مجموعة السبع تفتح باب التوافق الدولي على «الضريبة الرقمية»

أعلنت الرئاسة الفرنسية لمجموعة السبع توصل وزراء مالية دول المجموعة، الخميس، إلى توافق حول فرض ضريبة على الشركات الرقمية العملاقة، وذلك في اليوم الثاني من اجتماعهم في شانتيي قرب باريس، ما يفتح الباب أمام اتفاق عالمي بهذا الشأن بحلول 2020.
وجاء في بيان للرئاسة الفرنسية لمجموعة السبع (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة) في ختام أعمالها، أن وزراء مالية دول المجموعة «اتفقوا على ضرورة مواجهة التحديات المالية التي يطرحها الاقتصاد الرقمي». وأضاف: «لقد اتفق الوزراء على أن فرض حد أدنى من ضريبة فعلية سيساعد على التأكد بأن هذه الشركات ستدفع حصتها العادلة من الضريبة». كما تطرق البيان إلى وجود توافق أيضاً حول إمكانية فرض رسوم على شركات في بلدان لا وجود فعلياً لها فيها.
من جهة أخرى، قال أيضاً البيان الختامي للاجتماع: «اتفق وزراء وحكومات المجموعة على أن مشروعات على غرار ليبرا (العملة الافتراضية المعلنة من «فيسبوك») يمكن أن تكون لها انعكاسات على السيادة النقدية وسير النظام النقدي الدولي».

مخاض صعب
وكانت المباحثات صعبة، ولم يتفق وزراء الدول السبع، الأربعاء، في اليوم الأول من اجتماعهم على مسألة فرض ضريبة على عمالقة العالم الرقمي، التي وتّرت العلاقات بين باريس وواشنطن في الأسابيع الأخيرة. وقالت الرئاسة الفرنسية، الأربعاء، في لقاء إعلامي عند نهاية اليوم الأول من الاجتماع: «ستعمل فرقنا طوال الليل لمحاولة التوصل إلى اتفاق».
وحذّر وزير المالية الفرنسي برونو لومير، الأربعاء، من أنه «إذا لم نتوصل إلى اتفاق في مستوى مجموعة السبع على المبادئ الكبرى للرسوم على الشركات الرقمية، اليوم أو غداً، صراحة سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق بين 129 دولة في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية». وكان قد اجتمع، الأربعاء، على انفراد مع نظيره الأميركي ستيفن منوتشين، في محاولة لتخفيف التوتر في العلاقات، بعد اعتماد فرنسا قبل أسبوع فرض رسوم على عمالقة المنتجات الرقمية. بينما فتحت الولايات المتحدة تحقيقاً حول هذه الضريبة، يمكن أن يؤدي إلى إجراءات انتقامية ضد باريس.
وأشاد الوزير باللقاء الذي وصفته مصادر فرنسية بـ«البنّاء»، وقال: «من المهم دائماً أن يستمع بعضنا إلى بعض، ونتبادل الآراء، ونتقدم». وكان الوزير الفرنسي أكد قبل ذلك أن باريس لن تتراجع عن هذه الضريبة، وأنه يتوقع مباحثات «صعبة» مع الولايات المتحدة في اجتماع شانتيي.

