اجتماع جديد في فيينا الأسبوع المقبل لإنقاذ الاتفاق النووي

جانب من اجتماع للقوى الدولية وإيران في فيينا الشهر الماضي (أرشيف - رويترز)
جانب من اجتماع للقوى الدولية وإيران في فيينا الشهر الماضي (أرشيف - رويترز)
TT

اجتماع جديد في فيينا الأسبوع المقبل لإنقاذ الاتفاق النووي

جانب من اجتماع للقوى الدولية وإيران في فيينا الشهر الماضي (أرشيف - رويترز)
جانب من اجتماع للقوى الدولية وإيران في فيينا الشهر الماضي (أرشيف - رويترز)

أعلنت طهران اليوم (الثلاثاء) عن اجتماع دولي في فيينا يعقد الأحد المقبل في مسعى جديد لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، في حين تتواصل أجواء التوتر الشديد في منطقة الخليج.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان اليوم بأن «اجتماعا طارئا» سيعقد الأحد المقبل بمشاركة القوى الكبرى في محاولة لـ«إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني».
ونقل البيان عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله «كانت إيران على مر التاريخ الحارس الأساسي لأمن وحرية الملاحة في الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان، وستبقى كذلك».
وجاء كلام روحاني خلال اجتماع عقده مساء أمس (الاثنين) في طهران مع رئيس الحكومة العراقي عادل عبد المهدي.
وتابع روحاني «لا بد من حل مشاكل المنطقة عبر الحوار والتفاوض والتعاون بين دول هذه المنطقة».
ومن جهتها، قالت خدمة العمل الخارجي بالاتحاد الأوروبي في بيان اليوم إن الاجتماع «سينعقد بناء على طلب فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيران وسيبحث قضايا تتعلق بتطبيق خطة العمل الشاملة المشتركة بكافة جوانبها».
وأشار البيان إلى أن الاجتماع سيضم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين مؤكدا أن الأمين العام لخدمة العمل الخارجي بالاتحاد الأوروبي هيلغا شميد سترأس اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة.
وتصاعدت حدة التوتر بين طهران وواشنطن بعد الانسحاب الأميركي في مايو (أيار) 2018 من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في فيينا عام 2015. وأتبعت واشنطن هذه الخطوة بإعادة فرض عقوبات قاسية جدا على إيران أنهكت اقتصادها.
وتفاقم الأمر مع عمليات تخريب في الخليج واعتداءات على ناقلات نفط وإسقاط إيران لطائرة مسيرة أميركية.
وردا على قيام السلطات البريطانية باحتجاز ناقلة نفط إيرانية قبالة جبل طارق، احتجزت طهران يوم الجمعة الماضي ناقلة النفط السويدية «ستينا إمبيرو» التي ترفع العلم البريطاني، ما زاد الأزمة في الخليج تعقيدا.
ويأتي هذا الاجتماع الطارئ للجنة المشتركة الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015 بعد شهر تماما من آخر لقاء مماثل عقد في العاصمة النمساوية.
وفي ختام الاجتماع السابق أعلنت طهران أنه تم «تحقيق بعض التقدم» في مجال مساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية، لكنها في الوقت نفسه اعتبرت هذا التقدم «غير كاف».
ولإبقاء التزامها بالاتفاق، تصر إيران على الدول الأوروبية خاصة المشاركة في التوقيع على الاتفاق النووي (بريطانيا وألمانيا وفرنسا)، اتخاذ إجراءات تتيح لها الالتفاف على العقوبات الأميركية. وردا على العقوبات الأميركية ولحث الأوروبيين على التحرك بدأت إيران تتنصل من بعض التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي.
وهكذا لم تعد إيران تتقيد بكمية اليورانيوم المخصب التي يحق لها امتلاكها وهي 300 كيلوغرام، كما زادت من نسبة تخصيب اليورانيوم في منشآتها وجعلتها فوق الـ3.67 في المائة الواردة في الاتفاق.
وهددت طهران بخطوات إضافية في هذا الإطار مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل ما لم يتم التجاوب مع مطالبها. لكن الشركاء الأوروبيين خاصة يواصلون حض إيران على الاستمرار بالالتزام بالاتفاق.
وقال متحدث باسم الخارجية الإيرانية اليوم إن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في طريقه إلى فرنسا حيث من المقرر أن ينقل رسالة من روحاني إلى نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكان روحاني وماكرون تحادثا مرارا هاتفيا خلال الأسابيع القليلة الماضية، والتقى إيمانويل بون المستشار الدبلوماسي لماكرون روحاني في طهران في التاسع من يوليو (تموز).



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.