؤولونها تأويلاً في اعتساف النصوص اعتسافاً، كالحديث «من كنت مولاه فعلي مولاه»، فهذا النص يقول عندهم بوجوب ولاية علي الولاية العامة.
وبدت العاصمة صنعاء ومدن أخرى خاضعة للميليشيات ملطخة وهي تعج بالشعارات والملصقات الحوثية المتطرفة التي تنتشر في معظم الشوارع وعلى جدران المنازل والمباني والمؤسسات الحكومية.
وتداول ناشطون يمنيون على شبكات التواصل الاجتماعي، صوراً عدة تظهر استحداث الجماعة لشعارات بالطلاء وملصقات في شوارع العاصمة صنعاء تروج لما يسمى «الولاية».
ووفقا لما ذكره بعض الناشطين، فقد تركزت الشعارات الجديدة التي انتشرت بشوارع العاصمة وعلى جدارية منازل صنعاء القديمة، على الترويج لما يدعى بـ«الولاية» التي تعد من أبرز معتقدات جماعة الحوثيين والطوائف الشيعية في العراق وإيران.
ويرى مراقبون محليون، أن انتشار الشعارات الحوثية الطائفية التي تروج لفكرة «الولاية» الحوثية، يعد تمهيدا للمناسبة السنوية التي تحييها جماعة الحوثيين وطوائف شيعية في العراق وإيران في الثامن عشر من شهر ذي الحجة.
وبحسب المراقبين، الذين تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، تنفق الميليشيات الحوثية ملايين الريالات من موارد الدولة التي تسيطر عليها في أعمال الدعاية للمناسبات الطائفية التي تحييها بصورة مستمرة وكذا من جيوب التجار والباعة المتجولين التي تفرض عليهم عند كل مناسبة دفع مبالغ مالية كبيرة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.