مرارة الهزيمة السياسية

بيد أن دموع الهزيمة لم تقتصر على الجنس اللطيف فقط بل إن كثيراً ما شاطرهن فيها أقسى الرجال كما جرى في صفوف حزب العمال البريطاني. فمن أشهر وأفظع الهزائم السياسية هزيمة رمزي مكدونالد، زعيم حزب العمال البريطاني. جرى ذلك في انتخابات 1935. كانت حكومته أول حكومة عمالية في بريطانيا. وتوقعت الطبقة العاملة الكثير منها بعد مسيرة طويلة مشاها الحزب منذ تأسيسه في أوائل القرن العشرين. بيد أن مكدونالد ساوم المحافظين وتنازل لهم عن كثير من أسس الاشتراكية. ومع ذلك فإن تنازلاته لليمين لم تنقذه من الهزيمة في الانتخابات. وهكذا كانت هزيمته مريرة وقاسية بصورة خاصة بعد كل تلك التنازلات. لم يفقد الحكم فقط بل فقد أيضاً شعبيته بين الأوساط العمالية واليسارية. وزاد الطين بلة أن ابنه مالكولم فقد أيضاً مقعده في البرلمان فكتب يقول:
«هذا يوم يمزق القلب. وصلت إلى محطة القطار ورأيت أولى النتائج. لم تكن مشرفة أبدا لحزب العمال. شعرت بتعب شديد حتى لم أستطع المشي تقريباً. انضمت إلينا بك إلينا عند الغداء ففتحت ميتا الباب لها وانفجرت بالبكاء، وهي تردد مالكولم خسر. قبل أن ننتهي من الغداء خابرنا الدكتور غرانت وقال بصوت مكسور: أشعر بنياط قلبي ممزقة. لقد هربت من فرز الأصوات».
يمضي فيصف وقع الهزيمة على فئات العمال فيقول: «رأيت وجوه الكثير من النساء وقد شوهها الفقر والحاجة. رأيت أعينهن تقدح شرراً وتنطق بالكره والعصبية. كان شعرهن مبعثراً. ورحن ينطقن بعبارات كلها مسبات وقذارات وشتائم، بل وفشار. لقد ملأن قلب المشاهد بالذعر والقرف والخوف، بما يذكرنا بمناظر الجمهور أثناء الثورة الفرنسية. ظل شقاؤهن يملأ قلوبنا ليلة بعد ليلة».