اندلاع أزمة بين روما وبروكسل بسبب دخول سفينة إنقاذ المياه الإقليمية الإيطالية

سالفيني يمنع إنزال ركابها ويهدد بمصادرتها وإلقاء القبض على طاقمها

وزير الداخلية الإيطالي سالفيني صرّح عشيّة دخول السفينة إلى المياه الإقليمية قائلاً إن المهاجرين بإمكانهم أن يبقوا على متن السفينة «حتى عيد الميلاد» (إ.ب.أ)
وزير الداخلية الإيطالي سالفيني صرّح عشيّة دخول السفينة إلى المياه الإقليمية قائلاً إن المهاجرين بإمكانهم أن يبقوا على متن السفينة «حتى عيد الميلاد» (إ.ب.أ)
TT

اندلاع أزمة بين روما وبروكسل بسبب دخول سفينة إنقاذ المياه الإقليمية الإيطالية

وزير الداخلية الإيطالي سالفيني صرّح عشيّة دخول السفينة إلى المياه الإقليمية قائلاً إن المهاجرين بإمكانهم أن يبقوا على متن السفينة «حتى عيد الميلاد» (إ.ب.أ)
وزير الداخلية الإيطالي سالفيني صرّح عشيّة دخول السفينة إلى المياه الإقليمية قائلاً إن المهاجرين بإمكانهم أن يبقوا على متن السفينة «حتى عيد الميلاد» (إ.ب.أ)

