أرمسترونغ وألدرين... جمعهما القمر وفرقتهما الأرض

لم يكن حلماً رومانسياً من أحلام البشر الذين جعلوا من القمر رمزاً إلى شدة الحب والولع العاطفي، فقد أصبح الأمر حقيقة، بعد أن هبطت على سطحه المركبة «أبولو 11» في 20 يوليو (تموز) 1969، بقيادة نيل أرمسترونغ وبعدها لحق به زميله باز ألدرين، قائد مركبة الانتقال الفضائي. وظلا معاً على سطح القمر لمدة ساعتين ونصف الساعة تقريباً.
ومع أول خطوة له على القمر، أطلق أرمسترونغ عبارته الشهيرة: «هذه خطوة صغيرة لإنسان؛ لكنها قفزة هائلة للإنسانية» - وإن كان قد سقط في خطأ لغوي بسيط بإغفاله أداة التنكير قبل كلمة «إنسان»، الأمر الذي أقر به عام 1999.
قبل ذلك العام، لم يكن أحد يعرف أرمسترونغ، وبعدها أصبح الرجل الأشهر في العالم. ومع ذلك، ظل مصراً على الابتعاد عن وسائل الإعلام ودائرة الضوء. بعد فترة قصيرة من رحلة أبولو 11، ترك أرمسترونغ العمل في وكالة «ناسا» وانتقل لتدريس هندسة الفضاء في جامعة سينسيناتي في أوهايو وعاش في مزرعة مع زوجته الأولى جانيت.
لم تكن حياته وردية، ذلك أنه فقد وجانيت طفلتهما كارين بسبب إصابتها بورم في المخ. وبعد زواج دام 38 عاماً، انفصل الزوجان عام 1994. وفي العام ذاته، تزوج من كارول نايت واستمر معها حتى وفاته.
في سنوات عمره اللاحقة، بدا الإحباط واضحاً على أرمسترونغ حيال مجمل السياسة الأميركية في التعامل مع الفضاء.
وبوجه عام، كان الظهور العلني لأرمسترونغ حدثاً نادراً، وقد أوجز رائد الفضاء الأيقونة رؤيته في التعامل مع الشهرة بقوله: «لا أرغب في أن أتحول إلى مزار تذكاري حي»، لدرجة أنه رفض إحدى المرات أن يدون مستشفى اسمه.
أما رفيقه في الرحلة التاريخية، ألدرين، فقد اتخذ سبيلاً مغايرة تماماً في الحياة. غرق في الأضواء والشهرة وعلى مدار نصف قرن منذ رحلته الشهيرة، ألف 10 كتب وظهر كثيراً على شاشات التلفزيون، بجانب عمله لفترة متحدثاً رسمياً باسم «ناسا» لشؤون العلاقات العامة.
إلا أن الثمن كان باهظاً؛ فسرعان ما سقط في هوة الاكتئاب وقضى بعض الوقت داخل مصحة نفسية.
فسر ألدرين ما أصابه بقوله: «عندما عدنا من القمر، لم يكن أي منا مستعداً للتكريم الهائل الذي أعقب ذلك. احتفوا بنا مثل نجوم الأفلام، وكان كل هذا كثيراً للغاية بالنسبة لنا - وبالنسبة لي بالتأكيد».