مساومات خلف الكواليس مع «الرابطة» لإطلاق نواز شريف

قالت مصادر في إسلام آباد إن هناك مساومات تجري خلف الكواليس لإطلاق سراح رئيس الوزراء السابق نواز شريف، بعد فضيحة شريط مصوَّر لقاضي في محكمة الفساد يعترف فيه بأن ضغوطاً هائلة مُورِست عليه لإجباره على إدانة نواز شريف، والأمر بحبسه عشر سنوات. وكان القاضي قال في شريط مصور تناولته وسائل الإعلام في باكستان إنه لا توجد أدلة تدين نواز شريف في قضية امتلاك أبنائه شققاً في لندن، كما لم تعثر المحكمة أو هيئة مكافحة الفساد على أي دليل ضد نواز شريف بسوء استخدام المال العام.
وأمرت وزارة العدل الباكستانية بوقف عمل القاضي دون محاسبته عما ورد في الشريط. وحسب هذه المصادر، فإن جهات على علاقة مع قيادة الجيش والحكومة الباكستانية تسعى لمنع المعارضة من التصويت لحجب الثقة عن رئيس مجلس الشيوخ في باكستان، حيث تمتلك أحزاب المعارضة أغلبية في المجلس تمكّنها من عزل الرئيس الحالي الموالي لحكومة عمران خان والمقرب من الجيش.
ورفضت محكمة باكستانية طلباً من هيئة مكافحة الفساد بمحاكمة مريم نواز شريف بتهمة استخدامها مؤسسة وهمية في قضية عقارات أبناء رئيس الوزراء السابق نواز شريف في لندن. وقال قاضي المحكمة محمد بشير إن طلب هيئة مكافحة الفساد لا يمكن اعتباره قانونياً، خصوصاً أن اعتراض مريم نواز شريف على طلب محاكمتها ما زال تحت نظر المحكمة العليا في العاصمة إسلام آباد. وكانت الشرطة اعتقلت 17 من أنصار حزب الرابطة الإسلامية - جناح نواز الشريف، الذين وصلوا أمام محكمة محاربة الفساد لاستقبال مريم نواز شريف عند حضورها جلسة المحكمة.
وتأتي هذه التطورات عشية بدء رئيس الوزراء الباكستاني زيارة إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب لبحث العلاقات بين البلدين ومستقبل المفاوضات الجارية بين المبعوث الأميركي لأفغانستان زلماي خليل زاد، والمكتب السياسي لـ«طالبان» في الدوحة.
وقال مسؤول حكومي باكستاني طلب عدم الإفصاح عن اسمه إن حكومة عمران خان ليست واثقة من أن واشنطن ستعطي تسهيلات للصادرات الباكستانية لدخول الأسواق الأميركية أو أن تعيد واشنطن المنحة الاقتصادية والعسكرية لباكستان مقابل مساعدة باكستانية في التوصل إلى اتفاق سلام بين واشنطن و«طالبان» أفغانستان. وقال المسؤول الباكستاني إن واشنطن تحت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تريد حصول انسحاب قواتها ومعداتها مجاناً من أفغانستان عبر الأراضي الباكستانية، مقابل امتناع واشنطن عن إبراز أي اتهام لباكستان بتمويل جماعات متهمة بالإرهاب لتتمكن من الحصول على قروض من المؤسسات الدولية. وكانت مجموعة العمل الدولية لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تتخذ من باريس مقراً لها أمهلت الحكومة الباكستانية حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لتقديم حججها ضد الاتهامات الموجهة لباكستان بتمويل الإرهاب أو السماح لجماعات متهمة بالإرهاب بالعمل من أراضيها، مثل تنظيم «لشكر طيبة» و«جيش محمد» المتهمين من قبل واشنطن ونيودلهي بالقيام بأعمال إرهابية ضد الهند. وكان «صندوق النقد الدولي» وافق على منح باكستان، أوائل الشهر الحالي، قرضاً بقيمة 6 مليارات دولار، معتمداً على وعود باكستان بالوفاء لمجموعة العمل الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما يعني إمكانية وقف تسليم القرض لباكستان إن لم توافق مجموعة العمل الدولية على حجج باكستان.
واستصدرت هيئة مكافحة الفساد أمراً قضائياً بحبس رئيس الوزراء السابق شاهد خاقان عباسي على ذمة التحقيق مدة أسبوعين في قضية صفقة الغاز مع قطر، ووجود شبهات فساد فيها، فيما تمكّن مفتاح إسماعيل وزير المالية السابق في حكومة عباسي من الحصول على كفالة من الاعتقال من محكمة إقليم السند العليا، حيث يواجه تهماً بالفساد في القضية نفسها. كما سجلت هيئة مكافحة الفساد في باكستان اتهامات جديدة ضد الرئيس الأسبق آصف علي زرداري وسبعة عشر آخرين بتهم تتعلق بالحصول على قروض بقيمة 1.7 مليار روبية دون سدادها.
وكانت الهيئة استدعت عباسي للتحقيق معه، لكنه لم يصل إلى مكاتبها، وقالت مصادر في الهيئة إن رئيس الوزراء السابق أجاب عن 20 سؤالاً من بين 75 سؤالاً وُجّهت إليه قبل اعتقاله، وكان يطلب المزيد من الوقت للإجابة عن الأسئلة التي وجهتها له هيئة مكافحة الفساد قبل اعتقاله. وجاء في أمر الاعتقال أن التهم الموجهة إليه تتضمن الرشوة المالية والسلوك الفاسد، وقالت مصادر في الهيئة إن عباسي سيمثل أمام محكمة خاصة بجرائم الفساد ليتم اعتقاله المدة المطلوبة لإنهاء التحقيق معه.
وحسب مصادر حزب الرابطة الإسلامية، فإن رئيس الحزب شهباز شريف شقيق رئيس الحكومة الأسبق نواز شريف يواجه تهماً من قبل الهيئة. واتهم شهباز شريف هيئة مكافحة الفساد في باكستان بالعمل أداةً لعمران خان وسياساته، وليس كما يتطلب القانون الباكستاني بأن تكون مستقلة عن الحكومة وتوجهاتها السياسية.
وفي إشارة لتدخل الجيش الباكستاني في الشؤون السياسية، تساءل أحسن إقبال القيادي في حزب الرابطة الإسلامية عما إذا كان «من الممنوع أن يخدم المدنيون في باكستان بلدهم، وإن كان مسموحاً لنا بأن يتم انتخابنا وتولينا السلطة، فإن النتيجة لهذا أن يتم اعتقالنا بعد ذلك».
وكانت هيئة مكافحة الفساد في كراتشي أغلقت ملف التهم الموجهة إلى عباسي في ديسمبر (كانون الأول) 2016. لكن حكومة عمران خان أعادت فتح التحقيق في التهم التي كانت موجهة إليه.