دخلت عنتريّات وزير الداخلية الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتّيو سالفيني، ومواجهته الصدامية مع الشركاء الأوروبيين حول ملفّ الهجرة، مرحلة غير مسبوقة من التصعيد بعد أن قررت كارولا راكيتيه قائدة سفينة الإنقاذ «سي - ووتش 3» تجاهل قرار حكومة روما وتحدّي تحذيرات وزير الداخلية وتهديداته ودخلت المياه الإقليمية الإيطالية بسفينتها التي تحمل على متنها 42 مهاجراً أفريقياً بعد أن انتظرت الإذن بالرسوّ في أحد الموانئ الآمنة لأربعة عشر يوماً.
ولا تزال السفينة «سي - ووتش 3» التي تشغّلها منظمة «سي - ووتش» الإغاثية تنتظر في البحر حتى أمس (الخميس)، حيث ترفض الحكومة الإيطالية السماح لها بإنزال المهاجرين. وأكدت كارولا راكيتيه أنه حقٌّ عليها إنسانياً إنزال المهاجرين الموجودين على سفينتها منذ الثاني عشر من يونيو (حزيران). وقد اقتربت السفينة من جزيرة لامبيدوسا القريبة من صقلية، إلا أنها لم تدخل ميناءها.
وكتبت «سي - ووتش»، على موقع «تويتر»: «صباح الخير للاتحاد الأوروبي. لقد اتجهنا بها إلى المياه الإقليمية لإيطاليا لوجود ضرورة لذلك. وهناك بالفعل عناصر من خفر السواحل والجمارك على متنها. انتظرنا لليلة. ولكننا لن نستطيع الانتظار ليلة أخرى. لا يصح التلاعب بمصائر الناس».
وتوعد سالفيني بعدم السماح أبداً لأي شخص بالنزول من السفينة، وقال إنه يتعين نقل ركاب السفينة إلى ألمانيا وهولندا، حيث إن السفينة تحمل علميهما. وبهذا تكون السفينة في طريقها لأن تصبح أول هدف لمرسوم حكومي أصدره سالفيني. ويفرض المرسوم غرامات تتراوح بين عشرة آلاف و50 ألف يورو (56800 - 11360 دولاراً) على السفن التي لا تمتثل لأوامر الابتعاد عن المياه الإيطالية. وفي تغريدة له، قال سالفيني أمس، إنه سيكون سعيداً فقط في حالة ما إذا تمت مصادرة السفينة وإلقاء القبض على طاقمها. وكانت زوارق خفر السواحل الإيطالية قد اعترضت سفينة الإنقاذ وأوقفتها ساعات عند مدخل ميناء لامبيدوسا، فيما طلب وزير الداخلية من السلطات القضائية إصدار مذكرات توقيف بحق طاقم السفينة.
وهذه هي المرة الأولى التي ترفض إحدى سفن الإنقاذ التي تجوب المتوسط لمساعدة المهاجرين أوامر الحكومة الإيطالية وتتحدّى سياستها المتشددة التي اعتمدتها مؤخراً، بمبادرة وإصرار من وزير الداخلية، والتي تقضي بإحالة سفن الإنقاذ التي تدخل المياه الإقليمية من غير إذن إلى المحاكم الجنائية وفرض غرامات مالية باهظة عليها.
وكانت قبطان السفينة راكيتيه، وهي في الحادية والثلاثين من عمرها، قد اتخذت قرار الدخول إلى المياه الإقليمية الإيطالية متجهةً إلى ميناء جزيرة لامبيدوسا، بعد أن تدهورت الحالة الجسدية والنفسية للمهاجرين على متن سفينتها، وقالت: «قررت الدخول إلى الميناء. أعرف جيّداً ماذا ينتظرني، لكن 42 من الذين نجوا من الغرق على متن السفينة لم يعد بوسعهم التحمّل. أحملهم إلى الأمان، وأعقد الأمل على أن تتفهّم السلطات الأوروبية والإيطالية هذا الوضع».
وكان وزير الداخلية الإيطالي قد صرّح عشيّة دخول السفينة المياه الإقليمية، قائلاً إن المهاجرين بإمكانهم أن يبقوا على متن السفينة «حتى عيد الميلاد»، وأكد رفضه السماح بإنزالهم في الموانئ الإيطالية، لاجئاً إلى استخدام عبارات نابية تنمّ عن مدى استيائه واضطرابه عندما قال: «لن ينزل واحد منهم». وأضاف سالفيني عبر شريط فيديو على حسابه في «فيسبوك»، محذّراً القبطان «الطائشة»، وحكومتي هولندا وألمانيا (السفينة ترفع علم هولندا، والمنظمة ألمانية) والسلطات الأوروبية، من أنهم «يلعبون لعبة سياسية ويعرّضون حياة المهاجرين للخطر». ثم قال: «علينا أن نهتمّ بالإيطاليين الذين يقاسون الصعاب، وليس بثلاثة أرباع العالم الذي يريد أن يعيش على حساب الطليان. لن نستقبل المهاجرين غير الشرعيين».
وأعرب سالفيني عن رغبته في أن تتولّى الحكومة الهولندية أمر المهاجرين على متن السفينة، ووصف امتناع هولندا عن الرد أو التعليق بأنه «تصرف استفزازي وعدائي»، فيما طلب وزير الخارجية الإيطالي إينزو موافيرو، من سفيره لدى لاهاي أن يبادر فوراً إلى الطلب رسمياً من الحكومة الهولندية التدخل لمعالجة الوضع.
وليس معروفاً بعد المصير الذي ينتظر المهاجرين الذين وصفتهم المنظمة المالكة للسفينة في بيان بقولها: «ذنبهم أن منظمة غير حكومية هي التي أنقذتهم. عقابهم: المعاناة طوال أسابيع تحت شمس حارقة، منبوذين من أوروبا ومتروكين لمصيرهم».
وتجدر الإشارة إلى أن السفينة المذكورة كانت قد أنقذت 52 مهاجراً في عرض البحر بعد مغادرتهم السواحل الليبية في 12 الجاري، تمّ إخلاء عشرة منهم لأسباب صحية، ورفض طاقمها الانصياع لأوامر السلطات الإيطالية بإعادتهم إلى أحد الموانئ الليبية لاعتبارها غير آمنة وفقاً لتصنيف المفوضية الأوروبية. ويذكر أن تقارير الأمم المتحدة أكدت أن المهاجرين الذين يعبرون الأراضي الليبية يتعرّضون للعنف والتعذيب في مراكز الاعتقال، وأن هذه المراكز غالباً ما تشرف عليها ميليشيات ضالعة في الاتجار بالبشر.
وكانت محكمة العدل الأوروبية قد قررت الامتناع عن النظر في الدعوى التي تقدمت بها المنظمة غير الحكومية التي تملك السفينة، لاعتبارها أن وضع المهاجرين على متن السفينة ليس من الخطورة التي تقتضي إنزالهم على وجه السرعة، الأمر الذي فسّره سالفيني بأنه تأييد لموقفه.
أما المفوضية الأوروبية من جهتها فقد أعلنت أنها تُجري اتصالات مع الدول الأعضاء لتوزيع المهاجرين الذين ما زالوا على متن السفينة، لكنها أكدت أنه لا بد من إنزالهم إلى اليابسة قبل نقلهم إلى الدول التي توافق على استقبالهم.
ويقوم المئات من سكان الجزيرة منذ أيام باعتصامات سلمية يطالبون خلالها السلطات الإيطالية بالسماح بإنزال المهاجرين، في الوقت الذي توجّه وفد برلماني من المعارضة اليسارية عصر أمس (الخميس)، إلى لامبيدوسا لتفقّد الوضع والتضامن مع المهاجرين الذين ما زالوا على متن السفينة.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (رويترز)

شولتس: اللاجئون السوريون «المندمجون» مرحَّب بهم في ألمانيا

أكّد المستشار الألماني، الجمعة، أن اللاجئين السوريين «المندمجين» في ألمانيا «مرحَّب بهم»، في حين يطالب المحافظون واليمين المتطرف بإعادتهم إلى بلدهم.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي مدخل مخيم اليرموك الشمالي من شارع اليرموك الرئيسي (الشرق الأوسط)

فلسطينيو «اليرموك» يشاركون السوريين فرحة «إسقاط الديكتاتورية»

انتصار الثورة السورية والإطاحة بنظام بشار الأسد أعادا لمخيم اليرموك رمزيته وخصوصيته

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سوريون مقيمون في تركيا ينتظرون لدخول سوريا عند بوابة معبر جيلفي غوزو الحدودي في الريحانية في 12 ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بنظام الأسد (أ.ف.ب)

أطفال عائدون إلى سوريا الجديدة بعد سنوات لجوء في تركيا

تعود كثير من العائلات السورية اللاجئة في تركيا إلى الديار بعد سقوط الأسد، ويعود أطفال إلى وطنهم، منهم من سيدخل سوريا للمرة الأولى.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

المستشار الألماني لا يرغب في إعادة اللاجئين السوريين المندمجين جيداً

حتى عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن عدم رغبته في إعادة أي لاجئ سوري مندمج بشكل جيد في ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.