اتفاق من اللحظة الأولى
في المقابل توصل وزراء مالية المجموعة منذ بداية اجتماعهم إلى توافق بشأن التصدي لمشروع العملة الافتراضية «ليبرا»، التي أعلنها «فيسبوك». ونفى محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيلروي دو غالو السعي لضرب الابتكار. وقال لقناة «بي إف إم بيزنس»: «ببساطة لا يمكن أن يتم ذلك على حساب أمن المستهلكين وإضفاء شكوك على قيمة المعاملات».
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير للصحافيين: «لا يمكننا أن نقبل بأي عملات متداولة لها قوة ودور العملات السيادية نفسها». وقال وزير المالية الألماني أولاف شولتس إن خطط «فيسبوك» يبدو أنها «لم تخضع لدراسة وافية»، مضيفاً أن هناك أيضاً تساؤلات بخصوص أمن البيانات، و«أنا على قناعة بأن علينا العمل سريعاً، وأن تلك (العملة ليبرا) لا يمكن أن تمضي قدماً دون حل جميع الأسئلة القانونية والتنظيمية».
وطلبت فرنسا، التي ترأس مجموعة الاقتصادات السبع المتقدمة هذا العام، من بنوا كور عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي تشكيل مجموعة عمل من الدول السبع لبحث العملات المشفرة والرقمية، مثل «ليبرا».
ومن المقرر أن يقدم كور تقريراً أولياً للوزراء ومحافظي البنوك المركزية، أثناء الاجتماع الذي تستضيفه بلدة شانتيي، شمالي باريس. ويقول مسؤولو البنوك المركزية إنه إذا أرادت «فيسبوك» أن تتلقى الودائع، فستحتاج إلى رخصة مصرفية، وهو ما سيخضعها للقواعد التنظيمية الصارمة المعمول بها في ذلك القطاع.
ويقول بعض مسؤولي البنوك المركزية أيضاً إنه لا يمكن السماح للأشخاص بإجراء المعاملات دون كشف هويتهم، نظراً للوائح القطاع المالي التي تلزم شركات المدفوعات بالاحتفاظ ببيانات أساسية عن عملائها.
ومن جانبه، قال محافظ بنك اليابان المركزي الياباني، هاروهيكو كورودا، إنه من المرجح أن تتطور مجموعة العمل التابعة للدول السبع مع مرور الوقت، لتضم نطاقاً واسعاً من المسؤولين الرقابيين من خارج المجموعة، نظراً للتأثير الهائل الذي يمكن أن تحدثه «ليبرا» على الاقتصاد العالمي. وتابع: «إذا كانت (ليبرا) تطمح في أن تُستخدم عالمياً، فيجب على الدول السعي وراء استجابة منسقة على مستوى العالم... ليس هذا شيئاً تمكن مناقشته بين محافظي البنوك المركزية للدول السبع فقط».

تفويض فرنسا للبحث عن خليفة لاغارد
كما اتفق وزراء الدول الأوروبية في مجموعة السبع على تكليف الوزير الفرنسي بإجراء مباحثات مع مختلف دول الاتحاد الأوروبي، بغرض اختيار خلفٍ لكريستين لاغارد، على رأس صندوق النقد الدولي، وذلك في غضون شهر.
وقالت مصادر، عقب الاجتماع، إنه تم تداول بعض الأسماء. وقال مسؤول أوروبي، طلب عدم ذكر اسمه: «اتفقنا على أنه من المهم تقديم اسم أوروبي. طُرح عدد من الأسماء بشكل غير رسمي، لكن لم يتم اختيار أو استبعاد أي منها».
واتفق وزراء بريطانيا وإيطاليا وألمانيا في الوقت نفسه على أن يقود لومير، الذي تترأس بلاده حالياً مجموعة الدول السبع، مباحثات غير رسمية مع جميع الدول الأوروبية «للتوصل إلى إجماع» حول اسم واحد، بحسب المسؤول. وأضاف: «لا يزال الهدف هو الاتفاق على اسم أوروبي بحلول نهاية الشهر».
وشدّد لومير على أنه غير مهتم بالمنصب لنفسه، وأنه يريد أن يلعب دوراً حيادياً في عملية الاختيار. وقال مسؤول فرنسي، طلب عدم ذكر اسمه، إن «برونو لومير ليس لديه مرشح مفضّل، وفرنسا ستلعب دورها التنسيقي من دون تحيّز».
وبرزت أسماء عدد من الشخصيات المهمة كمرشحين محتملين لخلافة لاغارد، التي قادت صندوق النقد منذ 2011. ومن بين تلك الشخصيات حاكم بنك إنجلترا مارك كارني، المولود في كندا، والذي يحمل الجنسيات الكندية والبريطانية والآيرلندية، ووزير المالية البريطاني السابق جورج أوزبورن رئيس التحرير الحالي في صحيفة «إيفنينغ ستاندرد» اللندنية.
ومن الأسماء أيضاً مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون المالية الفرنسي بيار موسكوفيسي، ووزير المالية الهولندي السابق يورغن دييسلبلوم، ووزيرة الاقتصاد الإسبانية ناديا كالفينو.
ورشّح مجلس صندوق النقد الدولي الأميركي ديفيد ليبتون، المسؤول الثاني بعد لاغارد، ليكون المدير بالإنابة. لكن بحسب التقاليد، يترأس أوروبي الصندوق، فيما يقود أميركي البنك الدولي.