توقيع «الاتفاق السياسي» يدشن عهداً جديداً في السودان

وقع المجلس العسكري الانتقالي الحاكم بالسودان وقوى الحرية والتغيير المعارضة، اليوم (الأربعاء)، على وثيقة تمثل المرحلة الأولى من «الاتفاق السياسي» بين الجانبين.
وتم توقيع الوثيقة بحضور الوسيطين الأفريقي والإثيوبي.
وقبل التوقيع، تم الإعلان عن أن الوثيقة تمثل «المرحلة الأولى من الاتفاق السياسي».
وأكد محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري، أن توقيع اليوم «يعتبر لحظة تاريخية في حياة الأمة السودانية ومسيرتها النضالية، ويفتح عهداً جديداً من الشراكة» بين القوات المسلحة وقوى الحرية والتغيير.
وقال المبعوث والمفاوض الإثيوبي محمود دردير والدموع في عينيه من شدة التأثر إنّ السودان «بلد عظيم وأصيل يجب أن يخرج من بوتقة الفقر والحصار وسجل ما يسمى بالدول الراعية للإرهاب». وتابع «هذا الشعب العظيم يستحق هذا اليوم التاريخي. هنيئا للسودان وهنيئا لإفريقيا».
وأوضح محمد الحسن ولد لبات المبعوث الأفريقي إلى السودان، أن اتفاق اليوم «يمثل خطوة حاسمة في مسار التوافق الشامل بين الجانبين ويفتح عهداً جديداً، ويسهل الطريق للخطوة الثانية».
من جانبه، أشاد إبراهيم الأمين القيادي بقوى الحرية والتغيير بالاتفاق وقدم الشكر للشعب السوداني وللوسطاء. وقال: «الثورة السودانية أكدت أنها ستحدث التغيير المطلوب في السودان، والشباب الذين قاموا بالثورة كانوا على درجة عالية جداً من المسؤولية وتجاوزوا مرحلة القبلية والعنصرية والجهوية». ودعا إلى الابتعاد عن كل ما يفرق بين السودانيين، وتعهد بأن تعمل الحكومة القادمة لصالح كل السودانيين من دون تمييز.
وكان القيادي في «تجمع المهنيين السودانيين» إسماعيل التاج، في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن وثيقة الاتفاق السياسي لا خلاف عليها، وتتماشى مع ما جاء في وثيقة الاتفاق الإثيوبية، بشأن السلطات الثلاث وهياكلها وصلاحياتها، مع تحفظ على تكوين لجنة التحقيق المستقلة في مجزرة فض الاعتصام، التي يرى أن تُدعم من قبل مفوضية حقوق الإنسان الأفريقية.
وتخفف هذه الخطوة الكبيرة من المأزق السياسي في السودان، بعد أشهر من الاحتجاجات الحاشدة في أرجاء البلاد التي بدأت ضد البشير واستمرت بعد إطاحة الجيش به.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن الطرفين وقعا «الإعلان السياسي» بعد محادثات مكثفة ليلا استمرت 10 ساعات في فندق فاخر على النيل في الخرطوم لإنجاز التفاصيل الأخيرة، وهو جزء من الاتفاق السياسي بين الطرفين، ولا يزال يتبقى الاتفاق على الإعلان الدستوري في الاتفاق.
وهذا الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 5 يوليو (تموز) جرى برعاية الاتحاد الافريقي ووسطاء إثيوبيين بعد مفاوضات مكثفة بين قادة الاحتجاج والمجلس العسكري الحاكم.

ويلحظ الاتفاق تشكيل مجلس عسكري مدني مشترك (مجلس سيادي) لقيادة المرحلة الانتقالية التي ستستمر ثلاث سنوات.
ويتكون المجلس من 11 عضوا، 6 مدنيين من بينهم 5 من قوى الحرية والتغيير و5 عسكريين. وينص الاتفاق الجديد على أن يترأس العسكريون أولا الهيئة الانتقالية لـ21 شهراً، على أن تنتقل الرئاسة الى المدنيين لـ18 شهرا.
وسيشرف المجلس على تشكيل حكومة مدنية انتقالية ستعمل لثلاث سنين، تجرى بعدها انتخابات عامة.
وأحدثَ الاتّفاق اختراقاً في الأزمة السياسيّة التي يشهدها السودان منذ إطاحة البشير في أبريل (نيسان) بعد أشهر من التظاهرات ضدّ حكمه.

وتصاعدت حدة التوتر في 3 يونيو (حزيران) مع فض اعتصام المحتجين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم والذي أوقع عشرات القتلى ومئات الجرحى.
واتهم المحتجون ومنظمات حقوقية قوات الدعم السريع بالوقوف خلف فض الاعتصام لكن المجلس العسكري أكد أنه لم يأمر بالفض الدامي للاعتصام.
وتم إرجاء محادثات انجاز تفاصيل الاتفاق منذ 5 يوليو عدة مرات بطلب من قادة المحتجين.